الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أحمد بنُ حنبلٍ: أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديثُ رافع بن خديجٍ.
وقال عليُّ بنُ الْمَدِيني: أصحُّ شيء في هذا البابِ حديثُ ثوبانَ، وشدادِ بن أوسٍ (1).
13 - باب تعجيل الإِفطار
388 (198) - عن سهل بنِ سَعْدٍ؛ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الناسُ بخير ما عجّلوا الفِطْرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2).
(1) ومن قوله: "وفي الباب
…
" إلى هنا هذا كله كلام الترمذي في "السنن" (3/ 145) وتمامه:
"وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، الحجامة للصائم. حتى أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بالليل، منهم أبو موسى الأشعري، وابن عمر. وبهذا يقول ابن المبارك".
قلت: نعم. صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم"، ولكنه منسوخ، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم، كما روى ذلك البخاري في "الصحيح "(4/ 174/ فتح).
وصح -أيضًا- عنه صلى الله عليه وسلم أنه أرخص في الحجامة للصائم، فدل على أن الحجامة كانت تفطر في أول الأمر، ثم نسخ ذلك، إذ الرخصة لا تكون إلا بعد العزيمة، كما قال ابن حزم رحمه الله:
"صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به؛ لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة، سواء كان حاجمًا أو محجومًا".
(2)
رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098).
وقال ابن دقيق العيد (2/ 232): "تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب مستحب باتفاق العلماء، ودليله هذا الحديث، وفيه دليل على الرد على المتشيعة الذين يؤخرون إلى ظهور النجم، ولعل هذا هو السبب في كون الناس لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر؛ لأنهم إذا أخروه كانوا داخلين في فعل خلاف السنة، ولا يزالون بخير ما فعلوا السنة". =
389 -
وعن أبي عَطِيّة (1) قال: دخلتُ أنا ومَسْرُوقٌ (2) على عائشةَ فقال لها مسروقٌ: رجُلان من أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كلاهُما لا يألُو عنِ
= قلت: لعل العلة في ذلك هو ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما رواه أبو داود (2353) عن أبي هريرة مرفوعًا:"لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون".
•• قال ابن حجر في "الفتح"(4/ 199): "من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعمًا ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة! ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة؛ لتمكين الوقت زعموا! فأخروا الفطر، وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان".
قلت: أما فى زماننا هذا ففد زادت هذه البدع المنكرة زيادة فاحشة -ولا حول ولا قوة إلا بالله- وإذا أراد الناس أن يعود لهم الخير، فليعودوا هم إلى سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، كما كان سلفهم الصالح، فقد:"كانت الصحابة رضي الله عنهم إذا خذلوا في أمر فتشوا على ما تركوا من السنة، فإذا وجدوه علموا أن الخذلان إنما وقع بترك تلك السنة" انظر "الإعلام" لابن الملقن (2/ 172/ ب). وانظر تعليقي على الحديث رقم (658) في "بلوغ المرام".
(1)
هو: الوادعي الهَمْداني -اختلف في اسمه- تابعي، كوفي، ثقة، كان من أصحاب ابن مسعود وشهد مشاهد عليّ رضي الله عنه، مات بالكوفة في ولاية مصعب بن الزبير، روى له الجماعة سوى ابن ماجة.
وحديثه المذكور هنا عندهم [رواه مسلم كما في التخريج، وأبو داود (2354)، والترمذي (702) والنسائي (4/ 114)].
(2)
هو: ابن الأجدع الهَمْداني؛ أبو عائشة الكوفي، يقال: إنه سرق وهو صغير، ثم وجد، فسمي مسروقًا، قال عنه العجلي في "الثقات" (1561):"تابعي، ثقة، وكان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون ويفتون، وكان يصلي حتى ترم قدماه".
وقال ابن حجر في "التقريب": "ثقة، فقيه، عابد، مخضرم". مات سنة اثنتين -وقيل: ثلاث- وستين، وروى له الجماعة.
الخيرِ (1). أحدُهما: يُعجِّلُ المغربَ والإفطارَ. والآخرُ: يُؤخِّرُ المغربَ والإفطارَ؟ فقالت: مَن يُعجِّلُ المغربَ والإفطارَ؟ قال: عبدُ الله. قالتْ: هكذا كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصنعُ. م (2).
390 -
عن أبي هريرة [رضي الله عنه](3) قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قالَ الله عز وجل: أحبُّ عبادِي إليّ أَعْجَلُهم فِطْرًا". ت حَسنٌ غَرِيبٌ (4).
391 (199) - عن عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أقبلَ الليلُ مِن هَاهُنا، وأدبرَ النَّهارُ مِن هَاهُنا (5)، فقدْ أفطرَ الصَّائِمُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (6).
(1) أي: لا يقصر عنه.
(2)
رواه مسلم (1099). وعبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه كما في رواية لمسلم، وزاد في أخرى:"والآخر أبو موسى".
(3)
زيادة من "أ".
(4)
ضعيف رواه الترمذي (700)، في سنده قرة بن عبد الرحمن، وقد ضعفه ابن معين وغيره.
(5)
زاد البخاري ومسلم: "وغربت (م: غابت) الشمس".
(6)
رواه البخاري -واللفظ له- (1954)، ومسلم (1100).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "قد أفطر الصائم" للعلماء فيه تفسيران مشهوران، أرجحهما هو ما رجحه إمام الأئمة ابن خزيمة في "صحيحه"(3/ 274)، إذ قال:
"هذه اللفظة: "فقد أفطر الصائم"، لفظ خبر ومعناه معنى الأمر، أي: فليفطر الصائم إذ قد حل له الإفطار. ولو كان معنى هذه اللفظة معنى لفظه، كان جميع الصوام فطرهم وقتًا واحدًا، ولم يكن لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"، ولقوله: "لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر"، معنى، ولا كان لقوله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تبارك وتعالى: أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرًا" معنى لو كان الليل إذا أقبل وأدبر النهار، وغابت الشمس كان الصوام جميعًا يفطرون، ولو كان=
14 -
باب في (1) كراهية الوصال
392 -
عن أنسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُواصِلُوا". قالُوا: إنَّك تُواصِلُ (2). قال: "لستُ كأحدٍ منكم (3)؛ إِنّي أُطْعَمُ، وأُسْقى"(4).
393 (200) - وعن عبد الله بنِ عُمر قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الوِصَالِ؟ قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ. قال: "إنِّي لستُ مِثْلَكُم؛ إنّي أُطْعَمُ، وأُسْقَى"(5).
394 -
وعن عَائِشةَ [رضي الله عنها](6) قالتْ: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الوصالِ؛ رحمةً لهم.
فقالُوا: إنَّك تُواصِلُ!
= فطر جميعهم في وقت واحد لا يتقدم فطر أحدهم غيره لما كان لقوله صلى الله عليه وسلم: "من وجد تمرًا، فليفطر عليه، ومن لم يجد، فليفطر على الماء" معنى، ولكن معنى قوله:"فقد أفطر"، أي: فقد حل له الفطر. والله أعلم". أهـ.
(1)
سقط حرف "في" من "أ".
(2)
المثبت من "أ"، وهي رواية البخاري، وفي "الأصل":"لتواصل".
(3)
في "أ": "كأحدكم"، وهي في بعض روايات البخاري.
(4)
رواه البخاري -واللفظ له- (1961)، ومسلم (1104). وزاد البخاري:، أو: إني أبيت أطعم وأسقى".
قلت: وهذا الشك هو من شعبة بن الحجاج رحمه الله كما قال الحافظ في "الفتح".
(5)
رواه البخاري (1962)، ومسلم (1102).
وقال المصنف في "الصغرى" عقب هذا الحديث: "رواه أبو هريرة، وعائشة، وأنس".
قلت: وأحاديثهم متفق عليها، فأما حديث أنس فهو السابق، وأما الآخران فهما التاليان.
(6)
زيادة من "أ".
قال: "إنِّي لستُ كَهَيْئَتِكُم؛ إنِّي يُطْعِمُنِي ربِّي ويَسْقِيني"(1).
395 -
وعن أبي هُريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوِصَالِ في الصَّومَ.
فقال له رجلٌ مِن المسلِمين: إنَّك تُواصِلُ يا رسولَ الله؟
قال: "وأيكُم مِثْلي؟ ".
قال: "إنّي أَبِيتُ يُطْعِمُني ربِّي، ويَسْقِيني"، فلمّا أَبَوْا أنْ ينتهُوا عن الوِصَالِ، واصَلَ بهم يومًا، ثم يومًا، ثم يومًا (2)، ثم رأَوُا الهِلالَ. فقال:"لو تأخَّرَ لزِدْتُكم"، كالتنكيل لهم، حين أَبَوْا أن يَنْتَهُوا (3).
متفقٌ على هذه الأحاديث الأربعة.
396 (201) - عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ رضي الله عنه؛ أنَّه سَمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لا تُواصِلُوا، فأيكُم أرادَ أنْ يُواصِلَ فليواصِلْ إلى (4) السَّحَرِ" قالوا: فإنَّك تُواصِلُ يا رسولَ الله. قال: "إني لستُ كَهَيْئَتِكُم؛ إنّي أَبِيتُ لي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وسَاقٍ يَسْقِيني". خ (5).
(1) رواه البخاري (1964)، ومسلم (1105).
(2)
كذا بالأصلين، وهذه اللفظة:"ثم يومًا"(الثالثة) زائدة على ما في "الصحيحين"، إذ فيهما:"واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأو الهلال".
(3)
رواه البخاري (1965)، ومسلم (1103).
(4)
في الصحيح: "حتى" بدل: "إلى".
(5)
رواه البخاري (1963 و 1967).
فائدة: هذا الحديث أورده المصنف رحمه الله في "الصغرى"(201) إلى قوله: "السحر"،=