الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - كتاب السبق
848 (415) - عن عبد الله بنِ عُمر رضي الله عنهما، قال: أجرى (1) النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما ضُمِّرَ مِن الخيل (2): مِن الحَفْياء إلى ثنيّةِ الوَدَاعِ، وأجرى ما لم يُضَمَّر من الثنيةِ إلى مسجدِ بني زُرَيق.
قال ابنُ عمر: وكنتُ فِيمن أجرى (3).
قال سُفيان: مِن الحَفْياء إلى ثنيةِ الوداعِ خمسةُ أميالٍ، أو سِتّةٌ. ومِن ثنيةِ الوَدَاع إِلى مسجدِ بني زُرَيق مِيلٌ (4).
(1) قوله: "أجرى"، أي: سابق، كما جاء في رواية مسلم، وأيضا عند البخاري (420).
(2)
وفي تضمير الخيل أقوال، منها ما قاله ابن الأثير في "النهاية" (3/ 99):"تضمير الخيل: هو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتًا؛ لتخف. وقيل: تشد عليها سروجها، وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها؛ فيذهب رهلُها، ويشتد لحمها".
وقال ابن الملقن في "الإعلام"(ج 4/ ق 127/ ب): "نقل الفاكهي عن أهل اللغة أن التضمير: أن تعلف حتى تسمن، ثم يرده إلى القوت - أي: فلا يعلف غيره - وذلك في أربعين يومًا، وهذه المدة تسمى المضمار، والموضع الذي يضمر فيه يسمى أيضًا مضمارًا، وهو بيت كنين، يجلل فيه؛ لتعرق ويجف عرقها، فيخف لحمها، وتقوى على الجري".
(3)
وفي رواية لمسلم قال ابن عمر: "فجئت سابقًا، فطفف بي الفرسُ المسجدَ". أي: جاوز بي المسجد؛ الذي كان هو الغاية، كما قال ابن حجر في "الفتح"(6/ 72).
وأما النووي فقال (13/ 19): "أي: علا ووثب إلى المسجد، وكان جداره قصيرًا، وهذا بعد مجاوزته الغاية؛ لأن الغاية هي هذا المسجد، وهو مسجد بني زريق، والله أعلم".
(4)
كذا قال سفيان، وأما موسى بن عقبة، فقال: بين الحفياء والثنية ستة أميال أو سبعة، وبين الثنية والمسجد ميل أو نحوه. رواه عنه البخاري (2870).
قلت: وقوله: "قال سفيان"، قال ابن الملقن في "الإعلام" (ج 4/ ق 126/ ب): "سفيان هذا هو: ابن عيينة بن ميمون العلامة الحافظ، شيخ الإِسلام، ومحدث الحرم، وترجمته موضحة فيما =
مُتَّفَقٌ عَلَيْه (1).
= أفردته في الكلام على رجال هذا الكتاب، فليراجع منه، وترجم الصعبي في رجال هذا الكتاب لسفيان هذا ولسفيان الثوري، فكأنه توقف في المراد، وليس كما توهم، فإنه ابن عيينة لا الثوري، كما قررناه، فتنبه لذلك". أهـ.
قلت: وهو وهم عن بن الملقن رحمه الله؛ فإنه الثوري لا ابن عيينة؛ فإن البخاري قال: "حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن عبيد الله
…
"، وليست لابن عيينة رواية عن عبيد الله في "الصحيح"، كما أن قبيصة - وهو: ابن عقبة- لا يروي عن ابن عيينة، ولكن يروي عن الثوري، وقد جزم المزي في "التحفة" (6/ 136) بأنه سفيان الثوري، وأيضًا الحافظ في "الفتح" (6/ 72)، وعزا الحديث لـ: "جامع الثوري".
تذييل: الصعبي هذا هو: عبد الغني بن محمَّد بن أبي الحسن؛ أبو محمَّد الصعبي المصري، كان رجلًا صالحًا، ولد يوم الخميس ثاني عشر من شهر صفر سنة (619 هـ)، وتوفي في جمادى الآخرة سنة (686 هـ)، له شرح لكتاب "عمدة الأحكام الصغرى"، وحدث عن ابن باقا، والعلم ابن الصابوني. وروى عنه البرزالي وابن سيد الناس.
استدراك: هذا ما كنت كتبته في الطبعة السابقة! والآن أقول:
بل هو: أمين الدين أبو محمَّد؛ عبد القادر بن محمَّد بن أبي الحسن بن علي بن عثمان، الصعبي نسبًا، المصري مولدًا، الشافعي مذهبًا. كما جاء في مقدمة كتابه "أسماء رجال العمدة"(ق 1/ أ) وله ترجمة أيضًا في "الوفيات" للبرزالي ص (234 - 235)، وقال عنه:"كان رجلًا فاضلًا من أهل الحديث والديانة"، وورّخ وفاته في ليلة الأحد العشرين من ذي الحجة سنة ثلاث عشر وسبعمئة.
قلت: وكتابه يقع في (117 ورقة)، وتاريخ نسخه في يوم الخميس 12 من المحرم سنة (767 هـ) وترجمته للسفيانين في ذلك الكتاب (ق 110/ ب: ق 111/ ب).
وأخيرًا: أقول لذلك الحرامي الذي سرق كتابي "العمدة في الأحكام" أن يصحح هذه المعلومة! فإنه كان سرقها من هنا- على ما كان فيها من خطإ - ووضعها في مقدمة طبعته المسروقة!! ص (23).
(1)
رواه البخاري -واللفظ له- (2868)، ورواه مسلم (1870) بنحوه، ولم يرو قول سفيان أصلًا. وانظر "البلوغ"(1314).
تنيه: زاد المصنف رحمه الله في "الصغرى" حديثًا واحدًا، انظره في هامش ص (499).
849 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "لا سَبَقَ إلا في خفٍّ، أو حَافِرٍ، أو نَصلٍ". د (1).
850 -
عن عِمْران بنِ حصين رضي الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ". وفي لفظٍ: "في الرِّهانِ". د (2).
(1) صحيح. رواه أبو داود (2574)، وانظر "بلوغ المرام"(1316 بتحقيقي).
قال الخطابي في "معالم السنن"(2/ 220 - 221):
"السبق: بفتح الباء، هو ما يجعل للسابق على سبقه من جعل أو نوال. فأما السبق: بسكون الباء، فهو مصدر سبقت الرجل أسبقه سبقًا، والرواية الصحيحة في هذا الحديث السبق مفتوحة الباء، يريد أن الجعل والعطاء لا يستحق إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل وهو الرمي؛ وذلك لأن هذه الأمور عدة في قتال العدو، وفي بذل الجعل عليها ترغيب في اجهاد وتحريض عليه.
ويدخل في معنى الخيل البغال والحمير؛ لأنها كلها ذوات حوافر، وقد يحتاج إلى سرعة سيرها ونجائها؛ لأنها تحمل أثقال العساكر، وتكون معها في المغازي.
وأما السباق بالطير، والزجل بالحمام، وما يدخل في معناه مما ليس من عدة الحرب، ولا من باب القوة على الجهاد، فأخذ السبق عليه قمار محظور لا يجوز". أهـ.
(2)
حديث صحيح بشواهده.
فحديث عمران:
رواه أبو داود (2581)، والترمذي (1123)، والنسائي (6/ 111 و 228)، وأحمد (4/ 429) من طريق الحسن البصري، عن عمران، ولا علة له إلا عنعنة الحسن.
ورواه الطبراني في "الكبير"(18/ 547/ 219) ضمن حديث طويل من طريق حبيب بن أبي فضالة المكي، عن عمران.
ورواه أيضًا (18/ 606/ 242) من طريق ورجاء بن حيوة، عن عمران بن حصين، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلب والجنب
…
وله لشاهد من حديث عبد الله بن عمرو:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه أحمد (2/ 180 و 216)، وابن الجارود (1052) من طريق محمَّد بن إسحاق، حدثني عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهذا سند حسن.
وآخر من حديث أنس.
رواه عبد الرزاق (6690)، وعنه أحمد (3/ 197) عن معمر، عن ثابت، عنه به.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
قلت: والجلب والجنب يكون في الزكاة، وفي السباق، فالجلب في السباق، قال عنه ابن الأثير (1/ 281):"هو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره، ويجلب عليه، ويصيح؛ حثًا له على الجري، فنهي عن ذلك".
وقال عن "الجنب"(1/ 303): "أن يجنب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب".
وقد أسند أبو جعفر الطحاوي تفسير هذا الحديث عن إمامين كبيرين هما. مالك بن أنس، والليث ابن سعد، فقال في "مشكل الآثار"(5/ 153 - 154).
"ولا اختلاف بين أهل العلم أن المراد بذلك هو النهي عن هذين المعنيين المذكورين في هذه الآثار في السَّبق بما يجوز السبقُ بمثله.
وقد رُويَ في ذلك عن مالك، وعن الليث بن سعد:
ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا عبد الله بن وَهْب، قال: سُئِلَ مالك بن أنس: هل سمعتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا جَلَبَ ولا جَنَبَ؟ "، وما تفسيرُ ذلك؟
قال: لم يبلُغْني ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتفسيرُ ذلك: أن يُجْلَبَ وراءَ الفرس حين يُدْبِر ويحرَّك وراءهُ الشيءُ يستحثُّ به، فيَسبِق، فذلك الجَلَبُ.
والْجَنَب: أن يُجْنَبَ مع الفرس الذي يُسابق به فرسٌ آخر حتى إذا دنا من الغاية تحوَّل صاحبه على الفرس الْمجْنُوب.
وما ذكره يونس، عن ابن وهب قال: قال الليث في تفسير: "لا جَلَبَ"، قال: أن يجلب وراء الفرس في السباق. و"الجنب": أن يكون إلى جنبه يهتفُ به للسباق.
ولا نعلم في ذلك قولًا غير هذين القولين اللذَيْن ذكرناهما في هاتين الروايتين.
فأمّا الجلبُ: فقد اتفق مالك والليثُ على المراد به ما هو؟ فقال فيه كلُّ واحدٍ منهما في هاتين الروايتين ما ذكرناه عنه فيهما. =
851 -
عن أبي هُريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أدخَلَ فرسًا بين فرسينِ -يعني: وهو لا يُؤْمَنُ أن يُسْبَقَ- فليسَ بقِمَارٍ، ومَنْ أدخلَ فرسًا بين فرسَيْن، وقد أَمِنَ أنْ يُسبَق، فهو قِمَارٌ". في (1).
= والواجب في ذلك استعمالُ التأويلين جميعْا ليُحيط مستعمِلُهما علمًا أنه لم يدخل فيما قد نهاه عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى نسألُه التوفيق".
(1)
ضعيف. رواه أبو داود (2579) من طريق سفيان بن حسين، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.
قلت: سفيان بن حسين ضعيف في الزهريّ، كما هو معروف، وأغلب ظني أن هذا من كلام سعيد ابن المسيب.
فقد رواه مالك في "الموطأ"(2/ 468/ 46) عن يحيى بن سعيد؛ أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ليس برهان الخيل بأس إذا دخل فيها محلل، فإن سَبق أخذ السبق، وإن سُبق لم يكن عليه شيء. فلعل هذا هو أصل الحديث، والله أعلم.
ثم رأيت أبا حاتم قال في "العلل"(2/ 252/ رقم 2249):
"هذا خطأ. لم يعمل سفيان بن حسين بشيء! لا يشبه أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسن أحواله أن يكون عن سعيد بن المسيب قوله. وقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد قوله".
وقال الحافظ في "التلخيص"(4/ 163):
"قال ابن أبي خيثمة. سألت ابن معين عنه؟ فقال: هذا باطل، وضرب على أبي هريرة. وقد غلَّط الشافعيُّ سفيان بنَ حسين في رواية عن الزهريّ عن سعيد عن أبي هريرة حديث: "الرجل جبار"، وهو بهذا الإسناد أيضًا".