الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة التحريم
مدنية بالإجماع، وآيها: اثنتا عشرة آية، وحروفها: ألف ومئة وستون حرفًا، وكلمها؛ مئتان وسبع وأربعون كلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(1)}
.
[1]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خلا بسُرِّيته مارية القبطية التي أهداها إليه المقوقس ملك مصر في بيت حفصة، وقد مرت لزيارة أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاءت حفصة، فوجدتهما، فأقامت خارج البيت حتى أَخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مارية، وذهبت، فدخلت حفصة غَيْرى متغيرة، فقالت: يا رسول الله! أما كان في نسائك أهون عليك مني؟ في بيتي وعلى فراشي! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم متراضيًا لها: "هي حرامٌ عليَّ"، وقال مع ذلك:"والله لا أطؤها أبدًا، فلا تخبري عائشة"، وقال:"أبوك وأبو عائشة الخليفتان بعدي"(1)، ثم إن حفصة رضي الله عنها قرعت
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12640)، والدارقطني في "سننه"(4/ 153)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما باختلاف يسير.
الجدار الذي بينها وبين عائشة، وأخبرتها لتسرها بالأمر، ولم تر في إفشائها إليها حرجًا، واستكتمتها، فأوحى الله بذلك إلى نبيه ونزل:
{يَاأَيُّهَا النَّبِيّ} (1) تقدم مذهب نافع في المد والهمز في أول سورة الطلاق.
{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} .
وقيل: شرب عسلًا عند حفصة، فواطأت عائشة سودة وصفية، فقلن له: إنا نشم منك ريحَ المغافير (2) -وهو صمغ له ريح منكرة، وكان صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يُشم منه ما يكره، فحرم العسل، فنزلت.
قال ابن عطية (3): والقول الأول أن الآية نزلت بسبب مارية أصحُّ وأوضح، وعليه تفقه الناس في الآية (4).
فإذا قال الرجل لزوجته: أنت عليَّ حرام، أو ما أحلَّ اللهُ عليَّ حرامٌ، فقال أبو حنيفة: هو ما أراد من الطلاق، فإن لم يرد الطلاق، فليس بشيء، وقال مالك: هو ثلاث في المدخول بها، وينوي في غير المدخول بها، فهو ما أراد من الواحدة أو الاثنتين أو الثلاث، ومتى حرم مالًا أو جارية دون أن يعتق، أو يشترط عتقًا أو نحو ذلك، فليس تحريمه بشيء، وقال الشافعي: إن نوى طلاقًا أو ظهارًا، حصل، أو نواهما، تخير، وثبت ما اختاره، وإن
(1) انظر: "تفسير البغوي"(4/ 424).
(2)
رواه البخاري (4628)، كتاب: التفسير، باب:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ، ومسلم (1474)، كتاب: الطلاق، باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
انظر: "المحرر الوجيز"(5/ 330).
(4)
"في الآية" زيادة من "ت".