الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخيط إذا رَقَيْن. قرأ رويس عن يعقوب بخلاف عنه: (النَّافِثَاتِ) بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها، وقرأ روح عن يعقوب أيضًا بخلاف عنه:(النُّفَاثَاتِ) بضم النون [وتخفيف الفاء جمع نُفاثة، وهو ما أنفثته من فيك، وقرأ الباقون: بتشديد الفاء وفتحها وألف بعدها من غير ألف بعد النون (1)، وأجمعت المصاحف على حذف الألفين، فاحتملتها](2) القراءات، والكلُّ مأخوذ من النفث، وهو شبهُ النفخ يكون في الرقية، ولا ريقَ معه، فإن كان معه ريق، فهو الثفل، يقال منه: نفث الراقي ينفُث وينفِث -بالضم والكسر-، فالنفاثات في العقد -بالتشديد-: السواحر على مراد تكرار الفعل والاحتراف به، والنفاثات تكون للدفعة الواحدة من الفعل ولتكراره أيضًا، فالقراءات كلها ترجع إلى شيء واحد، ولا تخالف الرسم.
* * *
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
(5)}
.
[5]
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} أظهر حسده، وعمل بمقتضاه، والحسد أخبثُ الطبائع، وهو تمني زوال النعمة عن مستحقها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا.
قال صلى الله عليه وسلم: "الحسدُ يأكلُ الحسنات كما تأكلُ النارُ الحطبَ"(3).
(1) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 404 - 405)، و"معجم القراءات القرآنية"(8/ 277).
(2)
ما بين معكوفتين زيادة من "ت".
(3)
رواه أبو داود (4903)، كتاب: الأدب، باب: في الحسد، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وإسناده ضعيف. انظر:"فيض القدير" للمناوي (3/ 125).
وقد روي عن الله عز وجل أنّه قال: "الحاسدُ مُضادٌّ لقضائي، جاحِدٌ لنَعْمائي"(1).
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما رأيت ظالمًا أشبهَ بمظلومٍ من الحاسد، غَمٌّ دائم، ونفسٌ متتِابع"(2).
وأول ذنب عُصي الله تعالى به في السَّماء: حسدُ إبليس لآدم، فأخرجه من الجنَّة، فطرد (3)، وصار به شيطانًا رجيمًا، وفي الأرض: حسدُ قابيل لأخيه هابيل، فقتله.
وعين الحاسد في الأغلب لا تضر، قال بعضهم: كلّ أحد يمكن أن ترضيه إِلَّا الحاسد؛ فإنّه لا يُرضيه إِلَّا زوالُ النعمة عنك.
وأنشد بعضهم:
فَكُلٌّ أُداريهِ على حسبِ حالِهِ
…
سِوى حاسدٍ (4) فَهْيَ الّتي لا أَنالُها
وكيفَ يُداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ
…
إذا كانَ لا يُرضيه إِلَّا زَوالهُا
قال الحسين بن الفضل: ذكر الله تعالى الشرور في هذه السورة، ثمّ ختمها بالحسد؛ ليظهر أنّه أخس طبع (5).
(1) ذكره الحكيم التّرمذيّ في "نوادر الأصول"(4/ 19)، عن وهب بن منبه.
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6635) لكن عن الخليل بن أحمد.
(3)
"فطرد" زيادة من "ت".
(4)
في "ت": "حاسدي".
(5)
انظر: "تفسير الثعالبي"(4/ 453).
[قال صلى الله عليه وسلم: "لَّا حسدَ إِلَّا في اثنتين: رجلٍ أتاه الله مالًا، فسَلَّطَهُ على هلكته في الحق، ورجلٍ آتاه الله حكمةً، فهو يقضي بها، ويُعَلِّمُها" (1)](2).
وروي أن المراد بالحاسد إذا حسد: اليهود؛ فإنهم كانوا يحسدون النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
* * *
(1) رواه البخاريّ (73)، كتاب: العلم، باب: الاغتباط في العلم والحكمة، ومسلم (816)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(2)
ما بين معكوفتين زيادة من "ت".