الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
(3)}
.
[3]
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد، حامدًا له عليه {وَاسْتَغْفِرْهُ} ترجية عظيمة للمستغفرين.
{إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} لمن استغفر، فإنك حينئذ (1) لاحق به، وذائق الموت كما ذاق مَنْ قبلك من الرسل، وعند الكمال يُترقب الزَّوال.
قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: "لما نزلت هذه السورة، علم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قد نُعيت إليه نفسه"(2)، وكان صلى الله عليه وسلم بعد نزولها يكثر من قول: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله وأتوب إليه (3)، فعاش بعدها سنتين، لم يُرَ ضاحكًا مستبشرًا (4)، وحج صلى الله عليه وسلم فنزل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فعاش أحدًا وثمانين يومًا، فنزل:{يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176]، فعاش خمسين يومًا، فنزل:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، فعاش خمسة وثلاثين يومًا، فنزل:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، فعاش أحدًا وعشرين يومًا، وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل، وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، ودفن ليلة الأربعاء في سنة إحدى عشرة من الهجرة الشريفة، وكان مرضه ثلاث عشرة
(1)"حينئذ" ساقطة من "ت".
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 344). وروى البخاريّ (4685) من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما نحوه.
(3)
رواه مسلم (484)، كتاب: الصّلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
ذكره الثعلبي في "تفسيره"(10/ 321) عن مقاتل.
ليلة، ودفن في الموضع الّذي توفاه الله فيه، وله ثلاث وستون سنة، ولم يترك درهمًا ولا دينارًا.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "لما كانَ اليومُ الّذي دخلَ فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعني: المدينة أضاء منها كلُّ شيء، فلما كان اليوم الّذي مات فيه، أظلمَ منها كلُّ شيء صلى الله عليه وسلم"(1) وشَرَّفَ وكَرَّم.
* * *
(1) رواه التّرمذيّ (3618)، كتاب: المناقب، باب: في فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: صحيح، وابن ماجه (1631)، كتاب: الجنائز، باب: ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، وابن حبّان في "صحيحه"(6634)، وغيرهم.