الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
(5)}
.
[5]
ثم ذكر قصة موسى؛ لأن قومه آذوه في الجهاد، وامتنعوا منه؛ كما أن المنافقين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى:{وإِذْ} أي: واذكر إذ.
{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} من بني إسرائيل.
{يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي} بالتكذيب والقذف بما ليس فيَّ. اتفق القراء على إثبات الياء في الحالين في (تُؤْذُوننَي) و (بِرَسُولٍ يَأْتِي).
{وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} والرسول يجب احترامه، و (قَدْ) لتحقيق العلم.
{فَلَمَّا زَاغُوا} مالوا عن الحق. قرأ حمزة: (زَاغُوا) بالإمالة (1).
{أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} أمالها عن الإيمان والخير.
{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين} الذين سبق في علمه فسقُهم.
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ
(6)}
.
[6]
{وَإِذْ} أي: واذكر إذ {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} ولم يقل:
(1) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 415)، و"معجم القراءات القرآنية"(7/ 137).
يا قوم؛ لأنه لم يكن له في بني إسرائيل قرابة.
{إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا} أي: في حال تصديقي.
{لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، و (أَحْمَدُ) هو الذي حمدُه لربه أفضلُ من حمد الحامدين غيره، وهو الذي يحمده أهل الدنيا وأهل الآخرة، وأهل السماء والأرض، فلكثرة خصائله المحمودة التي تفوق عددَ العادِّين سمي باسمين من أسماء الحمد، يقتضيان التفضيل والزيادة في القدر والصفة، فدل أحد الاسمين وهو محمد على كونه محمودًا، ودل الاسم الثاني وهو أحمد على كونه أحمد الحامدين لربه، وأن الحمد الذي يستحقه أفضلُ مما يستحقه غيره، وقد أكرمه الله سبحانه بهذين الاسمين المشتقين من اسمه جل وعلا، وتقدم تفسير محمد في سورة (آل عمران)، وفي (الأحزاب)، ولم يُسم بأحمد أحدٌ غيره، ولا دُعي به مدعو قبله، وكذلك محمد أيضًا لم يُسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قُبيل وجوده -عليه ابسلام- وميلاده: أن نبيًّا يبعث اسمه محمد، فسمى قوم قليل من العرب أبناهم بذلك؛ رجاء أن يكون أحدهم هو، وهم: محمد بن أُحيحة بن الجلاج الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمدان الجعفي، ومحمد بن خزاعي السلمي، لا سابع لهم (1)، ثم حمى الله كلَّ من تسمى به أن يدَّعي النبوة أو يدَّعيها أحدٌ له، أو يظهر
(1) انظر: "تفسير الثعالبي"(4/ 297)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 556).