الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(14)}
.
[14]
ونزل فيمن منعه أزواجه وأولاده عن الهجرة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} (1) أن تطيعوهم في ترك الهجرة، و (مِنْ) تبعيض؛ لأن منهم من ليس بعدو لكم.
{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هذا فيمن لم يهاجر، ورأى من سبقه قد فقه في الدين، فهم أن يعاقب زوجته وولده، فأمره بالعفو والصفح.
{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
(15)}
.
[15]
ثم أخبر تعالى أن الأموال والأولاد فتنة تشغل المرء عن مراشده، وتحمله من الرغبة في الدنيا على ما لا يحمده في الآخرة بقوله:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة} اختبار.
{وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} لمن آثر محبته على محبة المال والأولاد.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(16)}
.
[16]
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة حتى جاء الحسن
(1) انظر: "تفسير البغوي"(4/ 410).
والحسين عليهما قميصان أحمران يجرانهما، يَعْثُران ويَقُومان، فنزل صلى الله عليه وسلم عن المِنْبَرِ حتى أَخَذَهُمَا، وصَعِدَ بهما، وقال:"صدق الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} وقال: إني رأيت هذين، فلم أصبر"، ثم أخذ في خطبته، قال ابن عطية (1): وهذه ونحوها هي فتنة الفضلاء، فأما فتنة الجهال والفسقة، فمؤدية إلى كل فعل مهلك (2)، وجيء بـ (إنما) للحصر؛ لأن جميع الأموال والأولاد فتنة؛ لأنه لا يرجع إلى مال أو ولد إلا وهو مشتمل على فتنة واشتغال قلب.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أطقتم، وهذه الآية ناسخة لقوله:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].
{وَاسْمَعُوا} ما أُمرتم به سماعَ قبول {وَأَطِيعُوا} الله ورسوله.
{وَأَنْفِقُوا} المالَ في الطاعة، وآتوا {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} أي: افعلوا ما هو خير لها.
{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} تقدم تفسيره في سورة الحشر.
(1) انظر: "المحرر الوجيز"(5/ 320).
(2)
رواه أبو داود (1109)، كتاب: الصلاة، باب: الإمام يقطع الخُطبة للأمر يحدث، والنسائي (1412)، كتاب: الجمعة، باب: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، والترمذي، (3774)، كتاب: المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين، وقال: حسن غريب، وابن ماجه (3600)، كتاب: اللباس، باب: لبس الأحمر للرجال، من حديث بريدة رضي الله عنه.