الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَابت بن الدحداح، وَقد ذكرنَا أَسَانِيد مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِي رحمه الله فِي كتاب السّنَن.
وَفِي سُؤال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -
عَن وَارثه، (وجوابهم لَهُ) دلَالَة على أَنه لم يكن لَهُ وَارِث، وَأَن رَسُول الله
صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا دفع الْمِيرَاث لِابْنِ أُخْته على طَرِيق الْمصلحَة.
كَمَا رُوِيَ عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه وَغَيره " أَن رجلا توفّي من خُزَاعَة، فَأتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
بميراثه، فَقَالَ: انْظُرُوا هَل من وَارِث فالتمسوه، فَلم يَجدوا لَهُ وَارِثا، فَأخْبر بِهِ النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -:
ادفعوه إِلَى أكبر خُزَاعَة ".
وَهَذَا إِنَّمَا دَفعه إِلَيْهِ على طَرِيق الْمصلحَة، لَا بالتوريث، فَكَذَلِك فِي قصَّة ابْن الدحداح إِن كَانَ صَحِيحا، وَالله أعلم.
وَلَا حجَّة لَهُم فِي حَدِيث سعد بن أبي وَقاص بقوله: " وَلَا يَرِثنِي إِلَّا ابْنة لي "، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَن يتَصَدَّق بِأَكْثَرَ
مَاله، إِذْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنة وَاحِدَة، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَن ابْنَته تَرث جَمِيع مَاله، فقد كَانَ لسعد بَنو أعمام من بني زهرَة يَرِثُونَ بَقِيَّة مَاله بِالْإِجْمَاع، فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على جَوَاز رده على الْبِنْت.
وتوريث ذَوي الْأَرْحَام خلاف فِي الصَّحَابَة، رضي الله عنهم وَمن قَالَ بتوريثهم قدموهم على الموَالِي، إِلَّا فِي رِوَايَة ضَعِيفَة عَن عَليّ، رضي الله عنه.
والعراقيون يقدمُونَ الموَالِي على ذَوي الْأَرْحَام، وَلَيْسَ لَهُم أثر صَحِيح فِي ذَلِك. وَالله أعلم.
وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن خَارِجَة بن زيد قَالَ: " رَأَيْت أبي يَجْعَل فضول المَال فِي بَيت المَال، وَلَا يرد على وَارِث شَيْئا ".
وَعَن سُوَيْد بن غَفلَة عَن عَليّ رضي الله عنه: " أَنه سُئِلَ عَن امْرَأَة تركت زَوجهَا وَأمّهَا، فَجعل لزَوجهَا النّصْف، ولأمها الثُّلُث، ثمَّ رد مَا بَقِي على أمهَا.
وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " كَانَ عَليّ رضي الله عنه يرد على كل وَارِث الْفضل بِحِصَّة مَا يُورث غير " الْمَرْأَة وَالزَّوْج ".
وَعَن مَسْرُوق قَالَ: " أُتِي عبد الله فِي إخْوَة لأم وَأم، فَأعْطى الْإِخْوَة من الْأُم الثُّلُث، وَأعْطى الْأُم سَائِر المَال، وَقَالَ: الْأُم عصبَة
من لَا عصبَة لَهُ. وَكَانَ لَا يرد على الْإِخْوَة لأم مَعَ أم، وَلَا على ابْنة ابْن مَعَ بنت الصلب، وَلَا على أُخْت لأَب مَعَ أُخْت لأَب وَأم، وَلَا على امْرَأَة، وَلَا على جدة، وَلَا على زوج ".
وَعَن جَابر بن زيد " أَن امْرَأَة هَلَكت / وَلم يعلم لَهَا وَارِث، وَلَا عصبَة، وَلها زوج، فَقضى عَليّ رضي الله عنه أَن لزَوجهَا مَالهَا ".
وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " أُتِي زِيَاد فِي رجل ترك عمته وخالته، قَالَ: هَل تَدْرُونَ كَيفَ قضى عمر فِيهَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم النَّاس بِقَضَاء عمر رضي الله عنه فِيهَا، جعل الْعمة بِمَنْزِلَة الْأَخ، وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُخْت، فَأعْطى الْعمة الثُّلثَيْنِ، وَالْخَالَة الثُّلُث ".
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحسن، وَجَابِر بن زيد، وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ:" أَن عمر رضي الله عنه جعل للعمة الثُّلثَيْنِ، وللخالة الثُّلُث ".
وَقد روينَا عَن عمر رضي الله عنه بِخِلَاف هَذَا فِي رِوَايَة الْمَدَنِيين عَنهُ، وَهِي أصح، فهم أهل بلدته، وَأعرف بقضاياه من غَيرهم.
وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق عَن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: " الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم، والعمة بِمَنْزِلَة الْأَب، وَابْنَة الْأَخ بِمَنْزِلَة الْأَخ، وكل ذِي رحم بِمَنْزِلَة الرَّحِم الَّذِي يَلِيهِ إِذا لم يكن وَارِث ذُو قرَابَة ".
وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله فِيمَا بلغه عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ:" كَانَ عمر وَعبد الله رضي الله عنهما يورثان الْأَرْحَام دون الموَالِي "، قَالَ:" وَكَانَ عَليّ رضي الله عنه أَشَّدهم فِي ذَلِك "، قَالَ الشَّافِعِي، رَحمَه الله تَعَالَى:" وَلَيْسوا يَقُولُونَ بِهَذَا إِذا لم يكن أهل فَرَائض مُسَمَّاة، وَلَا عصبَة ورثنا الموَالِي ".
وَرُوِيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن حَيَّان الْجعْفِيّ، قَالَ:" كنت عِنْد سُوَيْد بن غَفلَة، فَأتي فِي ابْنة، وَامْرَأَة، وَمولى، فَقَالَ: كَانَ عَليّ رضي الله عنه يُعْطي الِابْنَة النّصْف، وَالْمَرْأَة الثّمن، وَيرد مَا بَقِي على الْبِنْت ".
فَهَذِهِ رِوَايَة مَوْصُولَة عَن عَليّ رضي الله عنه بِخِلَاف مَا قَالُوا، وَإِنَّمَا رُوِيَ مثل مَذْهَبهم عَن عَليّ رضي الله عنه من رِوَايَة قطر،
وَالْحسن بن عمَارَة عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن عَليّ رضي الله عنه مُنْقَطِعًا. وَعَن مُحَمَّد بن سَالم عَن الشّعبِيّ مُنْقَطِعًا عَن عَليّ رضي الله عنه. وَعَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: " رَأَيْت الْمَرْأَة الَّتِي ورثهَا عَليّ رضي الله عنه فَأعْطى الْبِنْت النّصْف، والموالي النّصْف "، وَهَذِه الْمَرْأَة مَجْهُولَة.
وَالرِّوَايَة الموصولة عَن عَليّ رضي الله عنه بِخِلَاف ذَلِك. وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بزعمهم أعرف بِمذهب عَليّ، وَعبد الله رضي الله عنه من غَيره، وَقد روى عَنْهُمَا تقديمهما الرَّد، وتوريث ذَوي الْأَرْحَام على الموَالِي.
والعراقيون يخالفونهما فِي ذَلِك، ويخالفون زيدا وَعمر بن الْخطاب رَضِي رضي الله عنهما فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن - عمر رضي الله عنهما وَهِي