الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: إذا حاضتِ المرأةُ بعد ما أفاضَتْ
1013 -
(1762) - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نُرَى إِلَاّ الْحَجَّ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَحَاضَتْ هِيَ، فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي؟ قَالَ: "مَا كنْتِ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ "، قُلْتُ: لَا. قَالَ: "فَاخْرُجِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا". فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ صَفِيّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ "، قَالَتْ: بَلَى، قَالَ:"فَلَا بَأْسَ، انْفِرِي". فَلَقِيتُهُ مُصْعِداً عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدةٌ، وَهُوَ مُنْهَبِطٌ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْتُ: لَا. تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فِي قَوْلِهِ: لَا.
(فلما كان ليلةُ الحصبة ليلةُ النفر): أي: من منى إلى مكة، برفعهما جميعاً على أن "كان" تامة (1)، وليلةُ الحصبة فاعلُها، وليلةُ النفر بدل، أو خبر مبتدأ مضمر.
قال الزركشي: وجوز رفع الأولى، ونصب الثانية، وعكسه (2).
(1) في "ج": "التامة".
(2)
انظر: "التنقيح"(1/ 412).
قلت (1): لم يبين وجهه.
قلت (2): ولا يمكن أن يكون نصب ليلة النفر على أنها خبر كان؛ إذ لا معنى له، وإنما كان تامة - كما مر -، وليلةُ الحصبة فاعلُها، وليلةُ النفر (3) منصوب بمحذوف؛ أي: أعني ليلةَ النفر، وأما نصب الأولى ورفع الثانية، فوجهه أن تجعل "كان (4) " ناقصة، واسمها ضمير يعود إلى الرحيل المفهوم من السياق، وليلة الحصبة خبرها، وليلة النفر خبر مبتدأ مضمر؛ أي: هي ليلة النفر.
(عقرى حلقى): سبق ضبطه.
قال الزركشي: وفيه توبيخُ الرجلِ أهلَه على ما يدخل على الناس بسببها، كما وبَّخَ الصدِّيقُ عائشة (5) في قصة العِقْد (6).
قلت: تبع ابنَ بطال، بل أخذ كلامه برُمَّته (7)، ورده ابن المنير بأنه لا يمكن أن يحمل على التوبيخ؛ لأن الحيض ليس من صنعها (8)، وقد جاء في الحديث الآخر:"إنَّ هَذَا الأَمرَ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَنَاتِ آدَمَ"(9).
(1)"قلت" ليست في "ع".
(2)
"قلت "ليست في، "ج".
(3)
في "ج": "النصف".
(4)
في "ج": "كأنه".
(5)
في، "ج":"عامة".
(6)
انظر: "التنقيح"(1/ 412).
(7)
انظر: "شرح ابن بطال"(4/ 428).
(8)
في "ع": "لأن الحيض من منعها".
(9)
رواه البخاري (294).
وإنما هذا القول يجري على سبيل التعجب، ودعامة لكلام العرب من غير قصدٍ.
قال: وتأملت من ذلك أنه لابدَّ لإمامِ الحاجِّ وأميرِهم أن يحسب حسابَ الحُيَّضِ من حواجِّ أهلِ الآفاق؛ لأنه إن (1) لم يفعل ذلك، وقع أحد أمرين: إما تفويتهن (2) طوافَ الإفاضة، وإما تركهن بمضيعة، فرأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم عمل على سلامة المسلمين من ذلك؛ لأنه أقام من (3) يوم النحر سبعة أيام، ثم ارتحل.
وفي قوله: "لا يُقِيمَنَّ مُهَاجِرٌ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ"(4) دليلٌ على ذلك؛ لأن النسك ينقضي بانقضاء أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام منضمة إلى يوم النحر، يكون أربعة وثلاثة بعدها، فالمجموعُ سبعة، وغالبُ حيضِ النساء ست أو (5) سبع، فأضيق (6) ما يفرض للحائض أن تحيض يوم النحر قبل طواف الإفاضة، فما يقع الرحيل إلا وقد طهرت غالباً، أو أمكنها الطواف ناجزاً، فعلى هذا - والله أعلم - ترتب الأمر حينئذٍ.
(فلقيه (7) مصعداً على أهل مكة، وأنا منهبطة، أو أنا مصعدة وهو
(1)"إن" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "إما أن تنوبهن".
(3)
في "ج": "عن".
(4)
رواه مسلم (1352) عن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه بلفظ: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً".
(5)
في "ج": "و".
(6)
في "ج": "فأضبط".
(7)
نص البخاري: "فلقيته".