الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا على سبيل الكناية.
قال: وكني بهذا اللفظ الدال على معنى القبح استهجانًا لما وجد منهم قبل الإباحة، كما سماه اختيانًا لأنفسهم، وعُدِّي (1) الرفثُ بإلى (2)؛ لتضمنه معنى الإفضاء (3).
باب: قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]
.
1099 -
(1916) - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِم رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ، وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ، فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:"إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ".
(حُصَين بن عبد الرحمن): بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة أيضًا، على التصغير.
(لما نزلت (4): {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ
(1) في "ع": "وعد".
(2)
في "ج": "بإلى يعد".
(3)
انظر: "الكشاف"(1/ 256 - 257).
(4)
"لما نزلت" ليست في "ع".
الْفَجْرِ (1)} [البقرة: 187] عمَدت إلى عقال): - بفتح الميم - من عَمَدْتُ، والعقالُ: الخيط (2)، وباقي الحديث يأتي في التفسير، لكن حديثَ عدي يقتضي نزول قوله تعالى:{مِنَ الْفَجْرِ} متصلًا بقوله: {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} .
وحديثُ سهلِ بن سععد الآتي بعدُ صريحٌ في أنه لم ينزل إلا منفصلًا (3)، فإن حمل الحديثان على واقعتين في وقتين، فلا إشكال، وإلا، احتمل أن يكون حديث عديٍّ متأخرًا عن حديث سهل (4)؛ فإنما سمع الآية مجردة، فحملها (5) على ما وصل إليه فهمُه حتى تبينَ له الصواب، وعلى هذا يكون {مِنَ الْفَجْرِ} متعلقًا بـ:{يَتَبَيَّنَ} ، وعلى مقتضى حديث سهل ليكون فى موضع الحال متعلقًا بمحذوف. قاله في "المفهم"(6).
قال ابن المنير: وما رأيت أعجبَ من حديث [عديٍّ هذا، وذلك أنه إنما أسلم فى سنة الوفود](7)، وهي سنة عشر، نصَّ عليه ابن عبد البر، وغيره، فرمضانُ الذي صامه هو آخرُ رمضان صامه النبي صلى الله عليه وسلم، وفرضُ الصوم نزل في أوائل الهجرة قبل إسلام عدي بسنتين، وظاهر قوله:"لما نزلت هذه الآية؛ عمدتُ إلى عقال" يقتضي أنه كان مسلمًا عند نزول الآية، والفرض أنها نزلت بعقب فرض الصيام أوائل الهجرة، فكيف يلتئم ذلك؟
(1)"من الفجر" ليست في "ع".
(2)
في "ج ": "من الخيط".
(3)
في "ع" و"ج": "مفصلًا".
(4)
في "ع": "سهيل".
(5)
في "ج": "فحمله".
(6)
انظر: "المفهم" للقرطبي (3/ 147). وانظر: "التنقيح"(2/ 442).
(7)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
قال (1): فيحتمل تأخر نزول الآية عن فرض الصيام إلى آخر الهجرة، وهو (2) بعيد جدًا؛ فإن نسخ تحريم الطعام بعد رفع المائدة متقدم، واستمر عليه العملُ سنين قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن يكون معنى قولِ عدي: لما نزلت الآية؛ أي: لما تُليت الآية عليه عند إسلامه، وبلغه حينئذ نزولها، فيكون نزولها قديمًا، وبلوغها إياه حديثًا عند إسلامه.
قلت: وهذا - أيضًا (3) - بعيد كالأول؛ لما فيه من إطلاق النزول مرادًا (4) به التلاوة، فالأقربُ أنه من باب الحذف؛ أي: لما نزلت هذه الآية، وسمعتها، عمدْتُ إلى كذا، فتأمله.
* * *
1100 -
(1917) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (ح). حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: نَزِلتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، وَلَمْ يَنْزِلْ:{مِنَ الْفَجْرِ} ، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ، رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَض وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ:{مِنَ الْفَجْرِ} ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي: اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
(1)"قال" ليست في "ع".
(2)
في "ج": "وهي".
(3)
"أيضًا" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "مراد".