الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتابُ فَضَائلُ المدينَةِ
باب: حرمِ المدينةِ
1067 -
(1867) - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
(المدينة حرم (1) من كَذَا إلى كَذَا): -بفتح الكاف والذال المعجمة-: كناية عن اسمي مكانين، وسيأتي الكلام عليها قريباً.
* * *
1068 -
(1868) - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجدِ، فَقَالَ:"يَا بَنِي النَّجَّارِ! ثَامِنُونِي"، فَقَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَاّ إِلَى اللهِ، فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجدِ.
(1) في "م": "حرام".
(يا بني النجار! ثامنوني): أي: بايعوني بالثمن، والمخاطَب بهذا مَنْ يستحقُّ الحائطَ.
ويقال: كان لسهل وسهيل يتيمين في حَجْر أسعدَ بنِ زُرارةَ.
قال (1) أهل السير: بركت ناقة (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع مسجدِه، وهو يومئذ يصلِّي فيه رجالٌ من المسلمين، وكان مِرْبَداً لسهلٍ وسهيلٍ غلامينِ يتيمين من الأنصار، وكانا (3) في حَجْرِ أبي أمامةَ أسعدَ بنِ زُرارة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم[بالغلامين، فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم](4) حتى ابتاعه منهما (5) بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك.
وفي "سيرة ابن هشام": أنهما كانا (6) في حَجْر مُعاذِ بنِ عَفْراء (7).
ووقع لابن مَنْدَه في كتاب "الصحابة" أن (8) أخرجَ في ترجمة سَهْل بنِ بيضاء عن أبي إسحاق، قال: كان موضعُ المسجدِ لغلامين يتيمين: سهلٍ، وسهيل (9)، [وكانا (10) في حجر أسعدَ بنِ زُرارة.
(1) في "ع" و"ج": "وقال".
(2)
في "ع": "ناقته".
(3)
في "ع": "وكان".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(5)
في "ج": "منها".
(6)
في "م" و"ن": "كان".
(7)
انظر: "سيرة ابن هشام"(3/ 23).
(8)
في "ج": "أنه".
(9)
"وسهيل" ليست في "ع".
(10)
في "ع": "وكان".
قال ابن الأثير: ظن أن ابني بيضاء (1) هما الغلامان اللذان كان لهما موضعُ المسجد] (2)، وإنما كانا من الأنصار، وأما ابنا بيضاء، فمن بني فِهْر، وإنما دخل الوهمُ على ابن منده حيث لم ينسب إلى أب ولا قبيلة.
ثم قال: سهلُ بنُ عمرٍو الأنصاريُّ النجاريُّ أخو سهيلٍ، وهما صاحبا المربد الذي بنى فيه (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، وساقَ ما تقدم عن أبي إسحاق، ثم قال: وذكر ابنُ عبدِ البر: أن المربدَ كانَ لسهلٍ وسهيلٍ ابني رافع (4).
(ثم بالخِرَب): -بالخاء المعجمة- على وزن القِرَب، وعلى وزن (5) النَّبْقِ، و (6) بالحاء المهملة ومثلثة -، يراد به: الموضع الذي يُحرث للزراعة، وقد سبق ذلك في أول الكتاب.
* * *
1069 -
(1869) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "حُرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِي". قَالَ: وَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي حَارِثَةَ، فَقَالَ:"أَرَاكُمْ يَا بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْحَرَمِ"، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ:"بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ".
(1) في "ع": "سفيان".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(3)
في "ع" و"ج": "الذي فيه بنى".
(4)
انظر: "أسد الغابة"(2/ 569).
(5)
"وزن" ليست في "ع".
(6)
الواو ليست في "ع".
(لابتي المدينة): تثنيةُ لابَة، وهي الحَرَّة: الأرضُ ذاتُ الحجارة السود، والمدينةُ ما بين حَرَّتين عظيمتين.
(أراكم يا بني حارثة (قد خرجتم من الحرم)(1)، ثم التفت فقال: بل (2) أنتم فيه): قال المهلب: فيه من الفقه أن للعالم أن يقول على غلبة الظن، ثم ينظر فيصحح النظر.
قال ابن المنير: والأمورُ الوجودية هي التي تحتملُ ذلك في حقه عليه السلام، وأما إذا اجتهد عليه السلام، فحكمَ بمقتضى اجتهاده من أول وَهْلَة، فهو صوابٌ مقطوعٌ به، وإن (3) اتفقَ بعد ذلك حكمٌ على خلافه، فهو نسخ، وقوله لبني حارثة إنما يتعلق بأمر وجودي محسوس، لا يقتضيه شريعة نظرية.
* * *
1070 -
(1870) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبَيهِ، عَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَاّ كتَابُ اللهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَوْ آوَى مُحْدِثاً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". وَقَالَ: "ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.
(1) ما بين معكوفتين ليست في "ع".
(2)
في "ع": "بلى".
(3)
في "ج": "فإن".
وَمَنْ تَوَلَّى قَوْماً بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ".
(المدينة حرم ما بين عائرٍ إلى كذا": يعني: إلى ثور، كما في رواية مسلم (1).
وفي رواية في (2) البخاري: "عَيْر"(3) -بحذف الألف-.
قال مصعبٌ الزبيري وغيره: ليس بالمدينة عير ولا ثور، وإنما هما بمكة.
وقال أبو عُبيد: كأَنَّ الحديثَ: من عَيْر إلى أُحد (4)، وأكثرُ رواة (5) البخاري ذكروا عَيْراً، وأما ثَوْرٌ، فمنهم من كنى عنه، ومنهم من ترك مكانه بياضاً؛ لاعتقادهم الخطأ في ذكره. قاله (6) القاضي (7).
قلت: الذي ينبغي للراوي إذا سمع لفظاً في الرواية، وظن (8) خطأه ألَاّ يكني عنه، ولا يُسقطه، بل يذكر الروايةَ على وجهها، وينبه (9) على ما ظهر له؛ لينظر فيه، لاسيما فيما لا يقطع فيه بالخطأ، هكذا الذي نحن فيه.
(1) رواه مسلم (1370).
(2)
"في" ليست في "ع" و"ج".
(3)
رواه البخاري (3172).
(4)
في "ج": "حدة".
(5)
في "ع": "رواية".
(6)
في "ع": "قال له"، وفي "ج":"قال".
(7)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 136). وانظر: "التنقيح"(1/ 430).
(8)
في "ع": "وحكاه ظن".
(9)
في "ع": "وبينه".
قال مغلطاي: وذكر الإمامُ أبو محمدٍ عبدُ السلام بنُ مزروعٍ البصريُّ أنه لما خرج رسولاً من صاحب المدينة إلى العراق، كان (1) معه دليلٌ يذكر له الأماكن والأجْبُلَ، فلما وصل إلى أُحد، إذا (2) بقربه جبلٌ صغير، فسأله (3): ما اسمُ هذا الجبل؟ قال: هذا (4) يسمَّى ثوراً؟
قال: ولما ذكر ياقوت قولَ عياض: قال بعضُهم: ليس بالمدينة، ولا على مَقْرَبة منها جبلٌ يعرف بأحد هذين الاسمين، قال: وهذا من قائله وهم؛ فإن عيراً جبلٌ مشهور بالمدينة.
[ونقل مغلطاي -أيضاً- عن المحبِّ الطبري: أنه قال: ثورٌ: جبلٌ بالمدينة](5) رأيتُه غيرَ مرة، وحَدَّدته.
ولما ذكر الزركشي ما قدمناه من كلام القاضي، قال بإثره: قلت: والله أعلم إن لم يكن بالمدينة عيرٌ وعائرٌ ولا ثورٌ، فيحمل على مسافة ما بينهما (6).
[قلت: أوهمَ أن هذا الكلام من قاب فكره، وقد حكى مغلطاي عن ابن قدامة ما نصُّه:](7) يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد قدرَ ما بين ثورٍ وعيرٍ اللذين (8) بمكة.
(1) في "ع" و"ج": "وكان".
(2)
في "ع": "إذ".
(3)
في "ج": "فسأل".
(4)
"هذا" ليست في "ع".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
انظر: "التنقيح"(1/ 430).
(7)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(8)
في "ج": "الذين".