الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مؤمناً، والحرم أعمُّ من مكة بتناولهما، فظواهرُها إلى حدود معلومة، وسمي الحرمُ كلُّه مقامَ إبراهيم؛ لأن المقام فيه، هذا هو الأظهر، والله أعلم.
* * *
باب: تَوْريثُ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا، وَأَنَّ النَّاسَ فِيْ مَسْجدِ الحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّة
937 -
(1588) - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِي بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زيدٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: "وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ ". وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ، وَلَا عَلِيٌّ رضي الله عنهما شَيْئاً؛ لأَنهمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72] الآيَةَ.
(باب: توريث دورِ مكة وبيعِها وشرائها).
(أين تنزل في دارك بمكة؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟): قال السفاقسي في رواية ابن مِغْول: "غداً رَبعِ آبائك وأجدادك؟ ".
وقال القرطبي: ظاهر هذه: أنها كانت مُلْكَه، يدل عليه قوله:"وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ؟ "، فأضافها إلى نفسه، فظاهرها الملك، فيحتمل أن
عقيلاً تصرف فيها كما فعل أبو سفيان بدور المهاجرين، ويحتمل غير ذلك.
وقد فسر الداودي المراد بقوله: "وكان عقيلٌ ورثَ أبا طالب" إلى آخره؛ يعني: لاتفاقهما في الكفر حينئذٍ، ولم يرثه عليٌّ ولا جعفر؛ لإسلامهما؛ أي: ولو كانا وارثين، لنزل (1) عليه السلام في دورهما، وكانت كأنها ملكه؛ إدلالاً عليهما؛ لعلمه بإيثارهما إياه على أنفسهما، فهذا وجهُ إضافةِ الرباع إليه على التقدير (2).
وقد اضطرب الناسُ في ملك دور مكة:
قال ابن المنير: وسببه - والله أعلم - اختلافُ الأحكام الدالة، فثبت اختصاصُ قومٍ ببعض المواضع، والتصرفُ بإغلاق الأبواب، ونحو ذلك، وهو دليل الملك، وثبت منعُ إغلاقِ الأبواب في المواسمِ، وإباحتُها حينئذٍ بحيث لا يختص أحدٌ ألا بالسبق، وهذه علامة على (3) عدم الملك، فيحتمل أن يقال: هي مملوكة، والتزام فتح الأبواب مواساة في اليوم؛ للضرورة، وهي بمثابة المضطر إلى أكل طعام الغير في المخمصة يلزمه أن يبيحه له، ولا يدل ذلك على عدم ملكه طعامه.
ويحتمل أن يقال: هي مباحة في الأصل (4)، والتخصيص إنما هو كما يعرض في المباحات؛ كالسابق إلى بقعة (5) في المسجد تقدَّم فيها، ومعتادُ الجلوسِ بمكان منه كذلك، على خلاف فيه.
(1) في "ج": "لقول".
(2)
انظر: "المفهم" للقرطبي (3/ 465).
(3)
في "ج": "في".
(4)
في "ج": "في الأرض".
(5)
في "ع": "إلى نفعه".