الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقبول، وليس المراد بعد ذلك: الحكمَ بإبطال الصوم بمجرد قول الزور، ولو بطل به الصوم، لوجب قضاؤه، وإنما المراد: التغليظُ والتخويف من الإحباط بطريق الموازنة.
باب: هل يقولُ: إنِّي صَائمٌ إِذَا شِئْتُم
1093 -
(1904) - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَاّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيح الْمِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ، فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ، فَرِحَ بِصَوْمِهِ".
(كلُّ عملِ ابن (1) آدم له إلا الصوم (2)؛ فإنه لي، وأنا أجزي به): وقد اختلف الناس في معنى هذا على أقوال كثيرة، وأحسنها -فيما أذكره الآن من حفظي-: أن كل عمل ابن آدم معلومٌ الثوابُ له بما ورد أن الحسنةَ بعشرِ أمثالها إلى سبع مئة ضعف، إلا الصوم؛ فإنه غيرُ معلوم له باعتبار الثواب المرتَّب عليه، وإنما هو معلومٌ لله تعالى، يضاعفه كيف يشاء على
(1) في "ع": "بني".
(2)
في البخاري: "الصيام".
وجه لا يعلمه (1) إلا هو.
وقال ابن المنير: أحسنُ ما في قوله (2): "فإنه لي" أن يكون المراد: كلُّ عمل ابن (3) آدم مضاف له؛ لأنه (4) فاعلُه، إلا الصوم؛ فإنه مضاف لي؛ لأنه خالقه (5) له على سبيل التشريف والتخصيص، فيكون كتخصيص آدمَ بإضافته إلى أن خلقه بيد الرب سبحانه، وإن كان كلُّ مخلوق بالحقيقة مضافًا إلى الخالق، لكن إضافة الشريعة خاصةٌ بمن شاء الله أن يخصَّه بتشريفه، ثم ذكر السبب الذي خصصه (6) من أجله، فقال: إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي (7).
فإن قلت: فما وجهُ الاختصاص؟ فكل عبادة تركُ شهوة، [ألا ترى أن الزكاة تركٌ لشهوة المال؛ أي: العمل بمقتضاها، والحج تركٌ لشهوة] (8) اللباس والراحة؟
قلت: الشهوات مقاصدُ ووسائل، فالمقاصدُ شهوة الطعام والشراب والنكاح، والوسائلُ ما عداها، ألا ترى أن المال لا يُشتهى لذاته، ولكن لأنه
(1) في "ع": "يعلمها".
(2)
في "ج": "قوله تعالى".
(3)
في "ع": "بني".
(4)
في "ع": "لأن".
(5)
في "ع": "جاعله".
(6)
في "ج": "خصه".
(7)
في "ج": "أجله".
(8)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".