الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: إذا جَامَعَ في رمضانَ، ولَمْ يكُنْ لَهُ شيءٌ، فَتُصُدِّقَ عليهِ، فَلْيُكَفِّرْ
1110 -
(1936) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَ أَلَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ رَجُل، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكْتُ، قَالَ:"مَا لَكَ؟ "، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِم. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ "، قَالَ: لَا، فَقَالَ:"فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ "، قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ -، قَالَ:"أَينَ السَّائِلُ؟ "، فَقَالَ: أَنَا، قَالَ:"خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ". فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، فَوَاللَّهِ! مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ: الحَرَّتَيْنِ، - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِن أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ " ثُمَّ قَالَ:"أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ".
(قال (1) يا رسول الله! هلكت، قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم): استدل به على أن من ارتكب معصية لا حدَّ فيها، وجاء مستفتيًا: أنه لا يُعاقب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه، مع اعترافه بالمعصية.
قلت: هو (2) مبني على أنه كان متعمدًا، وهو الظاهر.
(1) في البخاري: "فقال".
(2)
في "ج": "وهو".
قالوا: ومن جهة المعنى: أن مجيئه مستفتيًا يقتضي (1) الندمَ والتوبةَ، والتعزيزُ استصلاح، ولا استصلاحَ (2) مع الصلاح (3)، ولأن معاقبة المستفتي يكون سببًا لترك الاستفتاء من الناس عند وقوعهم في ذلك، وهذه (4) مفسدة عظيمة يجب دفعُها، والمشهورُ من مذهبنا أن جماعَ الناسي في نهار رمضان لا كفارةَ عليه.
والقائلُ بوجوبها مع النسيان احتجَّ بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها عند السؤال من غير استفصال، وذلك يتنزل منزلة العموم، فيدخل العامد والناسي.
وجوابه: أن حالة النسيان بالنسبة إلى الجماع ومحاولة مقدماته وطول زمانه وعدم اعتياده في كل وقت مما يُعد جريانُه في حالة النسيان، فلا يحتاج إلى الاستفصال بناء على الظاهر، لاسيما وقد قال الأعرابي: هلكتُ، فإنه يُشعر ظاهرًا (5) تعمُّدَه، ومعرفتَهُ بالتحريم.
(هل تجد رقبة تعتقها؟ قال. لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا): هذا ليس صريحًا في الترتيب، وإنما أمره بخصلة من خصال، وهَلُمَّ جَرًّا، ولو استفتى أحد وقد حنث في يمين، فقال له المفتي (6) مثل هذا، لم يكن مخالفًا
(1) في "ع": "تقتضي".
(2)
في "ج": "اصطلاح والاصطلاح".
(3)
في "ع": "الصلاة".
(4)
في "ع": "وهو".
(5)
في "ج": "ظاهر".
(6)
"المفتي" ليست في "ع".
لحقيقة التخيير، وكأن المراد بإرشاده إلى العتق أولًا هو تنجيز الكفارة (1) بسرعة؛ فإن العتق لمالك الردتبة أسرعُ في خلاص الذمة من غيره.
قال ابن المنير: وتعقَّبَ بعضهم مسلمَ بن الحجاج؛ فإنه ذكرَ حديثَ ابن عُيينة، [وحديثَ مالك، وأحالَ حديثَ مالك على ابن عُيينة، فقال: هو بمعناه، قال: وحديث ابن عيينة](2) بصيغة (3): هل تجد؟ هل تستطيع؟ وهذه صيغة (4) الترتيب، وحديث مالك بصيغة (5): أو، وهي للتخيير، فمنهم من أجاب بأن مالكًا صحَّت عنه طريقٌ أخرى بصيغة الترتيب في غير "الموطأ"، فلعل مسلمًا إنما أرادها، ومنهم من أجاب بأن صيغة: هل تجد؟ ليست للترتيب، بل للأولوية (6)، وهي بمعنى التخيير، أو قريب منه.
(بعَرَق): - بفتح العين المهملة والراء -: هو الزنبيل يسع خمسة عشر صاعًا إلى عشرين.
قال القاضي: وضبطُه بالسكون، وصحَّحه بعضُهم، والأشهر: - الفتح - جمع عَرَقَة، وهي الضفيرة التي يخاط منها القُفَّة (7).
(والعَرَقُ: المِكتل (8)): بكسر الميم.
(1) في "ع": "يتخير في الكفارة".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و "ج".
(3)
في "ج": "بصيغته".
(4)
في "ع": "صفة".
(5)
في "ع": "بصفة".
(6)
في "ع": "للأولية".
(7)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 76).
(8)
في "ع": "والمكيل".
(خُذْ هذا، فتصدَّقْ به (1)): قال ابن المنير: فيه حجة على جواز التمليك المقيَّد، وتنفيذِه (2) بشرطه، وقد اختلف المذهب فيمن أوصى بدنانير ونحوها لزيد على أن يصرفها في التزويج، فقيل: يصح، وقيل: يصح الملك، ويبطل الشرط، وقيل: يبطلان.
وظاهر الحديث صحتُهما؛ فإنه عليه السلام مَلَّكَه الطعامَ بشرط (3) أن يُكَفِّر به، فيجب تصحيحُ الملكِ والشرط، وإنما يحذر التحجير في المعاوضة للغرر، لا في العطية.
(على أفقر مني؟): هو (4) على حذف همزة الاستفهام، والفعل الذي يتعلق به الجار؛ أي: أتصدق به على أحدٍ أفقرَ مني؟ وكذا قوله بعد هذا: على أحوج منا؟
(فوالله! ما بين لابتيها - يريد: الحرتين - أهلُ بيت أفقرَ من أهل بيتي): قال الزركشي: أهلُ: مرفوعٌ على أنه اسمها، وأفقرَ: - بالنصب - إن (5) جعلتَها (6) حجازية، وبالرفع، إن جعلتها تميمية (7).
قلت: وكذا إن جعلناها حجازية ملغاةً من عمل (8) النصب بناء على أن
(1) في "ع": "خذها فتصدق بها".
(2)
في "ع": "وينفذه".
(3)
في "ع" و "ج": "بشرطه".
(4)
"هو" ليست في "ع" و "ج".
(5)
في "ع": "على إن".
(6)
في "ع": "جعلها".
(7)
انظر: "التنقيح"(2/ 449).
(8)
في "ع" و "ج": "العمل".