الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على النبي صلى الله عليه وسلم قبل اعتماره، وذلك يدل على أن الحج على التراخي؛ إذ لو كان مُضَيَّقاً، لوجب إذا أخره إلى سنة أخرى أن يكون قضاء، واللازم باطل (1).
وردَّه ابن المنيِّر: بأن القضاء خاصٌّ بما وُقِّت بوقت معين مضيَّقٍ؛ كالصلاة والصوم، وأما ما ليس كذلك، فلا يعد تأخيرُه قضاء، سواء كان على الفور، أو على (2) التراخي؛ كما تقدم في الزكاة يؤخرها ما شاء الله بعد تمكنه من أدائها على الفور، فإن المؤخِّر على هذا الوجه يأثم، ولا يُعد أداؤه بعد ذلك قضاء، بل هو أداء، ومن ذلك الإسلامُ واجبٌ على الكفار على الفور، فلو تراخى عنه الكافر (3) ما شاء الله، ثم أسلم، لم يعد ذلك قضاء.
* * *
باب: كم اعتمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
-
1018 -
(1775) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عبد الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجدِ صَلَاةَ الضُّحَى. قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ. فَقَالَ: بِدْعَةٌ. ثمَّ قَالَ لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَرْبَعاً، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ.
(1) انظر: "شرح ابن بطال"(4/ 435).
(2)
"على" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "الكفار".
(كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة (1)؟ قال: أربعاً، إحداهن في رجب): هذا القائل هو عبد الله بن عمر، وحكى مغلطاي عن الإسماعيلي أنه قال: هذا الحديث لا يدخل في باب: كم اعتمر (2)؟ وإنما يدخل في باب: متى اعتمر؟
قلت: رده أوضحُ من الشمس، فانظره.
* * *
1019 -
(1778) - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: سَأَلْتُ أَنسًا رضي الله عنه: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَرْبَعٌ: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ؛ حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ؛ حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ؛ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ -أُرَاهُ- حُنَيْنٍ. قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: وَاحِدَةً.
(سألت أنساً: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربع): كذا بالرفع خبر مبتدأ مضمر؛ أي: عُمَرُه أربعٌ (3)، ووقع النصب في رواية أخرى.
قال ابن مالك: فالرفعُ على الاكتفاء في جواب الاستفهام (4) بمطابقة المعنى دونَ اللفظ، [والأقيسُ الأكثر النصب، ويجوز أن يكون مَنْ قالَ:
(1)"عمرة" ليست في نص الحديث.
(2)
"وإنما يدخل في باب: متى اعتمر؟ " ليست في "ع".
(3)
في "ع": "أربع أربع".
(4)
في "ع": "في جواز أن الاستفهام".
أربع، كتبه على لغة ربيعة، وهو في اللفظ] (1) منصوب (2).
قلت: هو مثل ما سبق له آنفاً، وفيه ما فيه.
قال الزركشي: وفي قول أنس: إنها أربع نظرٌ.
أما عمرة الحديبية، فلا تحسب؛ لأنه ما دخل مكة، بل صدر عنها وأُحْصِر، وأما التي مع حجته، فهو مبني على أنه كان قارناً في حجته، وفيه خلاف طويل، وقول البراء: اعتمر عمرتين أشبهُ (3)(4).
قلت: هذه عبارة لا يليق أن تذكر في حق أنس رضي الله عنه (5) -، وحاصلُها اعتراضٌ عليه في أمرٍ أخبرَ به عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن الأمر في الواقع على خلافِ ما أخبر به، واستناده في ذلك مجردُ ما ذكره غير منقدح إذا تأملت، وما أحسنَ الأدبَ مع آحاد العلماء، فضلاً عن كبراء (6) الصحابة رضي الله عنهم، وحشرنا معهم (7) بمنه وكرمه.
* * *
1020 -
(1780) - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، وَقَالَ: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَاّ الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
انظر: "شواهد التوضيح"(ص: 37).
(3)
"أشبه" ليست في "ج".
(4)
انظر: "التنقيح"(1/ 414).
(5)
في "ع": "عنهما".
(6)
في "ع": "كبر".
(7)
في "ج": "وحشرنا مع محبهم".
الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَمِنَ الْجِعْرَانةِ؛ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.
(حدثنا هدبة ثنا همامٌ (1)، قال: اعتمر أربعَ عُمَرٍ في ذي القعدة، إلا التي اعتمر مع حجته): قال القابسي: هذا الاستئناء كلامٌ زائد، وصوابه: أربع (2) في ذي القعدة: عمرته من الحديبية. . . إلى آخره، وقد عدها (3) في آخر الحديث، فكيف يستثنيها أولاً؟
قال القاضي: والرواية عندي هي (4) الصواب، وقد عدَّها بعد في الأربع، فكأنه قال: في ذي القعدة منها ثلاث، والرابعة (5) عمرته في حجته، [أو يكون صوابه: كلُّها في ذي القعدة، منها ثلاث والرابعة عمرته في حجته، أو يكون صوابه: كلُّها في ذي القعدة، إلا التي اعتمر في حجته، ثم فسرها بعد ذلك؛ لأن عمرته التي مع حجته] (6) إنما أوقعها في ذي الحجة إذا قلنا: إنه كان قارناً، أو متمتعاً (7).
* * *
(1) في "ع": "هما".
(2)
في "ج": "أربع عمر".
(3)
في "ج": "عهدها".
(4)
في "ع": "هو".
(5)
في "ع": "والرابع".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(7)
انظر: "التنقيح"(1/ 415).