الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في قوله: "مَنِ استطاعَ منكم الباءةَ"، فصار هذا كالحاضر (1)، فأشبه إغراءه به.
وذهب ابن عصفور: إلى أن الباء زائدة في المبتدأ، ويكون (2) معنى الحديث الخبر، لا (3) الأمر؛ أي: فعليه الصومُ (4).
وذهب ابن خروف: إلى أنه من قبيل إغراء المخاطب، وتقديره: أشيروا عليه بالصوم، فحذف فعل الأمر، وجعل "عليه" عوضًا منه، وتولى من العمل ما كان الفعل يتولاه، واستتر فيه ضمير المخاطب الذي كان متصلًا بالفعل.
ورجح بعضهم رأي ابن عصفور؛ بأن زيادة الباء في المبتدأ أوسعُ من إغراء الغائب، ومن إغراء المخاطب، من غير أن ينجر ضميره (5) بالظرف، أو حرفِ الجر الموضوعِ مع ما خفضَهُ موضعَ فعل الأمر.
باب: قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتُم الهلالَ فصُومُوا، وإذا رأيتموهُ فأفْطِروا
"
1095 -
(1906) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ،
(1)"ع": "كالخاطر".
(2)
في "ج": "أو يكون".
(3)
في "ج": "إلا".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 441).
(5)
في "ع": "ضمير".
فَقَالَ: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لَهُ".
(فإن غُمَّ): -بضم الغين وتشديد الميم، مبني للمفعول-، وفيه ضمير يعود إلى الهلال؛ أي: سُتر (1)؛ من غَمَمْت الشيءَ: سترتُه، وليس من الغيم.
ويقال فيه: غُمِّي - مشددًا رباعيًا -، وغَمِي (2) مخففًا ثلاثيًا.
(فاقدُروا له): - بهمزة وصل وضم الدال - يعني: حققوا مقادير أيام شعبان حتى تكملوه ثلاثين يومًا، كما جاء مفسرًا في الحديث الذي بعده، ولذلك أَخَّره؛ لأنه مفسِّر، واقتدى في ذلك بالإمام (3) مالك في "الموطأ".
* * *
1096 -
(1908) - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا"، وَخَنَسَ الإبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ.
(الشهر هكذا، وهكذا، وخنسَ (4) الإبهامَ في الثالثة): خَنَس -بفتح الخاء المعجمة والنون الخفيفة-؛ أي: قبض، ويروى:"فحبس (5) " بحاء مهملة وباء موحدة (6).
(1) في "ع": "يستر".
(2)
في "ع": "وغمًا".
(3)
في "ع": "قال الإمام".
(4)
في "ع": "وحبس".
(5)
في "ع": "فخنس".
(6)
انظر: "التنقيح"(2/ 441).
فيه دليل على سدِّ باب حسابِ (1) النجوم، وتنبيهٌ بالأدنى على (2) الأعلى؛ لأنه عليه السلام لم يجمع جملة العشرات، مع أنه معلومٌ بَيِّنٌ، فإذا ترك هذا المعلوم الواضح من هذا النوع، فتركُ الغامضِ المشكل على الخلق بطريق الأولى.
* * *
1097 -
(1910) - حَدَّثَنَا أبُو عَاصِم، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيىَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، غَدَا، أَوْ رَاحَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا؟ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا".
(صَيْفِيٍّ): بصاد مهملة مفتوحة فمثناة من تحت ساكنة ففاء فياء النسب.
(فقال: إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا): حمل الطبري وغيره (3) قوله عليه السلام في حديث ابن عمر: "إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً"(4) على الشهر المعين الذي كانوا فيه إذ ذاك.
قال الطبري: وروى عروة عن عائشة: أنها أنكرت قولَ من قال: إن
(1) في "ع": "حسوم".
(2)
في "ع" و "ج": "عن".
(3)
في "ع": "وغيري".
(4)
رواه البخاري (1907).
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ (1) "، وقالت: لا والله! ما قال كذلك، إنما قال حين هجرنا:"لأَهْجُرَنكمْ شَهْرًا"، وأقسمَ (2) على ذلك، فجاءنا حين ذهب تسع وعشرون ليلة، فقلت: يا نبي الله! إنك أقسمت شهرًا؟ فقال: "إِنَّ الشَّهْرَ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً".
قال ابن المنير: يشكل الحمل على شهر بعينه في قوله: "الشهرُ تسعٌ وعشرون"؛ [إذ هذا إنما يستعمل في الجنس، لا في المعيَّنِ؛ لأن المعين لا يُشكل أمره، إذا رُئي الهلال لتسع وعشرين](3)، فقد انقضى الشهر، ثم إن حملناه على شهر بعينه، فالقاعدة أن من حلف على شهر في أثناء الشهر، أكمله ثلاثين، فإن كانت اليمين للهلال، وكان تسعًا وعشرين، اكتفى بها، فيحتاج أيضًا على تأويل حمله على شهر معين، إلى أن يكون يمينه عليه السلام صادفت (4) الهلال، ولا بد أن يكون ذلك قبل أن يهل، وإلا فمن حلفَ على شهر معين، وقد دخل الليل، فقد حلف في أثناء الشهر، فيكمله (5) ثلاثين على المشهور.
ويمكن أن يجاب (6): بأن المراد: قد يكون الشهر تسعًا وعشرين، وهذا الشهر كذلك، فيكون ذكره للجنس؛ كالقاعدة الممهدة لدخول العين في الجنس.
(1) في "ج": "وعشرون ليلة".
(2)
في "ع": "وأقيم".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(4)
في "ع": "صادقة"، وفي "م":"صافت"، والصواب ما أثبت.
(5)
في "ع": "فكمله".
(6)
في "ع": "ويمكن إيجاب".