الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فدخل في البيت، فكبر في نواحيه، ولم يصلِّ فيه): ساق البخاري هذا الحديث مبيناً به التكبيبر في نواحي البيت، ولم يثبت به معارضة الحديث المتقدم في الصلاة؛ لأن هذا نفى الصلاة، وذلك أثبتها، والمثبتُ أولى، وكذلك هذا - أيضاً - أثبتَ التكبيرَ في نواحيه، وسكتَ عنه الحديث الآخر، ولا تعارض بين السكوت والإثباث، فالجمعُ بينهما أن يكبر في نواحي البيت، ويصلِّي في أيها شاء.
* * *
باب: كيف كان بَدْءُ الرَّمَلِ
؟
944 -
(1602) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّاد - هُوَ ابْنُ زيدٍ -، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَفْدٌ وَهَنَتْهُم حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلأَ الإبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
(يقدَم عليكم): - بفتح الدال -: مضارع قَدِم - بكسرها -: إذا ورد من سفره.
(وفد): اسم جمع له واحد من لفظه، وهو وافِد (1)، مثل: صاحِب وصَحْب، وراكِب ورَكْب.
(1)"وافد" ليست في "ج".
(وَهنتهم): روي بتشديد الهاء؛ أي: أضعفَتْهم، وتخفيفها رباعياً وثلاثياً، وقال الفراء: يقال: وهنه الله، وأوهنه (1).
(يثربَ): - بالفتح، غيرُ منصرف -: اسمُ المدينة في الجاهلية.
(أن يرمُلوا) - بضم الميم -: مضارعُ رَمَل -بفتحها -: إذا مشى دون العَدْوِ، كذا في "المحكم"(2).
وقال الفراء: هو العَدْوُ الشديد.
وفي "الجمهرة ": مشبهة بالهرولة (3).
وفي "الصحاح": الهرولة (4).
(أن يرملوا): أي: من أن يأمرهم (5)، فحذف الجار إذ لا ليس، وهو قياس، وهو محل "أن" وصلتِها بعدَ حذفِه جر أو نصب، قولان.
(الأشواط كلها): يحتمل أن يكون الأصل: "بأن يرملوا"، فحذفت (6) الباء، فيأتي ما تقدم، ويحتمل أن لا يكون ثَمَّ حذفٌ أصلاً؛ لأنه يقال: أمرته بكذا، وأمرته كذا (7)، والأشواط نصب على الظرف.
(1) انظر: "التنقيح"(1/ 392).
(2)
انظر: "المحكم" لابن سيده (10/ 257)، (مادة: رمل).
(3)
انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (2/ 801).
(4)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1713)، (مادة: رمل).
(5)
في "ع": "من أي أمرهم".
(6)
في "ج": "ثم حذفت".
(7)
"وأمرته كذا" ليست في "ج".
(إلا الإبقاء): قال الزركشي: بالرفع، فاعل "لم يمنعه"، ويجوز النصب، على أنه مفعول لأجله، ويكون في "منعهم" ضميرٌ عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو فاعله (1).
قلت: تجويز النصب مبني على أن يكون في لفظ الحديث الواقع في البخاري "لم يمنعهم"، وليس كذلك، إنما فيه "لم يمنعه"، فرفعُ الإبقاء متعين؛ لأنه الفاعل، وهذا الذي قاله الزركشي، كلام وقع للقرطبي في "شرح مسلم"، وفي الحديث (2):"ولم يمنعهم"، فجوَّز فيه الوجهين (3)، وهو ظاهر، لكن نقله إلى ما في البخاري غيرُ متأتٍّ، فتأمله.
والإبقاء: - بكسر الهمزة وبالباء الموحدة والمد - مصدرُ أَبقى عليه: إذا رَفَقَ به.
وقال ابن المنير: وفيه (4) لطيفة، وهي أن الأفعال لمَّا لم يكن لها صنع، جاز أن يستعمل منها ما يفهم الأمر على خلاف ما هو عليه، ولا يكون ذلك كالقول؛ فإن القول المحلف كذب، ولم يجوز النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن يقولوا: ليس بهم حُمَّى، ولكن جوز لهم فعلاً يَفهم منه من لا يعلم الباطنَ أنهم ليسوا بهم حمى، وإن كان الفاهم مغالطاً في فهمه، دل ذلك لمصلحة إفحام الخصم المبطل في التعبير بما لا يسوغ التعبير به؛ لأن الحمى ليست (5)
(1) انظر: "التنقيح"(1/ 393).
(2)
في "ج": "وفي الحديث قال".
(3)
انظر: "المفهم" للقرطبي (3/ 376).
(4)
في "ع": "وفي".
(5)
في "ع": "ليست".