الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو (1) من شعائر الإسلام في الجملة.
قال ابن المنير: وكأنه عنوان على حسن العهد، وكمال الشوق؛ فإن العرب اعتادت الحنين إلى مناهل الأحبة، وموارد أهل المودة، وزمزم هو منهل البيت، فالمخترف إليها، والمتعطش إليها قد قام بشعائر (2) المحبة، وأحسنَ العهد للمحبة، ولهذا جُعل التضَلُّعُ منها علامة فارقة بين الإيمان والنفاق.
ولله در القائل:
وما شَرَقي بِالماءِ إِلَاّ تَفَكُّراً
…
بِماءٍ بِهِ أَهْلُ الحَبِيبِ نُزُولُ
وقال الآخر (3):
يَقُولُونَ مِلْحٌ ماءُ فَلْجَةَ آجِنٌ. . . أَجَلْ هُوَ مَمْلُوحٌ إِلَى القَلْبِ طَيِّبُ
* * *
باب: طَوَاف القارنِ
962 -
(1638) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُهِلَّ
(1) في "ج": "وهو".
(2)
في "ج": "بشعار".
(3)
في "ج": "آخر".
بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا". فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا، أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيم، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ". فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافاً آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، طَافُوا طَوَافاً وَاحِداً.
(وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، طافوا طوافاً واحداً): فيه حذفُ الفاء من جواب "أَمَّا"، وخصه بعضهم بالضرورة، وخالف في ذلك ابنُ مالك مستنداً (1) إلى هذا الحديث، وأحاديث أخر مثلِه على عادته في الاستدلال على الأحكام النحوية بالألفاظ الحديثية، وفيه كلام قررناه في "حاشية المغني"، فليراجَع من هناك.
وفي الحديث دليل على أن القارِنَ يجزئه طوافٌ واحد، وهو مذهبُ مالك، والشافعي، وأحمد، وجماعة، وكذا يجزئه عندهم سعيٌ واحد.
وقال أبو حنيفة وجماعة: على القارن طوافان وسعيان.
قال ابن القصار: وهو ينتقض بالخلاف.
ورده ابن المنير بأنه معارض بقياسه على الأحكام، فقول من قال: إحرام واحد يجزئ عنهما لا يتحقق، لأنه لا يكون حتى يحرم بالحج والعمرة؛ أي: يقصدهما معاً، ومتى كانا منويين، لزم أن يتعلق بكل منهما؛ لأن قصد العبد يتعدد بتعدد المقصود كما أن علمه يتعدد بحسب المعلوم، وقد تقرر أنه لا يجوز تعلق (2) علم حادث بمعلومين، فإذن لابد من تعدد الإحرام، فالمسلكُ
(1) في "ع": مستند.
(2)
في "ع": "أنه تعلق".
الحقُّ التمسكُ بالسنة الدالة بأن طوافاً واحداً يجزئ في حقه.
* * *
963 -
(1639) - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَيَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ. فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، أَفْعَلْ كمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا. قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافاً وَاحِداً.
(أن يكون العامَ بين الناس قتالٌ): "كان" هنا (1) تامَّة، و"العامَ" ظرف متعلق بها، وكذا "بين الناس"، و"قتالٌ" فاعل بها.
* * *
964 -
(1640) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ. فَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] إِذاً أَصْنَعَ كمَا صَنعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي فَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. ثُمَّ خَرَجَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءَ،
(1) في "ج": "هذا".