الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: واحتجاج الطحاوي بجواز الأبنية فيها بخلاف عرفةَ، غيرُ مستقيم؛ لأن المقصود من عرفةَ ينافيه البنيان، وأما مكة، فمعدَّة للسكنى، فالبناء فيها من الأسباب المعينة على استيفاء الغرض منها.
قال: لكن الأوجه بعد هذا: أنها مملوكة؛ إلحاقاً لهذا الطريق (1) بالغالب؛ لأنه إذا تعارضت فيه الدلالات، فإلحاقها بالأغلب يقوي أحدَ الطرفين؛ لأن الأرض كلها قابلةٌ للملك، ولا كراهة لمالك لبيعها - والله أعلم - لتعارض الأدلة فيها، واحتاط وغلَّب الكراهة، وظاهرُ الإضافة للملك فيما هو قابل له، لا الاختصاص خاصة.
* * *
باب: نزول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مكةَ
938 -
(1589) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ: "مَنْزِلُنَا غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ".
(بخيف بني كنانة): هو المحصَّب، وقد فسر بذلك في المتن في الحديث الذي بعد هذا.
(حيث تقاسموا على الكفر): أي: تحالفوا على الكفر، وهو (2) تبرؤهم من بني هاشم وبني عبد المطلب، [وألا يقبلوا لهم صلحاً،
(1) في "ج": "الطرق".
(2)
في "ج": "وهم".
ولا يدخلوا إليهم طعاماً، وكتبوا صحيفة بذلك، وعلقوها بالكعبة، فاشتد على بني هاشم وبني المطلب] (1) البلاء في الشعب الذي انحازوا إليه، فبعث الله الأَرضة على الصحيفة، فلحسَتْ كلَّ ما فيها من عهد وميثاق واسم الله تعالى، وبقي ما كان (2) فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم، فأطلعَ الله رسولَه على ذلك، فأخبرَ به عمَّه أبا طالب، فذهب عمه أبو طالب في عصابة من بني عبد (3) المطلب حتى أتوا المسجد، فأخبر بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن كان الحديث كما تقول، فلا والله لا نسُلمه حتى نموت، وإن كان باطلاً، دفعنا إليكم صاحبكم، فقتلتم واستحييتم، فقالوا: رضينا، ففتحوا الصحيفة، فوجدوا الصادق المصدق وقد أخبر بالحق، فسُقط في أيديهم.
قال ابن المنير: وفي هذا دليل على إيجاب احترام أسماء الله تعالى، وإن كتبت في أثناء ما تجب إهانته كالتوراة والإنجيل بعد تحريفهما، فيجوز إحراقُهما وإتلافُهما، ولا يجوز إهانتُهما؛ لمكان تلك الأسماء؛ خلافاً لمن قال: يجوز الاستنجاء بهما؛ لأنهما باطل، وإنما هما (4) باطل بما فيهما (5) من التحريف، ولكن حرمة أسماء الله تعالى لا تتبدل على وجه (6) ما.
(1) ما بين معكوفتين زيادة من "ج".
(2)
"كان" ليست في "ج".
(3)
"عبد" ليست في "ج".
(4)
في "ع": "وإياهما".
(5)
في "ج": "فيها".
(6)
في "ج": "وجه الأرض".