الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ، فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجدِ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءَ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.
(العشر الأوسط): جاء هذا على لفظ العشر من غير نظر إلى مفرداته، ولفظهُ مذكر، فيصح وصفُه بالأوسط، وإلا، فلو أُريد وصفه باعتبار آحاده، لقيل: الوُسْطي، والوُسَط - بضم الواو وفتح السين -؛ ككُبرى وكُبَر، وقد رُوي به في بعض الطرق.
وروي أيضًا: "الوُسُط" - بضمتين - جمع واسط؛ كنازل ونُزُل، كذا في الزركشي (1).
قلت: واسط هذا مذكر، وواحدُ العشر مؤنث، وكان قياسه أَواسِط جمع واسطة؛ كأواخِر جمع آخِرة.
(ثم أنُسيتُها أو نُسِّيتُها): - بضم النون وتشديد السين -، والمراد: نسيانُ تعيينها في تلك السنة.
* * *
باب: تَحرِّي ليلةِ القَدْرِ في الوِترِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ
1151 -
(2021) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 459).
سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى".
(في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى (1)، في خامسة تبقى): الأولى هي ليلة إحدى وعشرين، والثانية: هي ليلة ثلاث وعشرين (2)، والثالثة: ليلة خمس وعشرين، هكذا قال مالك.
وقال بعضهم: إنما يصح معناه ويوافق ليلة القدر وترًا من الليالي إذا كان الشهر ناقصًا، فلا يكون إلا في شفع، فيكون السابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري بعدُ عن (3) ابن عباس، ولا تصادف واحدة منهن وترًا، وهذا على طريقة العرب في التاريخ إذا جاوزوا (4) نصف الشهر، فإنما يؤرخون بالباقي منه، لا بالماضي (5).
قال الطبري: وفي دلالته (6) عليه السلام أُمَّتَه عليه بالآيات؛ ككونها (7) ليلةً طلقةً لا (8) حارة ولا باردة، وأن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاءَ لا شُعاعَ لها، دليلٌ على كذب مَنْ زعمَ أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة؛ من سقوط الأشجار إلى الأرض، ثم رجوعها
(1)"في سابعة تبقى" ليست في "ع" و"ج".
(2)
"وعشرين" ليست في "ج".
(3)
"عن" ليست في "ع".
(4)
في "ج": "جاوز".
(5)
انظر: "التنقيح"(2/ 459 - 460).
(6)
في "ج": "دلالة".
(7)
في "ع" و "ج": "لكونها".
(8)
في "ج": "إلا".
قائمة إلى أماكنها؛ إذ لو كان ذلك حقًا، لم يخفَ عن بصر من يقوم ليالي السنة كلها، فكيف ليالي شهر رمضان؟!
قال ابن المنير: لا يُطلق القولُ بكذب من ادعى ذلك، بل يجوز أن يكون كرامةً يكرم الله بها مَنْ يشاء من عباده، ويكون - أيضًا - علامةً لهم على (1) ليلة القدر؛ فإنه عليه الصلاة والسلام لم يحصر العلامة، ولم ينف الكرامة، ومما (2) يدل على عدم انحصار العلامة التي كانت نزولَ المطر في ذلك العام: نحن نعلم أن كثيرًا من الرمضانات انقضى دون مطر، مع عدم خلوه من ليلة القدر، وعلى (3) كل (4) تقدير، فلا ينبغي أن يعتقد أن ليلة القدر لا ينال فضلَها إلا (5) من رأى الخوارق؛ كسجود الجدرات (6)، وخضوع الأشجار، بل يعتقد أن فضل الله واسع (7)، ورُبَّ قائمٍ تلكَ الليلةَ لم يحصل منها إلا على العبادات (8)، ولم ير شيئًا من الكرامة، وهو عند الله أفضلُ ممن رآها، وأي كرامة أفضل من الاستقامة التي هي عبارة عن امتناع السِّنَة، وإخلاص النية، والصبر على العبادة (9)، وتخليصها من الشبهات والشهوات،
(1) في "ج": "في".
(2)
في "ج": "وما".
(3)
في "ج": "على".
(4)
"كل" ليست في "ج".
(5)
في "ع": إلى".
(6)
و"ج": "الجدارات".
(7)
في "ج": "أوسع".
(8)
في "ج": "العبادة".
(9)
في "ع": العبادات.