الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتأكد إحرامه بالهدي؛ عدلًا بينهم منه (1) صلوات الله عليه وسلامه.
* * *
باب: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَاّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَكَرِهَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ، أَوْ كَرْمَانَ.
(أو كِرْمان): بكسر الكاف، وقيل: بفتحها والراء ساكنة فيهما، وأنكر الكرماني شارحُ البخاريِّ فتح الكاف.
* * *
919 -
(1560) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِي، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِي الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:"مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَلَا". قَالَتْ: فَالآخِذُ بِهَا، وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ.
(1)"منه" ليست في "ن".
قَالَتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:"مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ؟ "، قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ، فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ:"وَمَا شَأْنُكِ؟ "، قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَالَ:"فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:"اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا، فَإِنَّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَالَ:"هَلْ فَرَغْتُمْ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.
(وحُرُم الحج): بضم الحاء والراء معًا، كذا (1) وقع لهم، وضبطه الأصيلي بفتح الراء؛ كأنه (2) يريد الأوقات والمواضع والحالات (3).
(بسَرِفَ): بفتح السين وكسر الراء وفتح الفاء، غيرُ منصرف للعلمية والتأنيث باعتبار إرادة (4) البقعة: مكانُ مقيلٍ على عشرة أميال من مكة (5).
(1) في "ع": "كذا وقولهم".
(2)
في "ج": "وكأنه".
(3)
انظر: "التنقيح"(1/ 384).
(4)
في "ج": "والتأنيث بإرادة".
(5)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(ومن كان معه الهدي، فلا): أي: فلا يفعلْ، يعني (1): لا يجعلْها عمرةً، ففيه (2) حذفُ الفعلِ المجزوم بلا الناهية.
(يا هَنْتاهْ): بسكون النون وفتحها، والهاء الأخيرة تسكن وتضم، وأصله: من الهن يكنى به عن النكرة؛ كشيء (3)، والأنثى هَنَة (4)، فإذا وصلتها (5) بالهاء، قلت: يا هَنْتاه، وأصل هائه: السكون؛ لأنها للسَّكْت، لكنهم قد (6) شبهوها بالضمائر (7)، وأثبتوها في الوصل (8)، وضموها، ومعناها: يا هذه! وقيل: يا بلهاء عن مكائد (9) النساء.
(قال: وما شأنك؟ قلت: لا أصلي): قال ابن المنير: كنَّت رضي الله عنها عن الحيض بالحكم الخاصِّ به، وهو امتناعُ الصلاة؛ تأدُّبًا منها [رضي الله عنها (10) - في الكناية](11) عما في التصريح به إخلالٌ ما بالأدب (12)،
(1)"يعني"ليست في "ج".
(2)
في "ج": "فيه".
(3)
في "ع": "كالشيء".
(4)
في "ج": "هينه".
(5)
في "ن": "هنة فأوصلتها"، وفي "ج":"أوصلتها".
(6)
"قد" ليست في "ن".
(7)
في "ج": "للضمائر".
(8)
في "ع": "الأصل".
(9)
في "ج": "يا لها من مكائد".
(10)
"رضي الله عنها" ليست في "ج".
(11)
ما بين معكوفيتن سقط من "ن".
(12)
في "ن": "إخلال بالأدب"، وفي "ع":"إخلال ما في الأدب".
ولهذا - والله أعلم - استمرت (1) النساء إلى الآن على الكناية عن الحيض (2) بحرمان الصلاة؛ أي: تحريمها (3)، فظهر أدبها رضي الله عنها في بناتها المؤمنات (4).
(فلا يضيرك (5)): أي: لا يضرك (6)، يقال: ضارَهُ يَضيرُه، وضَرَّهُ يَضُرُّهُ.
(فعسى الله أن يرزقَكيها): بياء متولده (7) من إشباع كسرة الكاف، وهي (8) في (9) لسان المصريين شائعة (10).
(في النفر الآخرِ): النفْر - بإسكان الفاء -: القوم ينفرون من منى، ومعنى النَّفْر: الانطلاقُ والرجوعُ، والآخِر: بكسر الخاء (11).
(حتى نزل المُحَصَّب): - بميم مضمومة وحاء وصاد مهملتين والصاد مشددة -: موضع بقرب مكة.
(1) في "ن" و"ج": "استمر".
(2)
في "ج": "عن الحرمان".
(3)
"أي: تحريمها" ليست في "ن".
(4)
انظر: "فتح الباري"(3/ 421).
(5)
في "ع": "يضرك".
(6)
في "ع": "يضيرك".
(7)
في "ع": "بياء مؤكدة".
(8)
في "ع": "وهو".
(9)
"في" ليست في "ج".
(10)
في "ع": "سابقة".
(11)
في "ج": "والآخر بالكسر".
(فإني أَنْظُركما): - بضم الظاء المعجمة -؛ أي: أنتظركما؛ نحو (1): {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13].
(حتى تأتيانِ): بتخفيف النون، وأصلُه:"تأتياني" فحذفت الياء تخفيفًا، وكسرةُ (2) النون تدل عليها (3).
(حتى إذا فرغتُ، وفرغتُ من الطواف): قال القاضي: كذا وقع في النسخ من كتاب البخاري، قال بعضهم: لعله (4) فرغتُ، وفرغَ - يعني: أخاها -، وبعده:"هل فرغتم (5)؟ "، وفي أول الحديث:"افرغا، ثم ائتيا"(6).
قلت: ليس ما في أول الحديث ولا ما في آخره بالذي يوجب أن يقول: حتى إذا فرغتُ وفرغ؛ إذ يجوز أن يكون قد عبرت عن حالتها هي، لا عن حالة أخيها؛ أي (7): حتى إذا فرغتُ من الخروج (8) إلى الحل الإحرام منه، وفرغتُ من الطواف، فكلُّ واحد من اللفظين مسلَّطٌ على غير ما تسلَّطَ
(1) في "ن" زيادة: "قوله تعالى".
(2)
في "ن": "وبقيت كسرة".
(3)
في "ع": "عليه".
(4)
"لعله" ليست في "ن".
(5)
في "ن": "فرغت".
(6)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 155) وانظر: "التنقيح"(1/ 385).
(7)
"أي" ليست في "ع".
(8)
في "ن": "من حال من الخروج".
عليه الآخَرُ، والمعنى مستقيم مريح من الهجوم على نسبة الراوي العدل إلى تحريف اللفظ، أو الغلط (1)، فتأمله.
(ثم جئته بسَحَرَ): قال الزركشي: بفتح الراء، أي: من في ذلك اليوم، فلا ينصرف للعلمية والعدل؛ نحو: جئته يومَ الجمعةِ سَحَرَ (2).
قلت: حكى الرضيُّ خلافًا (3) في صرفه مع إرادة التعيين، لكن حكى: أن القول المشهور كونهُ غير منصرف، وتحقيق العدل فيه هو أن (4) كل (5) لفظِ جنسٍ أُطلق وأُريد به فردٌ معين (6) من أفراده، فلابدَّ فيه من لام العهد، سواء صار علمًا بالغلبة، كالصعق، والنجم (7)، أولا؛ نحو:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] أخذًا (8) من استقراء لغتهم، فثبت في سَحَرَ بذلك عدلٌ محقق (9).
وقال أبو حيان: تعيينه (10): أن يراد من يومٍ بعينه، سواء ذكرت ذلك!
(1) في "ن": "اللفظ والغلط فيه".
(2)
انظر "التنقيح"(1/ 285).
(3)
في جميع النسخ عدا "ن": "خلافه".
(4)
في "ن": "هو كون".
(5)
في "ج": "هو كل".
(6)
"معين" ليست في "ن".
(7)
في "ن": "كالنجم والصعق"، و"ج":"كالصعق والنجم فالصعق"، وفي "ع":"كالصعق والنجم والصعق".
(8)
في "ع": "أخذ".
(9)
انظر: "شرح الرضي على الكافية"(1/ 121).
(10)
في "ع": "بعينه".