الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل يرى كثير منهم أنه لو صلَّى القضاء بنية الأداء أو العكس، صحت صلاته إذا كان مخطئا.
نية الجمع
في اشتراط نية الجمع قولان في مذهب الحنابلة (1) والشافعية، الأصح عدم الاشتراط. يقول ابن حجر:"رجح كثير من الشافعية أن جمع التقديم تلزمه نيَّة الجمع، وخالفهم شيخنا شيخ الِإسلام، واستدلَّ له بمفهوم حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، فما ليس بعمل لا تشترط له النيّة، وجمع التقديم ليس بعمل"(2).
ويقول السيوطي: "استدل البلقيني (3) بحديث "إنَّما الأعمال .. ". على ما اختاره من أن جمع التقديم لا يشترط فيه النية، قال: لأن الجمع ليس بعمل إنما العمل الصلاة، ويقوي ذلك أنه صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك، ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين خلفه ولو كان شرطا لأعلمهم به"(4).
وذكر السيوطي عن البلقيني أيضا أنه لا يوجب نيّة الجمع في جمع التأخير.
صفة النية في النوافل
يرى الأحناف أنَّ النوافل والسنن من صلاة وصوم وحج مطلقة أو مقيدة تتأدى بنية مطلقة. ويقول ابن الهمام: (5)"المحققون على عدم اشتراطها "وعللوا ذلك
(1) المغني (2/ 279).
(2)
فتح الباري (1/ 18).
(3)
هو عمر بن رسلان عسقلاني الأصل، ولد في بلقينية من غربية مصر سنة (724 هـ)، وتعلم في القاهرة، مجتهد حافظ للحديث، ولي قضاء الشام، وتوفي في عام (805 هـ).
راجع: (شذرات الذهب 7/ 51)، (طبقات الحفاظ ص 538)، (الأعلام 5/ 205).
(4)
منتهى الآمال (22/أ)، (الأشباه والنظائر 13).
(5)
هو محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد السيواسي، ثم الإسكندري، المعروف بابن الهمام، حنفي عارف بأصول الدين والتفسير والفرائض والفقه والحساب واللغة، له (فتح القدير) في شرح الهداية، و (التجديد)، في الأصول. ولد عام (790 هـ)، وتوفي سنة (861 هـ) راجع:(الأعلام 6/ 184).
بأن" معنى السنية كون النافلة مواظبا عليها من النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفريضة المعينة وقبلها، فإذا أوقع المصلي النافلة في ذلك المحلّ صدق عليه أنَّه فعل الفعل المسمى نية
…
" (1).
ويقول الكاساني: (2)"إن كان يصلي التطوع تكفيه نية الصلاة، لأنّه ليس لصلاة التطوع صفة زائدة على أصل الصلاة ليحتاج إلى أن ينويها، فكان شرط النيّة فيها لتصير لله تعالى، وأنها تصير لله تعالى بنية مطلق الصلاة، ولهذا يتأدى صوم النفل خارج رمضان بمطلق النية"(3).
هذا مذهب الأحناف أمّا الشافعية والحنابلة والمالكية فقد قسموا النوافل إلى قسمين: (4)
الأول: نوافل مقيدة أو معينة أو ذوات أسباب: كصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، والسنن الرواتب، والوتر، ونحوها، فهذه مقيدة بأزمانها أو بأسبابها، فلا بد من نيَّة التعيين فيها، فمن افتتح الصلاة من حيث الجملة، ثم ردّها لهذه لم يجزىء.
وقد يحصل بينهم خلاف في عدّ بعض العبادات نوافل مقيدة، فتحتاج إلى تعيين، أو هي مطلقة فلا تحتاج إلى تعيين، كما في صلاة قيام رمضان. الشافعيّة والحنابلة يعدّونها من النوافل المقيدة، والمالكية يعدونها من قيام الليل.
فالنوافل المقيدة ينويها كأن ينوي صلاة الاستسقاء مثلا، أو يضيفها إلى سببها كالكسوف، وفي الرواتب تتعين بالإضافة بأن ينوي سنة الظهر مثلا.
(1) فتح القدير (1/ 187).
(2)
هو علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني أو الكاشاني يروى بكليهما، فقيه حنفي من أهل حلب، له (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع)، و (السلطان المبين في أصول الدين) توفي بحلب سنة (587 هـ).
راجع: (الأعلام 2/ 46)، (معجم المؤلفين 3/ 75).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 127)، وراجع حاشية ابن عابدين (1/ 306)، والهداية (1/ 187)، وتحفة الفقهاء (1/ 531).
(4)
المجموع (3/ 247)(6/ 329)، المغني لابن قدامة (1/ 466)، الذخيرة (1/ 511).
الثاني: النوافل المطلقة فهذه تتأدى بنيّة مطلقة، ولا تفتقر إلى نيّة التعيين، فإن كانت الصلاة في الليل فهي قيام ليل، وإن كانت في أول النهار فهي صلاة الضحى، أو عند دخول المسجد فهي تحيّة المسجد، وكذلك سائر العبادات من صوم وحج وعمرة.