الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقشة الحجج التي أوردوها
1 -
حاول بعض الذين يخالفون الأحناف فيما ذهبوا إليه أن يمنع استدلالهم بالدليل الأول زاعما أنَّ الماء ليس مطهّرا بطبعه، لأن هذا مبني على إثبات القوى والطبائع في المخلوقات، وأهل الحق ينكرونه، وجواب هؤلاء فاسد، وهو باطل حسا وشرعا وعقلا، والقرآن والسنة مملوءان من إثبات الأسباب والقوى، والعقلاء قاطبة على إثباتها سوى طائفة من المتكلمين حملهم المبالغة في إثبات قول القدرية النفاة على إنكارها جملة.
فما ذهب إليه الأحناف من أنَّ الماء مطهّر بطبعه على أنَّه منظِّف للمحل الذي نريد تطهيره، لا ينبغي أن يخالفوا فيه، والذي نخالفهم فيه، -وفيه النزاع- أنَّ الماء يفتتح به الصلاة، ويرفع المانع الذي جعله الشارع صادّا عن الدخول في الصلاة بطبعه من غير تقدم نيّة، فدعوى الأحناف هذه دعوة مجردة، لا يمكن تصحيحها البتة، بل هي بمثابة قول القائل: استعماله عبادة بمجرد طبعه محصل التعبد، والثواب به لا يحتاج إلى نيّة، وهذا بيّن البطلان.
يوضّح المسألة أنَّ التبرد والري والتنظف حاصل بالماء ولو لم يرده، وأما التعبد لله بالوضوء فلا يحصل إلا بنية التعبد، فقياس أحد الأمرين على الآخر قياس فاسد، لذا فإن ابن الهمام من علماء الأحناف لم يرتض الاستدلال بهذا الدليل من قبل علماء المذهب، قال: "أما جعل الماء طهورا بنفسه مستفادا من قوله تعالى: {مَاءً طَهُورًا} (1)، ومن قوله:{وليطَهِّرَكُمْ بِهِ} (2)، فلا يخفى ما فيه، إذ كون
(1) سورة الفرقان / 48 والآية: {وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا} .
(2)
سورة الأنفال/ 11 والآية: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطَهِّركم بهِ} .
المقصود من إنزاله التطهير به، وتسميته طهورا، لا يفيد اعتباره مطهرا بنفسه، أي رافعا للأمر الشرعي بلا نيّة، بخلاف إزالة الخبث، لأنَّ ذلك محسوس أنه مقتضى طبعه، ولا تلازم بين إزالته حسّا صفة محسوسة، وبين كونه يرتفع عند استعماله اعتبار شرعي، أعني الحدث، وقد حققنا في بحث الماء المستعمل أنَّ التطهير ليس من مفهوم (طهور)، والمفاد من (ليطهركم) كون المقصود من إنزاله التطهير به، وهذا يصدق مع اشتراط النيّة كما قال الشافعي:"وعدمه كما قلنا"(1).
ثم ذكر أن مستنده في عدم إيجاب النيّة في الوضوء هو عدم الدليل على الإيجاب وسيأتي ما فيه.
2 -
وأما دليلهم الثاني فالرد أننا نجزم بأنّ المراد بالوضوء والغسل رفع الحدث لا جريان الماء ولا الوضاءة، واستدلالهم على أنَّ الحدث يرتفع بقياس الأوْلى مردود، لأن رفع الخبث أمر حسيّ مشاهد لا يستدعي أن يكون رافعه من أهل العبادة، بل هو بمنزلة كنس الدار، وتنظيف الطرقات، وطرح المميتات، والخبائث، فزوال النجاسة لا يفتقر إلى فعل المكلف، بل لو أصابها المطر فأزال عينها طهر المحل بخلاف الطهارة من الحدث، فإن الله أمر بأفعال متميزة لا يكون المكلف مؤديا ما أمر به إلاّ بفعلها الاختياري الذي هو مناط التكليف. وقد سئل الإمام أحمد عن رجل توضّأ، فأصاب رأسه ماء السماء، فمسحه بيده، أيجزيه من مسحه برأسه؟ قال: إذا نوى أخشى أن لا يجزيه حتى ينوي.
وسئل عن رجل جنب وقع في ماء: أيجزيه عن الجنابة؟ قال: إذا نوى.
وسئل عمن اغتسل من الجنابة، ولم يتوضأ، أيجزيه؟ قال: إذا نوى الوضوء (2).
وقد تعرّض ابن العربي رحمه الله للفرق بين طهارة الحدث والطهارة من
(1) فتح القدير (1/ 90).
(2)
مسائل الإمام أحمد (ص 6).
النجاسة فقال: "إزالة النجاسة معقولة المعنى، لأن الغرض منها إزالة العين، لكن بمزيل مخصوص، فقد جمعت عقل المعنى وضربا من التعبّد؛ كالعدة جمعت بين براءة الرحم والتعبد، حتى صارت على الصغيرة واليائسة اللتين تحقق براءة رحمهما قطعا، ولا سيما ومنها غرض ناجز: وهو النظافة فيستقل به، وليس في الوضوء غرض ناجز إلا مجرد التعبد، بدليل لو أنّه أكمل الوضوء وأعضاؤه تجري بالماء، وخرج منه ريح بطل وضوؤه (1).
3 -
وأما استدلالهم بأن الشريعة قسّمت الأفعال إلى قسمين: قسم يحصل مقصوده بمجرده من غير نيّة، وقسم لا يحصل إلاّ بالنيّة، فمسلّم، ولكن الذي لا نسلّمه لهم، وننازعهم فيه -كون الوضوء والغسل من القسم الأول، إذ هذه الدعوى هي محلّ النزاع فلا تقبل، وقولهم في تقريرها: إن القصد من الوضوء والغسل النظافة .... الخ.
جوابه: أن لله على العبد عبوديتين: عبودية باطنة، وعبودية ظاهرة، فله على قلبه عبودية، وعلى لسانه وجوارحه عبودية، فقيامه بالعبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه إلى ربه، ولا يُوجب له الثواب وقبول عمله، فإنَّ المقصود امتحان القلوب، وابتلاء السرائر، فعمل القلب هو روح العبودية ولبها، فإذا خلا عمل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا روح، والنية هي عمل القلب الذي هو ملك الأعضاء والمقصود بالأمر والنهي، فكيف يسقط واجبه، ويعتبر واجب رعيته وجنده واتباعه الذين إنما شرعت واجباتهم لأجله، ولأجل صلاحه؟ وهل هذا إلاّ عكس القضية وقلب الحقيقة؟ والمقصود بالأعمال كلّها: ظاهرها وباطنها إنّما هو صلاح القلب وكماله وقيامه بالعبودية بين يدي ربه وقيومه وإلهه، ومن تمام ذلك قيامه هو وجنده في حضرة معبوده وربه، فإذا بعث جنوده ورعيته وتغيّب هو عن الخدمة والعبودية فما أجدر تلك الخدمة بالرد والمقت! وهل
(1) أحكام القرآن (4/ 1958).
الأعمال الخالية عن عمل القلب إلا بمنزلة حركات العابثين! وغايتها ألا يترتب عليها ثواب ولا عقاب.
4 -
أما استدلالهم بأنّ الوضوء وسيلة للصلاة والنية لا تشترط في الوسائل .... الخ.
فجوابه: أنّ الوضوء وإن كان وسيلة للصلاة إلاّ أنّه أيضا مقصود لذاته، وقد رتب الشارع عليه الأجر والثواب.
وقد خرم الأحناف قاعدتهم هذه في التيمم إذ أوجبوا النيّة له، ولذا احتج عليهم مخالفوهم بقياس الوضوء على التيمم، وسيأتي تحقيق ذلك قريبا عند التعرض للنيّة في التيمم.
5 -
وقولهم: "لو اعتبرت النية في الوضوء لاعتبرت في سائر شروط الصلاة" الخ، فالجواب أنَّ شروط الصلاة كاللباس والطهارة يقعان عبادة وغير عبادة، ولهذا لم يرد نصّ بثواب الإنسان على جنس اللباس والإزالة، وقد وردت النصوص بالثواب على جنس الوضوء كما سيأتي.
6 -
وأمّا استدلالهم بالآيات الآمرة بالوضوء والغسل وأنها جاءت مطلقة ليس فيها الأمر بالنية، ولا يوجد في القرآن أمر بها
…
الخ.
فجوابه من وجوه:
أولا: لا نوافقهم على أن الآية الآمرة بالوضوء لا تدلّ على النية، يقول ابن قدامة في آية الوضوء: "والآية حجة لنا، فإنَّ قوله: {إذَا قُمْتمْ إلَى الصلَاةِ فاغسلوا
…
} (1). الآية، أي للصلاة، كما يقال: إذا لقيت الأمير فترجل، أي له، وإذا رأيت الأسد فاحذر، أي منه" (2).
(1) سورة المائدة / 6.
(2)
المغني (1/ 110).
وبيّن القرطبي في تفسيره وجه احتجاج علماء المالكية وبعض الشافعية بآية الوضوء قال: فلما وجب فعل الغسل كانت النية شرطا في صحة الفعل، لأن الفرض من قبل الله تعالى، فينبغي أن يجب فعل ما أمر الله به، فإذا قلنا: إن النيّة لا تجب عليه لم يجب عليه القصد إلى فعل ما أمره الله تعالى.
ومعلوم أنَّ من اغتسل تبردا، أو لغرض، ما قصد أداء الواجب، وصحَّ في الحديث أن الوضوء يكفر، فلو صحّ بغير نيّة لما كفّر (1).
ونقل ابن العربي عن فخر الإسلام أن ضرورة اللغة تقضي أنّ الغسل المأمور به (في الآية) إنما هو لأجل الصلاة (2).
وقد حقق ابن العربي القول في الآية فقال:
قوله تعالى: {إِذَا قمتمْ إِلَى الصلاةِ
…
}، لا يخلو من ستّة أقسام:
الأوّل: ألّا يربط غسل الوجه وما بعده بشيء.
الثاني: أن يربط بالقيام إلى الصلاة.
الثالث: أن يربط بالحدث وبالصلاة.
الرابع: أن يربط بالصلاة.
الخامس: أن يربط بالكل.
السادس: أن يربط ببعضه (3).
ثم أخذ ينظر في كلّ واحد من هذه الستة ويبيّن مدى صلاحيته لذلك، فإن قيل: لا نربطه بشيء كان محالا لغة محالا بالإجماع، فإنَّه قد ربط بما ربط على الاختلاف فيه.
(1) تفسير القرطبي (6/ 84).
(2)
أحكام القرآن (ص 56).
(3)
أحكام القرآن (2/ 563).
وبين أن ربطه بالقيام إلى الصّلاة محال ضرورة، لأنَّه لا يمكن الجمع بينهما، ومحال معنى لأن نفس القيام لا يقصد بذلك من الوضوء، وإنَّما المعنى: إذا أردتم القيام ونفس الإرادة هي النيّة.
وبيّن عدم صلاحية ربط الوضوء بالحدث، لأن الوضوء يجب بالحدث، لا من أجله إجماعا.
فلم يبق إلا أنَّ الأمر بالغسل في الآية مرتبط بالصلاة، وقد صرح النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله:"لا يقبل الله صلاةً بغير طهور"(1)، وإذ أمر الله بالغسل للصلاة فلم ينو المكلف كذلك لم يمتثل ما أمر به.
أما القول بأنّه يرتبط بالكلّ ففساده ظاهر (2).
ثانيا: لا نسلّم أنّ القرآن لم يأمر بالنيّة، بل أمر بها، وقد استدلّ العلماء (3) الموجبون للنية في العبادات عامّة وفي الوضوء خاصّة بالآيات الآمرة بالإخلاص، كقوله:{فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَهُ الدينَ} (4).
وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدينَ} (5).
فالآيات تأمر بالِإخلاص في العبادة، وإخلاص الدِّين هو النيّة، ومن اغتسل للتبرّد أو التنظف لم يخلص الدّين لله.
واستدلوا بمثل قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (6).
(1) رواه مسلم في صحيحه (انظر مشكاة المصابيح 1/ 100).
(2)
أحكام القرآن (2/ 563).
(3)
الذخيرة (1/ 235)، مجموع الفتاوى (26/ 31)، تفسير القرطبي (15/ 233).
(4)
سورة الزمر/ 2.
(5)
سورة البينة / 5.
(6)
سورة الشورى/ 20.
قالوا: ومن اغتسل للتبرّد والتنظّف لم يرد حرث الآخرة يقول ابن العربي عند هذه الآية: "هذه الآية تبطل قول أبي حنيفة أنه من توضأ تبردا يجزيه عن فريضة الوضوء الموظفة عليه في الآخرة، والتبرد من حرث الدنيا، فلا يدخل أحدهما على الآخر، ولا تجزىء نيّة عنه بظاهر هذه الآية"(1).
وقد يقال: إن هذه النية "الإخلاص" يراد بها قصد المعبود، وهي غير النيّة التي تبحثونها هنا، وهي نيّة قصد العبادة، فالجواب: أنَّ نيّة "الإخلاص" تشمل نيّة العبادة، إذ قصد المعبود يستلزم قصد العبادة التي يتقرب بها إلى الله.
وقد اعترف بعض الأحناف بقوة هذا الدليل وذهب إلى العمل بمقتضاه، قال: "الحقُّ أن الدليل قائم على اعتبار النيّة في جميع العبادات، لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} .
والإخلاص هو النيّة وهو جعله بنفسه متلبسا بحال من أحوال العابدين" (2).
واستدلّوا على ثبوت النية بالقرآن بقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (3)، ومن هؤلاء محمد بن إسماعيل البخاري، قال في صحيحه: "باب ما جاء أنَّ الأعمال بالنيّة والحسبة
…
"، وأورد قوله تعالى: {قلْ كُل يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}، قال: على نيته"(4).
وهذا التفسير وإن قال به البخاري رحمه الله والحسن البصري ومعاوية بن قرّة وغيرهم، فإنّه ليس نصّا في الموضوع، فقد فُسِّرت الشاكلة بالطريقة والناحية وهو قول أكثر العلماء (5)، وقيل (الشاكلة) الدين.
(1) أحكام القرآن (4/ 1655).
(2)
فتح القدير (1/ 30).
(3)
سورة الإسراء/ 84.
(4)
صحيح البخاري. انظر فتح الباري (1/ 135).
(5)
فتح الباري (1/ 135).
ثالثا: لم يأخذ الأحناف بحديث "إنَّما الأعمال بالنيات" بحجة أن الحديث يصبح ناسخا للآية في حال قبول الاحتجاج به، لأنّه يفيد حكما جديدا لم يرد في الآية، والزيادة على النصّ عندهم نسخ
…
الخ.
نقول في الجواب: لا نسلّم أنَّ الحديث تضمّن حكما لم تأت الآيات الآمرة بالوضوء والغسل به، وقد تبين لنا مما مضى أن الآيات تدل على النيّة.
وإذا سلمنا لهم أن ما تضمنه الحديث فيه زيادة على ما نصّت الآيات عليه، فلا نسلم لهم أن الزيادة على النصّ نسخ، فمذهب الشافعية والمالكية والحنابلة أنَّ الزيادة على النصّ ليست نسخا، لأنَّ حقيقة النسخ لم توجد في الزيادة، ولأن حقيقة النسخ تبديل، ورفع لحكم الخطاب، والزيادة تقرير للحكم المشروع، وضمّ شيء آخر إليه.
قال ابن قدامة: "ولنا أنّ النسخ هو رفع حكم الخطاب، وحكم الخطاب بالحدّ وجوبه وإجزاؤه عن نفسه، وهو باق وإنَّما انضمّ إليه الأمر بشيء آخر فوجب الإتيان به؛ فأشبه الأمر بالصيام بعد الصلاة، فأمّا صفة الكمال فليس هو حكما مقصودا شرعيا، بل المقصود الوجوب والإجزاء، وهما باقيان، ولهذا لو أوجب الشرع الصلاة فقط كانت كليّة ما أوجه الله وكماله، فإذا أوجب الصيام خرجت الصلاة عن كونها كلّ الواجب، وليس بنسخ اتفاقا، وأما الاقتصار عليه فليس مستفادا من منطوق اللفظ لأن وجوب الحدّ لا ينفي غيره، وإنما يستفاد من المفهوم، ولا يقولون به"(1).
رابعا: إذا سلّم المخالف لهم بأنَّ الزيادة على النصّ تعد نسخا فإنه لا ينبغي أن يسلم لهم أن الدليل الذي دلّ على اشتراط النيّة حديث فرد، بل هو حديث متواتر تواترا معنويا، وسنبين حقيقة التواتر المعنوي (2) وقوته في الاحتجاج، وأنه لا يقل
(1) روضة الناظر (ص 41). ومراده بالحدّ حدّ القذف لأن كلامه فيه.
(2)
انظر ملحق الكتاب، ص 529.
رتبة عن المتواتر اللفظي، وبذا يجوز أن يقال بجواز نسخ القرآن بالسنة، لأنها متواترة.
ومما يحتج به على الأحناف أنّ حديث: "إنما الأعمال" قد تلقته الأمة بالقبول، وأجمعت على صحته، وما كان هذا سبيله فإنه بمنزلة المتواتر. يقول الجصاص (1) الحنفي:"خبر الواحد إذا تلقاه النّاس بالقبول صار بمنزلة التواتر"(2)، ثم بين مراده من تلقي الناس له بالقبول، فقال:"وليس معنى تلقي الناس له بالقبول ألّا يوجد له مخالف، وإنما صفته أن يعرف عظم السلف، ويستعملونه من غير نكير الباقين على قائله، ثم إن خالف بعدهم فيه مخالف كان شاذا، لا يلتفت إليه"(3).
ومن طالع تخريجنا للحديث علم أنّ حديث "إنّما الأعمال" على النحو الذي وصف الجصاص، بل نقول: لم يذهب الغالبية فحسب إلى صحته بل أجمعوا على صحته، "والإجماع يصحح خبر الواحد ويمنع الاعتراض عليه"(4)، كما يقول الجصاص، ويقول:"ويصير الإجماع قاضيا باستقامة وصحة مخرجه"(5).
(1) هو أحمد بن علي الرازي الجصاص من أهل الري، سكن ومات في بغداد، انتهت إليه رياسة الحنفيه، له كتاب "أحكام القرآن"، والفصول في أصول الفقه، توفي سنة (370 هـ)، راجع:(شذرات الذهب 3/ 71)، الأعلام 1/ 165).
(2)
الفصول (2/ 396، 403).
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.