الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: الصحة، والثاني: السياق. وقال الحافظ العراقي: هذا الحديث من أفراد الصحيح (1)، وممن أنكر كلام ابن مندة الحافظ المزي (2).
قال ابن كثير: وقد ذكر له ابن مندة متابعات غرائب، ولا تصحّ كما بسطناه في مسند عمر وفي الأحكام الكبير (3).
ولعل مراد ابن مندة ذكر الصحابة الذين رووا أحاديث في مطلق النية، وقد تتبع الحافظ العراقي في كتابة "النكت" على ابن الصلاح أحاديث هؤلاء الصحابة، فوجد أكثرها في مطلق النية لا بلفظ:"إنّما الأعمال بالنيات"(4).
5 - أنه متواتر:
وقد زعم بعض الشيوخ أن هذا الحديث متواتر (5)، وهذا غير صحيح، فقد علمنا تفرد يحيى بن سعيد فمن فوقه بروايته، ولذا قال ابن الصلاح في علوم الحديث": حديث (إنما الأعمال) ليس من المتواتر بسبيل" (6).
ولعل الذي دعا بعض العلماء إلى القول بتواتره نظرهم إلى آخره، فإنّه رواه عن يحيى بن سعيد خلق كثير، قال النووي: رواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة (7)، وذكر بعض العلماء أنّه قد رواه عنه أكثر من ذلك، وذكر بعضهم أنه كتبه عن سبعمائة من أصحاب يحيى.
إلاّ أن الحافظ ابن حجر قال في شرحه على البخاري: "وأنا أستبعد هذا، وقد تتبعت طرقه من الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة"(8).
(1) منتهى الآمال /3، تلخيص الحبير 1/ 55.
(2)
منتهى الآمال /3.
(3)
الباعث الحثيث ص 56.
(4)
منتهى الآمال /3، تلخيص الحبير 1/ 55.
(5)
الباعث الحثيث/ تعليق المحقق 1/ 56.
(6)
منتهى الآمال/3.
(7)
منتهى الآمال/2.
(8)
المصدر السابق.
وقال: "تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء، فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقا"(1).
ومع ذلك فإن هذا التواتر الذي في آخره لا يجعل الحديث متواترا، لأنَّ التواتر طرأ عليه في وسط الإسناد، ولم يوجد من أوله، والحديث لا يكون متواترا حتى يرويه الجمع الغفير الذي يستحيل تواطؤهم على الكذب من بدء السند إلى منتهاه.
ولكن يصح القول بتواتر هذا الحديث إذا قصدنا التواتر المعنوي، وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب قضايا مختلفة تشترك في أمر، فيكون ذلك القدر المشترك متواترا.
مثاله سخاء حاتم الطائي، فإنّه ينقل عن شخص أنَّ حاتمًا أعطاه شاة، وآخر أعطاه فرسا، وآخر أعطاه دينارا، وهلمَّ جرا. فيتواتر ذلك القدر المشترك بين أخبارهم وهو سخاؤه، لأنَّ هذه الجزئيات اشتركت في كلّ واحد، وراوي الجزئي راوي الكلّي، وهو السخاء، فيكون متواترا بالتضمين.
وحديث النيّة من هذا القبيل، فإنه قد وردت أخبار كثيرة في اعتبار النية والاعتماد عليها كما نرى، فصار متواترا بهذا الاعتبار وإن لم يتواتر لفظه.
قال ابن حجر: "وعرف بهذا التقرير غلط من زعم أنَّ خبر عمر متواتر، إلا إن حمل على التواتر المعنوي فيحتمل".
(1) تلخيص الحبير 1/ 55.