الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقت النيّة في الصلاة
للعلماء في وقت النية في الصلاة ثلاثة أقوال:
القول الأول: وجوب المقارنة تكبيرة الإحرام:
مذهب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أن وقت النيّة في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، فلا يجوز تقدمها ولا تأخرها (1).
وهذا مذهب الشافعي -رحمه الله تعالى- قال في الأمِّ: "ولا تجزيه النيّة إلاّ أن تكون مع التكبير، لا تتقدم التكبير، ولا تكون بعده"(2).
وفي مختصر المزني "قال الشافعي: وإذا أحرم إماما أو وحده نوى صلاته في حال التكبير لا قبله ولا بعده"(3).
وإلى هذا المذهب قال ابن المنذر (4) أيضا، وبه قال الطحاوي (5) من الأحناف (6)، وقد استدل للقائلين بهذا المذهب بأدلّة منها:
1 -
قوله تعالى: {وَمَا أمِرُوا إلْا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَه الدِّينَ} (7).
(1) المغني (1/ 469)، الإفصاح (1/ 88)، الذخيرة (1/ 243).
(2)
الأم (1/ 86).
(3)
مختصر المزني (1/ 70).
(4)
المغني (1/ 469).
(5)
هو أحمد بن محمد الأزدي، ولد في (طحا) بصعيد مصر عام (339 هـ) ونسب إليها، تفقه بمذهب الشافعي، ثم انتقل إلى مذهب الأحناف، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، له (شرح معاني الآثار)، و (مشكل الآثار)، توفي في عام (321 هـ).
ترجمته في: (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 6/ 250)، (تذكرة الحفاظ 3/ 808)، (طبقات الحفاظ ص 337).
(6)
حاشية ابن عابدين (1/ 306).
(7)
سورة البينة / 5.
فقوله مخلصين حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والِإخلاص هو النيّة (1).
2 -
أنّ أول العبادة لوعَرَى عن النيّة لكان مترددا بين القربة غيرها، وآخر الصلاة مبني على أولها، فإذا كان أولها متردِّدا كان آخرها كذلك، واستثني من ذلك الصوم للمشقة.
وللشافعية في كيفية المقارنة ثلاثة أقوال: (2)
الأول: أن تقترن النيّة بالتكبير وتنبسط عليه، فينطبق أوّلها على أول التكبير وآخرها على آخره.
الثاني: أن تتقدم النيّة على التكبير، وإذا تمّت افتتح همزة التكبير متصلة بآخر النيّة، ولو قرن النيّة بالتكبير لم يجز.
الثالث: لو قدم النيّة كما ذكر المتقدمون، أو قرن كما ذكره الأولون جاز.
واحتج أصحاب المذهب الأول: بأنَّ العقد يحصل بالتكبير، فينبغي أن يكون القصد مقرونا به، وإن تقدَّم القصد، ثم جرى التكبير عريا عن القصد، لم يرتبط القصد بالمقصود، ولم يتحقق تعلق أحدهما بالثاني.
والذين ارتأوا تقديم النيّة اعتلوا بأنَّ النيّة لو بسطت على التكبير خلا أوّل التكبير من نية تامة، وإذا قدّمت النيّة ثبت حكمها، فاقترن حكم النيّة التامة بأوّل جزء من التكبير.
والذين جوزوا الأمرين جميعا بنوا توجيه مذهبهم على المسامحة في الباب، واستروحوا إلى أنَّ الأولين كانوا لا يتعرضون لتضييق الأمر في ذلك على الناس.
ولإمام الحرمين عند الملك بن عبد الله الجويني الشافعي نظرة دقيقة وعميقة فيما ذهب إليه أصحاب هذه الأقوال.
(1) المغني (1/ 469).
(2)
نهاية المطلب لإمام الحرمين (نهاية الإحكام ص36)، المجموع (3/ 244).
فهو يرى أنهم وقعوا في خطأ بين عندما اعتمدوا أنّ للنية ابتداء ووسطا وجريانا في الضمير على ترتيب، والذي أوقعهم في هذا الخطأ هو ذهولهم عن حقيقة النيّة. فالنيّة تقع في لحظة واحدة، ولا تحتمل البسط والاسترسال والترتيب، أمَّا الذي يقع فيه الترتيب، ويحتمل البسط فهو العلوم بصفات المنوي يقول:"إذا كان الفعل موصوفا بصفات، فالعلوم بها تترتب وتقع في أزمة في مطرد العادة".
وبناء على ما حققه أخذ يوجه الأقوال الثلاثة:
فالذي يقول بالتقديم: إنّما يقدم إحضار العلوم، وإذا اجتمعت، ولم يقع الذهول عن أوائلها، وقع القصد إلى العلوم بصفاتها مع أوَّل التكبير، فتكون النيّة في لحظة واحدة مقترنة بأول جزء من التكبير.
ويوجه القول الثاني: بأن الذي ينبسط هو أزمنة العلوم، فيبتدئها مع أول التكبير، ثم يقدّر تمام حضورها مع آخر التكبير، فعند ذلك يجرد القصد إلى ما حضرت العلوم به، فينطبق هذا القصد على آخر التكبير، وآخر التكبير أول العقد.
والذين قالوا بالتخيير بين التقديم والتأخير آل حاصل كلامهم إلى التخيير بين إطباق القصد على أول التكبير، وبين إطباق النيّة على أول العقد. ثم بين أن الذي يختلج في صدره أنه لا يقدح على القاعدة إلاّ ثلاثة أوجه:
أحدها: محاولة تطبيق القصد على أوّل التكبير.
الثاني: تطبيق القصد على آخر التكبير وهو وقت العقد.
الثالث: التخيير بينهما.
ثم قال: أما البسط فليس له معنى، ولكن لما لم تكن النية إلاّ في خطرة، والتكبير يسمى تكبيرة العقد، وكانت حقيقة النية لا تنبسط، وذهب ذاهبون إلى بسط العلم إلى إنشاء القصد، وذهب ذاهبون إلى بسط الذكر.
ثم بيَّن أن الغرض المكتفى به أن تقع النية بحيث تعدّ مقترنة بعقد الصلاة، ثمّ