الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخالف بعض العلماء في المرأة تغتسل من الحيض والنفاس بنيّة استباحة وطء الزوج، فقالوا: لا تستبيح الصلاة به، والأصح الصحة، لأنَّ الحائض مأمورة بذلك شرعا (1).
إذا نوى ما تستحب له الطهارة:
أما إذا توضأ لأمر تستحب له الطهارة كالجلوس في المسجد، وقراءة القرآن، فقد ذهب المالكية والشافعية في أصحّ القولين عندهم إلى أنّ ذلك لا يجزئه، لأنّ الجلوس في المسجد ونحوه يستباح من غير طهارة.
وقد صحّح جمع من علماء المالكية والشافعية وضوءه، ونصوا على أن حدثه يرتفع بذلك، بل إن ظاهر كلام الشافعي في الأم، وكلام المزني أن من نوى ما يستحب له الطهارة تصح صلاته، وهذا هو الأظهر إن شاء الله، وفي المسألة قولان في مذهب الحنابلة، الراجح عندهم ارتفاعه (2).
إذا نوى ما لا تشرع الطهارة له:
إذا قصد ما لا تشرع له الطهارة كالتبرد، ونظافة أعضائه من وسخ أو طين أو تطهير لأجل دخول السوق، أو السلام على الأمير، أو لبس الثوب والصيام، وعقد البيع، والنكاح، والخروج إلى السفر، ولقاء القادم ونحو ذلك فلا يجزئه قولا واحدا (3).
إذا نوى من عليه أحداث رفع أحدها:
في مذهب الحنابلة فمن نوى رفع أحد الأسباب وعليه غيره في الوضوء أو الغسل أنه يرتفع سائرها، هذا هو المذهب الصحيح، وقيل لا يرتفع إلا ما نواه (4).
وفي مذهب الشافعية خمسة أوجه: (5)
(1) المجموع (1/ 373).
(2)
المجموع (1/ 374)، الحطاب على خليل (1/ 237)، الذخيرة (1/ 246)، الإنصاف (1/ 145، 147)، (الأم 1/ 30، 31)، (مختصر المزني 1/ 225).
(3)
المغني لابن قدامة (1/ 111)، المجموع (1/ 374).
(4)
المغني (1/ 267 - 268)، (التوضيح ص 19)، الإنصاف (1/ 149).
(5)
المجموع (1/ 385).
الأول: يصح وضوؤه، لأن الأحداث تتداخل، فإذا ارتفع واحد ارتفع الجميع، وهذا أصح الأقوال.
الثاني: لا يصح مطلقا لأنه لم ينو رفع جميع الأحداث.
الثالث: إن نوى رفع الحدث الأول صحّ، وإن نوى ما بعدّه لم يصح، لأنَّ الذي أوجب الطهارة هو الأول دون ما بعده.
الرابع: إن نوى رفع الأخير صحّ وضوؤه وإلا فلا، لأن ما قبل الأخير اندرج فيه.
الخامس: إن اقتصر على نيّة رفع أحد الأحداث صح وضوؤه، وإن نفى غيره فلا.
والصواب في هذه المسألة أن الحدث يرتفع بنيّة رفع واحد من الأحداث التي عليه، لأنه لا يجب عليه أن ينوي رفع حدث معين بل يجزئه أن ينوي رفع الحدث مطلقا، وقد بين المزني رحمه الله هذه المسألة غاية البيان، فقال:"ليس على المحدث عندي معرفة أي الأحداث كان منه، وإنما عليه أن يتطهر للحديث، ولو كان عليه معرفة أي الأحداث كان منه، كما كان عليه معرفة أي الصلوات عليه لوجب لو توضأ من ريح ثم علم أنَّ حدثه البول، أو اغتسلت المرأة تنوي الحيض، وإنما كانت جنبا، أو من الحيض، وإنما كانت نفساء، لم يجزىء أحد منهم، حتى يعلم الحدث الذي تطهر منه، ولا يقول بهذا أحد نعلمه"(1).
يوضح هذه المسألة أنَّ الحدث له في اصطلاح الفقهاء معنيان:
الأول: الأسباب الموجبة له، يقال: أحدث إذا خرج منه ما يوجب الوضوء.
الثاني: المنع المرتب على هذه الأسباب، فإنَّ من صدر منه سبب من هذه الأسباب فقد منعه الله من الِإقدام على هذه العبادة حتى يتوضأ.
(1) مختصر المزني (1/ 30 - 31).