الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثّالِث المقاصد السَّيّئة
المقاصد السَّيّئَة
من ابتغى بالعبادة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة
المقاصد الخيرة هي التي يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى، أو يقصد المصالح التي أجاز الشارع للمكلف قصدها.
فإذا ابتغى المكلف بالعبادة غير ما شرعت العبادة له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها فعمله في هذه الحالة غير صحيح، والأدلة على ذلك كثيرة (1):
أحدها: أنَّ المكلَّف إذا قصد غير ما قصده الشارع فقد جعل ما قصده الشارع مهمل الاعتبار، وما أهمل الشارع مقصودا معتبرا، وذلك مضادّ للشريعة.
الثاني: أن هذا المقاصد غير ما قصده الشارع مشاقّ للرسول متبع غير سبيل المؤمنين، وقد ذمَّ الله هذا الصنف من الناسٍ:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (2).
الثالث: أنّ هذا القصد يجعل العبادة المؤدّاة كأن لم تؤد، ولم تفعل، فإن الشارع يريد أن تؤدى العبادة بقصد معين، فإذا لم يأت به المكلّف صار كالفاعل لغير ما أمر به، والتارك لما أمر به.
الرابع: أنَّ العبادة شرعت وسيلة إلى مصالح أرادها الشارع، ورضيها، فجعلها هذا العابد وسائل لمصالحه هو، لا للمصالح التي أرادها الشارع.
(1) الموافقات 2/ 244 - 246.
(2)
سورة النساء: 115.
الخامس: أن هذا القصد إستهزاء بآيات الله، لأن من آياته أحكامه التي شرعها، بدليل قوله تعالى:{وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ الله هُزُوًا} (1)، وهذا الذي حذر الله منه متحقق فمن قصد بالعبادة غير ما شرعت له، وقد ذم الله المنافقين المستهزئين بالله وآياته ورسوله:{أَبِالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كنْتُمْ تَستَهْزِئُونَ} (2).
وللمسألة أمثلة كثيرة كإظهار كلمة التوحيد قصدا لإحراز الدم والمال لا للإقرار للواحد الحقّ بالوحدانية، والصلاة لينظر إليه بعين الصلاح، والذبح لغير الله، والهجرة لينال دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، والجهاد للعصبية، أو لينال شرف الذكر في الدنيا.
وسنتناول في هذا الفصل المقاصد السيئة التي تبتغي من العبادة غير ما شرعت له.