الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط السادس
قصد العبادة دفعة واحدة
وقد حقَّق العز بن عبد السلام (1) القول في هذه المسألة فقال: "تفريق النية على الطاعة يختلف باختلاف الطاعات، والطاعات أقسام:
أولها: طاعة متحدة، وهي التي يفسد أولها بفساد آخرها كالصلاة والصيام، فلا يجوز تفريق النية على أبعاضها. مثاله في الصيام: أن ينوي إمساك الساعة الأولى وحدها، ثم ينوي إمساك الساعة الثانية، وكذلك يفرد كل إمساك بنيّة تختص به إلى آخر النهار، فإن صومه لا يصح. وكذلك لو فرّق نيّة الصلاة على أركانها وأبعاضها، مثل أن يفرد التكبير بنية، والقيام بنيّة ثانية، والركوع بنيّة ثالثة، وكذلك إلى انقضاء الصّلاة، فإنَّ صلاته لا تصح، لأن ما نواه من هذه المفردات ليس بجزء من الصلاة على حياله.
ثانيها: طاعة متعددة كالزكاة والصدقات، وقراءة القرآن، فهذا يجوز أن يفرد أبعاضه بالنية، وأن يجمعه في نية واحدة، فلو فرق النيّة على أحد جزئي الجملة في القراءة مثل أن قال: بسم الله، أو قال: فالذين آمنوا؛ فالذي أراه أنه لا يثاب على ذلك، ولا يثاب إلا إذا فرق النية على الجمل المفيدة، إذ لا قربة في الإِتيان بأحد جزئي الجملة، وجمل القرآن ضربان:
(1) هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي، فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد، ولد بدمشق عام (577 هـ)، وتولى الخطابة بالجامع الأموي، له (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، توفي في سنة (660 هـ).
راجع: (العبر فى أخبار من غبر 5/ 260)، (شذرات الذهب 5/ 301).
أحدهما: ما لا يذكر إلاّ قرآنا، كقوله:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوح الْمُرْسَلِينَ} (1) فهذا يحرم على الجنب قراءته.
الضرب الثاني: ما يغلب عليه كونه ذكرا ليس بقرآن كقوله: بسم الله، والحمد لله، ولا إله إلَاّ الله، فهذا لا يحرم على الجنب قراءته إلاّ أن ينوي به القراءة لغلبة الذكر عليه.
ثالثا: ما اختلف في اتحاده كالوضوء والغسل، فمن رآهما متحدين منع من تفريق النية على أجزائهما، ومن رآهما متعددين جوز تفريق النية على أبعاضهما (2).
(1) سورة الشعراء / 105.
(2)
قواعد الأحكام (1/ 219)، وراجع في المسألة: المجموع (1/ 379 - 380)، الإنصاف (1/ 151).