الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"كنف" بفتح النُّون، وهو الجانب والمعنى: لأصرخنَّ بها بينكم وأوجعنكم بالتقريع، كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه أو جانبيه.
21 - بَابُ صَبِّ الخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ
(باب: صبّ الخمر في الطَّريق) في نسخة: "في الطُّرق".
2464 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي:"أَلا إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ" قَال: فَقَال لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَال بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93].
[4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253 - مسلم:. 1980 - فتح 5/ 112]
(حدَّثنا محمد) في نسخة: "حدَّثني محمد". (عفَّان) أي: ابن مسلم الصفار، وهو من شيوخ البخاري، روى عنه في الجنائز بغير واسطة وهنا بها. (ثابت) أي: ابن أسلم البناني. (الفضيخ) بفتح الفاء وخفة المعجمة وخاء معجمة: شرابٌ يتَّخذ من البسر من غير أن تَمسَّه النَّار. (في سكك المدينة) بكسر السِّين أي: طرقها وأزقتها. (فأهرقها) بقطع الهمزة وبوصلها أي: صبها. (فهرقتها) بفتح الرَّاء وأصله: أرقتها أبدلت الهمزةُ هاءً، وقد يجتمعان -كما مرَّ- وهو نادر. (فجرت في سكك المدينة). إنَّما صبت في السكك وإن آذت المار فيها؛ للإعلان برفضها، وليشتهر تركها وذلك مصلحة عامة راجحة على مصلحة عدم التأذِّي بصبها، وقيل: كان ذلك أوَّل الإسلام قبل أن ترتب الأشياء وتنظف، فأما الآن فلا ينبغي صبُّ النَّجاسات في الطرق؛ لئلا
يتأذى المسلمون بها (1).
(1) قال ابن عثيمين رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين". حديث في تحريم الخمر: وكان تحريم الخمر على أربع مراحل، المرحلة الأولى: إباحة، أن الله أباحه للعباد إباحة طيبة، فقال تعالى:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67]، يعني: تشربونه فتسكرون، وتتجرون به فتحصلون رزقًا.
المرحلة الثانية: عرض الله تعالى بتحريمه، وقال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] ولم ينه عنهما.
المرحلة الثالثة: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]، فنهى عن قربان الصلاة في حال السكر وهذا يقتضي أنه يباح شرب الخمر في غير أوقات الصلاة.
المرحلة الرابعة: التحريم البائن قال تعالى في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]. فاجتنبه الناس؛ لكن لما كانت النفوس تدعو إليها، إلى الخمر وشربها، جعل لها رادع يرجع الناس عن شربها، وهو العقوبة.
ولم يقدر لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فعقوبة الشارب ليست حدًّا، لكنها تعزيز ولهذا جيئ برجل شرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اضربوه". ولا قال: أربعين، ولا ثمانين ولا مائة، ولا عشرة فقاموا يضربونه، منهم الضارب بثوبه، ومنهم الضارب بيده، ومنهم الضارب بنعله، لكن ضربوه نحو أربعين جلدة، فلما انصرفوا، وانصرف الرجل قال رجل من القوم: أخزاه الله يعني: أذله، وفضحه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل هكذا، لا تدع عليه بالخزي، رجل شرب مسكرًا، وجلده وتطهر بالجلد، لا تعينوا عليه الشيطان، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبوه، مع أنه شارب خمر.