الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قلت الكذب والصدق صفتان للقول لا الظن ثم إنهما لا يقبلان الزيادة والنقصان، فكيف يبني منه أفعل التفضيل؟ قلت: بجعل الظن لمتكلم فوصف بهما، كما يوصف المتكلم فيقال: متكلم صادق وكاذب، والتكلم يقبل الزيادة والنقصان في الصدق والكذب. يقال: زيد أصدق من عمرو، فمعناه: الظن أكذب في الحديث من غيره. انتهى (1) وكان مراده بالظن في قوله فمعناه: الظن الظان.
(ولا يحل مال المسلمين) أي: ولو من غير المقر لهم من الورثة. (إذا اؤتمن خان) ذكره ردًّا على من ذكر أيضًا؛ لأنه إذا وجب ترك الخيانة على الشخص وجب الإقرار بما عليه، وإذا أقر لا بد من اعتبار إقراره، وإلا لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة. ({إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}) وجه الاستدلال به: أنه إذا وجب رد الأمانة التي هي غير لازمة فوجوب رد الدين اللازم وصحة قبول الإقرار به أولى. (فيه) أي: في قوله: (آية المنافق إذا اؤتمن خان). (عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم) بلفظ: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصًا) وفيه: (إذا اؤتمن خان) ومرّ شرح الحديث مع ما بعده في الإيمان (2). (ثلاث) ساقط من نسخة.
9 - بَابُ تَأْويلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]
وَيُذْكَرُ "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الوَصِيَّةِ" وَقَوْلِهِ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] "فَأَدَاءُ
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 12/ 66.
(2)
سبق برقم (33) كتاب: الإيمان، باب: علامة المنافق.
الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الوَصِيَّةِ" وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَدَقَةَ إلا عَنْ ظَهْرِ غِنًى" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا يُوصِي العَبْدُ إلا بِإِذْنِ أَهْلِهِ" وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "العَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ".
[انظر: 1426، 1427]
(باب: تأويل قول الله تعالى) في نسخة: "قوله تعالى". ({مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ}) في نسخة: ({يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}) أي: بيان تأويل ما ذكر من تقديم الوصية في الذكر على الدين مع أنه مقدم عليها في الأداء. (أو قوله) بالجر عطف على (تأويل). (عز وجل) ساقط من نسخة: (لا صدقة) أي: كاملة إلا عن (ظهر غنى) بإقحاكم (ظهر) أي: والمديون ليس بغني فالوصية التي لها حكم الصدقة تعتبر بعد الدين ذكره الكرماني (1).
وأما تقديم الوصية في الذكر على الدين، ففيه أوجه: منها: أنها قدمت لأنها إما تقع على سبيل البر بخلاف الدين: لأنه يقع قهرًا فكانت الوصية أفضل، ومنها: أنها تؤخذ بغير عوض بخلاف الدين فكانت أشق على الورثة منه، ومنها: أنها مظنة التفريط فكانت أهم فقدمت. (لا يوصي العبد إلا بإذن أهله) أي: بإذن سيده له في الوصية عن نفسه، لا عن العبد إذ العبد لا يملك شيئًا.
(العبد راع في مال سيده) أي: حافظ ملتزم صلاح مال سيده فلا يتصرف فيه إلا بإذنه.
2750 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 12/ 67.
فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَال لِي:"يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ، بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ العَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ رحمه الله.
[انظر: 1742 - مسلم: 1035 - فتح: 5/ 377]
(الأوزاعي) اسمه: عبد الرحمن. (إن هذا المال) أي: في الرغبة والميل إليه كالفاكهة. (خضر) أي: في النظر. (حلو) أي: في الذوق. (بإشراف نفسٍ) أي: بطلبها وحرصها. (لا أرزأ) بتقديم الراء على الزاي وأصله: النقص، أي: لا آخذ من أحد بعدك شيئًا. ومرَّ شرح الحديث في الزكاة (1).
2751 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، قَال: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَال: "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ".
[انظر: 893 - مسلم: 1829 - فتح: 5/ 377]
(السختياني) ساقط من نسخة، وهو بفتح السين كما مرَّ. (عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.
(1) سبق برقم (1472) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة.