الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبعث) مفهومه غير مراد؛ إذ الكفر لا يتصور بعد البعث، فكأنه قال: لا أكفر أبدًا. (فلا) أي: فلا أكفر، وهذا مفسر لجواب القسم الذي قدرته لا جوابه؛ إذ الفاء لا تدخل فيه، ويروى:(أمَّا) بالتشديد وتقديره: أما أنا فلا أكفر والله، وأما غيري فلا أعلم حاله، فقوله:(فلا) جواب (أمَّا). (وإني) بحذف همزة الاستفهام، أي: أو إني، وموضع الترجمة:(فعلمت .. إلى آخره) إذ العاصي كان مشركًا، وخباب إذ ذاك مسلمًا، ومكة حينئذٍ دار حرب، واطلع على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأقره، ومرَّ الحديث في كتاب: البيوع، في باب: ذكر القين والحداد (1).
16 - بَابُ مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ العَرَبِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ
وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "لَا يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ، إلا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ" وَقَال الحَكَمُ: "لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ المُعَلِّمِ" وَأَعْطَى الحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ القَسَّامِ بَأْسًا وَقَال: "كَانَ يُقَالُ: السُّحْتُ: الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ، وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الخَرْصِ".
(باب: ما يعطي في الرُّقْية على أحياءِ العرب) بفتح الهمزة. (بفاتحة الكتاب) أي: بيان حكم ما يعطى على ذلك، و (على) و (الباء) متعلقان بـ (الرقية). و (أحياء العرب) طائفة منهم، وتخصيصها بالذكر؛ لبيان الواقع، لا للتقييد، مع أنها ساقطة من نسخة. (لا يشترط المعلم) أي: للقرآن على من يعلمه أجرة. (إلا أن يعطى شيئًا فليقبله) بفتح همزة
(1) سلف الحديث برقم (2091) كتاب: البيوع، باب: ذكر القين والحداد.
(أن) والاستثناء منقطع، أي: لكن الإعطاء بدون الاشتراط جائزٌ، وفي نسخة:"إن" بكسر الهمزة، أي: لكن إن يعطى شيئًا بدون الشرط فليقبله، وعليها إنما كتب (يعطى) بالألف على قراءة الكسائي {من يتقا ويصبر} [يوسف: 90] أو الألف حصلت من إشباع الفتحة، والجمهور على جواز الشرط؛ لخبر:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله"(1).
(القسام) بالفتح والتشديد: مبالغة قاسم، وبالضم والتشديد: جمعه. أي: لم ير ابن سيرين بأجر القسام (بأسًا) أي: ولو مع اشتراط الأجرة. (وقال: كان يقال: السُّحت) بضم الحاء وسكونها (الرشوة) بتثليث الراء (في الحكم) أي: لا في القسم؛ لأنه ليس بحكم. هذا ظاهر ما نقله البخاري عنه لكن اختلفت الرواية عنه، ففي رواية ما ذكر، وفي أخرى:"إنه كان يكره ذلك مع اشتراط الأجرة لا مع عدمه"، وفي أخرى:"كان يكره ذلك ملطقًا" تشبهًا له بالحكم والثانية: من الروايات جامعة بين الآخرتين. نبه على ذلك شيخنا (2). (وكانوا يعطون) أي: الأجرة. (على الخرص) أي: لخارص التمر. ووجه ذكر القسام والخارص هنا: الاشتراك في أن جنسهما وجنس تعليم القرآن والرقية واحدٌ.
2276 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، قَال: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ
(1) سيأتي برقم (5737) كتاب: الطب، باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم.
(2)
انظر: "فتح الباري" 4/ 454.
سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَال: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَال الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَال:"وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ"، ثُمَّ قَال:"قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا" فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَال شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ أَبَا المُتَوَكِّلِ، بِهَذَا. 3/ 122 [5007، 5736، 5749 - مسلم: 2201 - فتح: 4/ 453]
(أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. (عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية (عن أبي المتوكل) هو علي بن داود ويقال بن [دؤاد](1).
(انطلق نفر) هو من الثلاثة إلى العشرة من الرجال، لكن عند ابن ماجه والترمذي أنهم كانوا ثلاثين (2). (فلدغ) بضم اللام، وكسر الدال المهملة، وبالغين المعجمة [أي: لسع (سيد ذلك الحي) أي: بعقرب، أمَّا اللذع، بالذال المعجمة] (3) والعين المهملة فهو الإحراق
(1) من (م)، وفي (أ) داود.
(2)
"سنن الترمذي" ولكن بدون ذكر العدد (2063) كتاب: الطب، باب: ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ. و"سنن ابن ماجه"(2156) كتات: التجارات، باب: أجر الراقي.
وروى ذلك أيضًا ابن أبي شيبة 5/ 47 كتاب: الطب، في الأخذ على الرقية من رخص فيها.
(3)
من (م).
الخفيف. (فسعوا) في نسخةٍ: "فشفوا" أي: طلبوا له الشفاء، أي: عالجوه بما يشفيه. (لعله) في نسخة: "لعل" بحذف الهاء.
(وسعينا) في نسخة: "وشفينا".
(فقال بعضهم) هو أبو سعيد الراوي. (لأرْقي) بفتح الهمزة.
(جعلا) بضم الجيم، وسكون العين: ما يعطى على العمل. (على قطيع من الغنم) هو ثلاثون شاة، كما في النسائي (1).
(يتفل) بفتح التحية، وسكون الفوقية، وكسر الفاء وضمها، أي ينفخ نفخًا معه أدنى ريق، ومحله: في الرقية بعد القراءة. (ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (2)} أي: يقرؤها إلى آخرها سبع مرات، كما في رواية (2)، أو ثلاث مرات، كما في أخرى (3). (نشط) بضم النون وكسر المعجمة، أي: حلَّ، وفي رواية:"أنشط"(4) بزيادة همزة مضمومة.
(من عقال) بكسر المهملة: حبل يشد به ذراع البهيمة. (وما به قلبةٌ) أي: علة، وسمي بذلك؛ لأن الذي تصيبه يتقلب من جنب إلى
(1)"السنن الكبرى" 4/ 364 (7532) كتاب: الطب، 6/ 254 (10866) كتاب: عمل اليوم والليلة.
(2)
رواها الترمذي (2063) كتاب: الطب، باب: ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ وقال: هذا حديث حسن.
وابن ماجه (2156) كتاب: التجارات، باب: أجر الراقي.
وابن أبي شيبة 5/ 47 - 48 كتاب: الطب، في الأخذ على الرقية من رخص فيها.
(3)
رواها البزار، كما في "كشف الأستار" 2/ 93 (1285) كتاب: البيوع، باب: أجرة الراقي. من حديث جابر بن عبد الله.
(4)
رواها أبو داود (3418) كتاب البيوع، باب: في كسب الأطباء، (3900) كتاب: الطب، باب: كيف الرقي.
جنب؛ ليعلم موضع الداء منه. (اقسموا) أي: على الحاضرين.
قال الكرماني: هو أمرٌ بما هو من المروءات ومكارم الأخلاق، وإلا فالجميع ملك للراقي، (لا تفعلوا) أي: لا تقسموا. (الذي كان) أي: من أمرنا (فذكروا له) أي: القصة. (إنها) أي: الفاتحة.
(قد أصبتم) أي: فيما فعلتم من الرقية، ومن توقفكم عن التصرف حتى استاذنتموني (اقسموا) أي: الجعل بينكم، والأمر به أمر بما مرَّ نظيره آنفًا.
(واضربوا) أي: اجعلوا. (لي سهمًا) أي: نصيبًا قال ذلك؛ تطييبًا لقلوبهم، ومبالغة في أنه حلالٌ لا شبهة فيه. (فضحك رسول الله) في نسخة:"فضحك النبي صلى الله عليه وسلم " أي: فرحًا وسروًا بفعلهم، ومبالغةً فيه. (قال أبو عبد الله إلخ) ساقط من نسخة.
وفي الحديث: التصريح بأن الفاتحة رقية، واستحباب قراءتها على اللدائغ وسائر الأسقام، ولا يعارضه قوله في خبر الذين يدخلون الجنه بغير حساب:"ولا يرقون ولا يسترقون"(1)؛ لأن المراد بتلك الرقية المذمومة، وهي التي تكون من كلام الكفار، أو التي لا يعرف معناها، المحتملة أن تكون كفرًا، أو قريبًا منه، كالتي بالعبرانية، بخلاف الرقية بما هنا وبنحوه من الأذكار المشهورة فإنها ممدوحةٌ إجماعًا.
(1) رواه مسلم (220) كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب.
وأبو عوانة 1/ 82 - 83) (243) كتاب: الإيمان، باب: الأعمال المكروهة إذا اجتنبها المؤمن، والمحمودة التي من يستعملها، دخل الجنة بغير حساب.