الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه لما تمنى الرَّجل المذكور فيه الزَّرع في الجنَّة مع عدم الاحتياج إليه فيها (1).
21 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الغَرْسِ
(باب: ما جاء في الغرس)(2) أي: فيما صنع به.
2349 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ قَال: "إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ - لَا أَعْلَمُ إلا أَنَّهُ قَال: - لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ، وَلَا وَدَكٌ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ، إلا بَعْدَ الجُمُعَةِ".
[انظر: 938 - مسلم: 859 - فتح: 5/ 27]
(يعقوب) في نسخة: "يعقوب بن عبد الرَّحمن" أي: القاري.
(عن أبي حازم) هو سلمة بن دينار. (إنا كنَّا نفرح) في نسخة: "إن
(1) ويستفاد من هذا الحديث ما يلي:
- فيه أن الجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس من أعمال الدنيا ولذاتها، قال الله تعالى {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} . وفيه أن من لزم طريقة. أو حالة من الخير أو الشر أنه يجوز وصفه بها ولا حرج على واصفه. وفيه ما جبل الله نفوس بني آدم عليه من الاستكثار والرغبة في متاع الدنيا، إلا أن الله أغنى أهل الجنة عن نصب الدنيا وتعبها. وفيه إشارة إلى فضل القناعة وذم الشر. وفيه الإخبار عن الأمر المحقق الآتي بلفظ الماضي.
(2)
ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله: "كنا نغرسه في أربعائنا" وإدخاله هذا الحديث في كتاب المزارعة من حيث أن الغرس والزرع من باب واحد أهـ.
كنا لنفرح". (سلق) بكسر السين. (في أربعائنا) جمع ربيع: وهو النَّهر الصغير، كما مرَّ. (ولا ودك) بفتح الواو والدَّال: دسم اللَّحم، ومرَّ شرح الحديث في آخر كتاب: الجمعة (1).
2350 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَاللَّهُ المَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا:"لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالتِي شَيْئًا أَبَدًا" فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَالتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ، مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى} [البقرة: 159] إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} [البقرة: 160]. انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 5/ 28]
(عن الأعرج) هو عبد الرَّحمن بن هرمز.
(يكثر الحديث) أي: روايته، ولفظ:(الحديث) ساقط من نسخة.
(والله الموعد) بفتح الميم مصدر ميمي أو اسم زمان، أو مكان وبكل تقدير لا يصح أن يخبر به عن الله تعالى فيؤول: بأن الله الواعد، أو موجود ذلك، والمعنى: بكل تقدير: فالله تعالى يحاسبني إن تعمدت كذبًا، ويحاسب من ظنَّ بي سوءًا (الصَّفق بالأسواق) كناية عن التبايع
(1) سبق برقم (938) كتاب: الجمعة، باب: قول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} .
(عمل أموالهم) أي: في الزَّرع والغرس وهذا وما مر من قوله: (كنَّا نغرسه في أربعائنا) موضع التَّرجمة. (وأعي) أي: أحفظ (يجمعه) بالنَّصب عطف على (يبسط) وكذا (فينسى). قال الكرماني: ومعنى الكلام أن البسط المذكور والنسيان لا يجتمعان؛ لأنَّ البسط الذي بعده الجمع المتعقب للنسيان منفيٌّ فعند وجود البسط ينعدم النسيان وبالعكس (1). (نمرة) أي: بردة والمراد: أنَّه بسط بعضها؛ لئلا تنكشف عورته. (ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا) ظاهره: أنَّ عدم النِّسيان خاص بتلك المقالة لكن قول مسلم في "صحيحه": ما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدَّثني به (2)، يقتضي أنَّه عام في تلك المقالة وغيرها، وهو الظاهر.
(لولا آيتان) إلى آخره إشارة بالآيتين إلى ما اقتصر عليه من قوله: ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}) إلى آخره وإلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} (3)[البقرة: 174] إلى آخره ({مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قوله: {الرَّحِيمُ}) ومرَّ شرح الحديث في باب: حفظ العلم (4).
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 10/ 168.
(2)
"صحيح مسلم"(2492) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة.
(3)
نزلت هذه الآية في علماء اليهود وأحبارهم وعلماء النصارى، لكتمانهم الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل أو لكتمانهم آية الرجم واتباع أمر محمد، كما ذكر الواحدي.
انظر: "تفسير الطبري" 2/ 56، و"أسباب النزول" للواحدي (ص 50).
(4)
سبق برقم (118) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم.