الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَالْحَمامِ، وَالْحُشِّ، وَأعطانِ الإبِلِ الَّتِي تُقِيمُ فِيهَا وَتَأوِي إلَيْها، وَالْمَوْضِع الْمَغْصُوب. وَعَنْهُ، تَصِحُّ مَعَ التحْرِيمِ.
ــ
340 - مسألة: (ولا تصِحُّ الصلاةُ في المَقْبَرة والحَمّامِ والحُشِّ وأعْطانِ الإبِلِ التى تُقِيمُ فيها وتَأوِي إليها والمَوْضِع المَغْصُوبِ. وعنه، تَصِحُّ مع التحْرِيمِ)
اخْتَلَفَتِ الروايَةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في الصلاةِ في هذه المَواضِع؛ فرُوِيَ عنه أن الصلاةَ لا تَصِح فيها بحالٍ. رُوِيَتْ كَراهَةُ الصلاةِ في المَقْبَرَةِ عن عليٍّ، وابنِ عباسٍ، وابنِ عُمَرَ، وعَطاءٍ، والنخَعِي، وابنِ المُنْذِرِ. ومِمن قال: لا يُصَلى في مَبارِكِ الإبِلِ. ابنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُمَرَ، وجابِرُ بنُ سَمرَةَ، والحسنُ، ومالكٌ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وعن أحمدَ، أنَّ الصلاةَ في هذه صَحِيحَة، ما لم تَكنْ نَجِسَةً. وهو مَذْهَبُ الشَّافعيّ، وأبي حنيفةَ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم:«جُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . وفي لَفْظٍ: «فَحَيْثُمَا أدْرَكَتْكَ الصلَاة فَصَلِّ؛ فَإنهُ مَسْجِدٌ» . مُتِّفَق عليه (1). ولأنه مَوْضِع طاهِرٌ، فصَحَّتِ الصَّلاةُ فيه، كالصحْراءِ. والأوْلَى ظاهِر المَذْهَبِ؛ لقَوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«الأرْضُ كُلهَا مَسْجدٌ إلَّا الحَمَّامَ والمَقْبَرَةَ» . رَواه أبو داودَ (2). وعن جابِرِ بنِ سَمرَةَ، أن رجلًا سال رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أنصَلِّي في مَرابِض الغنَمِ؟ قال: «نَعَمْ» . قال: أنصَلى في مَباركِ الإبِلِ؟ قال: «لَا» . رَواه مسلم (3). وهذه الأحادِيث خاصةٌ مُقَدَّمَةٌ على عُمُوم أحادِيثِهم.
(1) تقدم تخريجه في 1/ 34.
(2)
في: باب في المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 114. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 113، 114. وابن ماجه، في: باب المواضع التى تكره فيها الصلاة، من كتاب المساجد. سنن ابن ماجه 1/ 246. والدارمي، في: باب الأرض كلها طهور ما خلا المقبرة والحمام، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 323. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 83، 96.
(3)
في: باب الوضوء من لحوم الإبل، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 275. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 93 ، 98 ، 100، 106، 108.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا الحُشُّ فثَبَتَ الحُكْمُ فيه بالتنبِيهِ؛ لأنه إذا مُنِع مِن الصلاةِ في هذه المَواضِعِ، لكَوْنِها مَظانَّ النجاسَةِ، فالحُشُّ أوْلَى، لكَوْنِه مُعدًّا للنَّجاسَةِ ومَقْصُودًا لها، ولأنه قد مُنِع مِن ذِكْرِ اللهِ تعالى والكلامِ فيه، فمَنْعُ الصلاةِ فيه أوْلَى. قال شيخُنا (1): ولا أعْلَمُ فيه نَصًّا. وقال بَعْضُ أصحابِنا: إن كان المُصَلِّي عالِمًا بالنَّهْىٍ، لم تَصِح صَلَاتُه فيها؛ لأنه عاصٍ بالصلاةِ فيها، والمَعْصِيَةُ لا تكونُ قُرْبَة ولا طاعَةً. وإن كان جاهِلًا، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا تَصِحُّ؛ لأنَّها لا تَصِحُّ مع العِلْمِ، فلم تَصِحَّ مع الجَهْلِ، كالصلاة في مَحَل نَجِسٍ. والثانيةُ، تَصِحُّ؛ لأنه مَعْذُورٌ.
(1) في: المغني 2/ 471.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ذَكَر القاضي أنَّ المَنْعَ مِن الصلاةِ في هذه المَواضِع تَعَبُّدٌ، فعلى هذا يَتَناوَلُ النَّهْىُ كل ما يَقع عليه الاسْمُ، فلا فرْقَ في المَقبَرَةِ بينَ الحَدِيثَةِ والقَدِيمَة، وما تَقَلَّبَتْ أترِبتها أو لم تتَقلِّبْ. فأمَّا إن كان فيها قَبْرٌ أو قبْران، لم يُمْنعْ مِن الصلاةِ فيها، لأنه لا يَتَناوَلها الاسْمُ. [ويَحْتَمِل إلْحاقُها بما فيها أكْثَرُ مِن قَبْرَيْن؛ لأنها إنَّما سُمِّيَتْ مَقْبَرَةً لكَوْنِها قد قُبِر فيها، وهذا مَوْجُودٌ في القبريْن، ولأن قَوْلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنبِيَائِهِمْ مسَاجِد» (1). يَتَناوَلُ ما فيه قبْرٌ واحدٌ، كذلك هذا. وعلى هذا، لو حَلَف لا يَدْخُلُ مَقْبَرةً، حَنِث بدُخُولِ ما فيه قبْران. والله أعلمُ](2). وإن نُقِلَتِ القُبُورُ ما، حازَت الصلاةُ فيها؛
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب هل تنبش قبور مشركى الجاهلية. . . . إلخ، من كتاب الصلاة، وفي: باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، وباب ما جاء في قبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومن كتاب الجنائز، وفي: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، من كتاب الأنبياء، وفي: باب مرض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، من كتاب المغازي، وفي: باب الأكسية والخصائص، من كتاب اللباس. صحيح البُخَارِيّ 1/ 116، 2/ 111 ، 128 ، 4/ 206 ، 6/ 13 ، 7/ 190. ومسلم، في: باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 376، 377. وأبو داود، في: باب في البناء على القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود 2/ 194. والنَّسائيّ، في: باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد، من كتاب المساجد، وفي: باب اتخاذ القبور مساجد، من كتاب الجنائز. المجتبى 2/ 32، 4/ 78. والدارمي، في: باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 326، والإمام مالك، في: باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة، من كتاب الجامع. الموطأ 2/ 892. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 246 ، 284 ، 285، 366، 396، 454، 518، 5/ 184، 186 ، 204، 6/ 80، 121، 229، 255، 275.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لزَوالِ الاسْمِ، ولأن مَسْجِدَ رسوِلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبُورُ المُشْرِكِين، فنُبِشَتْ. مُتَّفَق عليه (1). ولا فرْقَ في الحَمامِ بينَ مَكانِ الغَسْلِ، والمَسْلَخِ، والأتُونِ، وكل ما يُغْلَقُ عليه بابُ الحَمّامِ؛ لتَناوُلِ الاسْمِ له. وأعْطانُ الإبِلِ هي التى تُقِيمُ فيها وتأوِي إليها. وقيل: هي المَواضِعُ التى تُناخُ فيها إذا وَرَدَتْ. والأولُ أجْوَدُ؛ لأنه جَعَلَه في مُقابَلَةِ مُراحِ الغنَمِ. والحُشُّ الذى يُتَّخَذ للغائِطِ والبَوْلِ. فيُمْنَعُ مِن الصلاةِ فيما هو داخِلُ بابِه. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ أنَّ المنْعَ مِن الصلاةِ في هذه المَواضِع مُعَلل بكَوْنِها مَظان للنجاساتِ؛ فإن المَقْبَرَةَ تُنبَشُ، ويَظْهَرُ التُّرابُ الذى فيه دِماءُ المَوْتَى وصَدِيدهم، ومَعاطِنُ الإبِلِ يُبالُ فيها، فإنَّ البَعِيرَ البارِكَ كالجِدار؛ يستتِرُ به ويَبول، كما رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، ولا يَتَحَقِّقُ هذا في غيرِها. والحَمّامُ مَوْضِعُ الأوْساخِ والبَوْلِ. فنُهِيَ عن الصلاةِ فيها لذلك وإن كانت طاهِرَةً؛ لأن المَظنَّة يَتَعَلَّقُ الحُكْمُ بها وإن خَفِيَتِ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب هل تنبش قبور مشركى الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، من كتاب الصلاة، وفي: باب حرم المدينة، من كتاب فضائل المدينة، وفي: باب مقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، من كتاب مناقب الْأَنصار. صحيح البُخَارِيّ 1/ 117، 3/ 25 ، 26 ، 5/ 86، 87. ومسلم، في: باب ابتناء مسجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 373، 374. كما أخرجه أبو داود، في: باب في بناء المساجد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 107. والنَّسائيّ، في: باب نبش القبور واتخاذ أرضها مساجد، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 32. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 123 ، 212، 244.
(2)
في: المغني 2/ 471.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحِكْمَةُ، ومتى أمْكَنَ تَعْلِيلُ الحُكْمِ، كان أوْلَى مِن قَهْرِ التَّعَبدِ. ويَدُلُّ على هذا تَعْدِيَةُ الحُكْمِ إلى الحُشِّ المسْكوتِ عنه بالتَّنْبِيه، ولابدَّ في التنبِيهِ مِن وُجُودِ مَعْنَى المَنْطوقِ، وإلَّا لم يَكُن تَنْبِيهًا. فعلى هذا يُمْكِنُ قَصْرُ الحُكْمِ على ما هو مَظِنة منها. فلا يَثْبُتُ الحُكْمُ في مَوْضِع المَسْلَخِ مِن الحَمّامِ، ولا في سَطْحِه؛ لعَدَمِ المَظنةِ فيه، وكذلك ما أشْبَهَه. والله أعلمُ.
فصل: ولا تَصِحُّ الصلاةُ في المَوْضِع المَغْصُوبِ في أظْهِرِ الروايَتَيْن، وأحَدِ قَوْلَى الشافعيّ. والروايَةُ الثانيةُ، تَصِحُّ. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، والقولُ الثاني للشافعي؛ لأن النهْىَ لا يَعُودُ إلى الصلاةِ، فلم يَمْنع صِحتَها، كما لو صَلَّى وهو يَرَى غَرِيقًا يُمْكنُه إنْقاذُه، فلم يُنْقِذْه، أو مَطَل غريمَه الذى يُمْكنُه إيفاؤه وصَلَّى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ووَجْهُ الأولَى، أنَّ الصلاةَ عِبادَةٌ، أتى بهِا على الوَجْهِ المَنْهِيِّ عنه، فلم تَصِحَّ، كصلاةِ الحائض؛ فإنْ حَرَكاتِه مِن القِيامِ والركُوعِ والسجُودِ أفْعالٌ اخْتِيارِية، هو مَنْهِي عنها عاص بها، فكيف يكُونُ مُطِيعًا بما هو عاص به. فأمّا مَن رَأى الغَرِيقَ فليس بمَنْهي عن الصلاةِ، إنما هو مَأمُورٌ بالصلاةِ وإنْقاذِ الغرِيقِ، وأحَدُهما آكَدُ مِن الآخَرِ. أمَّا في مسألتِنا، فإن أفْعالَ الصلاةِ في نَفْسِها مَنْهِيّ عنها. إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ بينَ غَصْبِه
لرَقبة الأرْض، أو دَعْواه (1) مِلْكيتها، وبينَ غَصْبِه مَنافِعَها، بأن يَدعِيَ إجارَتَها ظُلْمًا (2)، أو يَضَعَ يَدَه عليها مُدة ويُخْرِجَ ساباطًا (3) في مَوْضع لا يَحِل له، أو يَغْضبِ راحِلَةً ويُصَلىَ عليها، أو سَفِينَة ويصلِّيَ فيها، أو لَوْحًا فيَجْعَلَه سَفِينَةً ويُصَلِّيَ عليه، كل ذلك حُكمُه في الصلاةِ حُكْمُ الدار المَغْصُوبَةِ على ما بَيَّناه.
(1) في م: «ودعواه» .
(2)
في الأصل، م:«ظالمًا» .
(3)
الساباط: سقيفة تحتها ممر نافذ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال أحمدُ: يُصَلى الجُمُعَةَ في مَوْضِعِ الغَصْبِ. يَعْنِي إذا كان الجامع أو بَعْضُه مَغْصُوبًا، صَحتِ الصلاةُ فيه؛ لأنَّ الجُمُعَةَ تَخْتَصُّ ببُقْعَةٍ، فإذا صَلّاها الإمامُ في المَوْضِعِ المَغْصُوبِ، فامْتَنَع النّاسُ مِن الصلاةِ فيه، فاتَتْهم الجُمُعَةُ، وكذلك مَن امْتَنَع فاتَتْه، ولذلك أبِيحَتْ خلفَ الخَوارِجِ والمُبْتَدِعَةِ، وصَحَّتْ في الطُّرقِ لدُعاءِ الحاجَةِ إليها، وكذلك الأعْيادُ والجِنازَةُ.
فصل: وتُكْرَه في مَوْضِعَ الخَسْفِ. قالَه أحمدُ: لأنه مَوْ ضِعٌ مَسْخوطٌ عليه، وقد قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه يومَ مَرَّ بالحِجْرِ (1):«لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤلَاءِ المُعَذبِينَ، إلَّا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أصَابَهُمْ» (2).
(1) الحجر: اسم ديار ثمود بوادى القرى، بين المدينة والشَّام. معجم البلدان 2/ 208.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب، من كتاب الصلاة، وفي: باب قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} ، من كتاب الأنبياء، وفي: باب نزول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحجر، من كتاب المغازي، وفي: باب {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين} ، في تفسير سورة الحجر، من كتاب التفسير. صحيح البُخَارِيّ 1/ 118، 4/ 181 ، 5/ 9 ، 6/ 101. ومسلم، في: باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلَّا أن تكونوا باكين، من كتاب الزهد. صحيح مسلم 4/ 2285، 2286. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 9 ، 58 ، 66 ، 72 ، 74 ، 91 ، 96 ، 113 ، 117 ، 137.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا بَأسَ بالصلاةِ في الكَنِيسَةِ النظِيفَةِ. رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وأبي موسى؛ وهو قول الحسنِ، وعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والشعْبِي، والأوْزاعِي. وكَرِه ابنُ عباس ومالكٌ الكنائِسَ؛ لأجْلِ الصُّوَرِ. وقال ابنُ عَقِيل: تُكْره الصلاةُ فيها؛ لأنه كالتَّعْظِيمِ والتبجِيلِ لها، وقِيل: لأنه يُضِر بهم. ولَنا، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في الكَعْبَةِ وفيها صُوَر (1)، ثم قد دَخَلتْ في عُمُومِ قولِه صلى الله عليه وسلم:«فَأيْنَمَا أدْرَكتكَ (2) المملَاةُ فَصَل، فَإنهُ مَسْجِدٌ» . مُتَّفق عليه (3).
(1) أخرج أبو داود، من حديث جابر، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى محيت كل صورة فيها. في باب في الصورة: من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 393.
قال ابن قيم الجوزية: وفي القصة [أي قصة فتح مكة] أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل البيت وصلى فيه، ولم يدخله حتى محيت الصور منه، ففيه دليل على كراهة الصلاة في المكان المصور. زاد المعاد 3/ 458.
(2)
في الأصل: «أدركت» .
(3)
تقدم تخريجه في 1/ 34.