الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أرَادَ صَلَاةً أُخْرَى اجْتَهَدَ لَهَا، فَإنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي، وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ.
ــ
ببَعْضٍ، مع اخْتِلافِ الجِهَةِ. وإن كان فيهم مُقلِّدٌ، تَبع مَن قَلَّدَه، وانْحَرَفَ بانْحِرافِه. وإن قَلَّدَ الجَمِيعَ، لم يَنْحَرِفْ إلَّا بانْحِرافِ الجميعِ؛ لأنَّه شَرَع بدَلِيلٍ يَقِينِيٍّ، فلا يَنْحَرِفُ بالشَّكِّ إلَّا مَن يَلْزَمُه تَقْلِيدُ الأوْثَقِ، فإنَّه يَنْحَرِفُ بانْحِرافِه.
358 - مسألة: (فإن أراد صلاةً أُخْرَى، اجْتَهَدَ لها، فإن تَغَيَّرَ اجْتِهادُه عَمِل بالثاني، ولم يُعِدْ ما صَلَّى بالأَوَّلِ)
وجُمْلَتُه أنَّ المُجْتَهِدَ متى صَلَّى بالاجْتهادِ التي جِهَةٍ صلاةً، ثم أراد صلاةً أُخْرَى، اجْتَهَدَ لها، كالحاكِمِ إذا اجْتَهَدَ في حادِثَه، ثم حَدَث مِثْلُها. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن تَغَيَّرَ اجْتِهادُه، عَمِلَ بالثاني، ولم يُعِدْ ما صَلَّى بالأوَّلِ، كالحاكِمِ، لو تَغَيَّرَ اجْتهادُه في الحادِثَةِ الثانِيةِ عَمِل به، ولم يَنْقُضْ حُكْمَه الأوَّلَ. وهذا لا نَعْلَمُ فيه خلافًا. فإن تَغَيَّرَ اجْتِهادُه في الصلاةِ، اسْتَدارَ، وبَنَى على ما مَضَى. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال ابنُ أبي موسى والآمِدِيُّ: لا يَنْتَقِل؛ لِئَلَّا يَنْقضَ الاجْتِهادُ بالاجْتِهادِ. ولَنا، أنَّه مُجْتَهِدٌ أدَّاهُ اجْتِهادُه إلى جِهَةٍ، فلم تَجُزْ له الصلاة إلى غيرِها، كما لو أراد صلاةً أُخْرَى، وليس هذا نَقْضًا للاجْتِهادِ، إنَّما عَمِل به في المُسْتَقْبَلِ كما في الصلاةِ الأُخْرَى، وإنَّما يكونُ نَقْضًا للاجْتِهادِ إذا ألْزَمْناه إعادَةَ ما مَضَى مِن صلاتِه، فإن لم يَبْقَ اجْتِهادُه وظَنُّه إلى الجهَةِ الأُولَى، ولم يُؤْدِّه اجْتِهادُه إلى جِهَةٍ أُخْرَى، بَنَى على ما مَضَى؛ لأنَّه لم يَظهَرْ له جِهَةً أُخْرَى يتَوَجهُ إليها. وإن شَكَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في اجْتِهادِه، لم يَزُلْ عن (1) جِهَتِه؛ لأنَّ الاجْتِهادَ ظاهِرٌ، فلا يَزُولُ عنه بالشَّكِّ. وإن بان له الخَطَأُ، ولم يَعْرِفْ جِهَة القِبْلَةِ، كمَن كان يُصَلِّي إلى جِهَةٍ، فرَأى بعضَ مَنازِلِ القَمَرِ في قِبْلَتِه، ولم يَدْرِ أهو الشَّرْقِ أم في الغَرْبِ، واحْتاجَ إلى الاجْتِهاد، بَطَلَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه لا يُمْكنُه اسْتِدامَتُها إلى غيرِ القِبْلَةِ، وليست له جِهَةٌ يَتَوَجَّهُ إليها، فبَطَلَتْ؛ لتَعَذُّرِ إتْمامِها. والله أعلمُ.
(1) في م: «على» .