الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ طيَّنَ الْأَرْضَ النَّجِسَةَ، أوْ بَسَطَ عَلَيْهَا شَيْئًا طَاهِرًا، صَحَّتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ.
ــ
كالحَيَوانِ. وليس بصَحِيح؛ لأنَّه حامِلٌ نَجاسَة غيرَ معْفُوٍّ عنها في غيرِ مَعْدِنِها، أشْبَهَ حَمْلَها في كُمِّه.
335 - مسألة: (وإن طيْنَ الأرْضَ النَّجِسَةَ، أو بَسَط عليها شَيْئًا طاهِرًا، صَحَّتِ الصلاةُ عليها مع الكَراهَةِ)
هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ رحمه الله. وهو قول مالكٍ، والأوْزاعِي، والشافعيِّ، وإسحاقَ. وذكَر أصحابُنا رِوايةً أخْرَى، أنَّه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه مَدْفَنٌ للنَّجاسَةِ، أشْبَهَ المَقْبَرَةَ، ولأنَّه مُعْتَمِدٌ على النَّجاسة، أشْبَهَ ملاقاتها. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الطهارةَ إنما تُشْتَرَطُ في بَدَنِ المُصَلِّي وِثَوْبِه، وموْضِعِ صَلاِته، وقد وُجِد ذلك كله، والعِلَّةُ في الأصْلِ غيرُ مُسَلَمَةٍ، بدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الصلاةِ بينَ القُبُورِ، وليس مَدْفَنًا للنجاسَةِ. وقال ابنُ أبي موسى: إن كانتِ النجاسَةُ المَبْسُوطُ عليها رَطْبَة، لم تَصِحَّ الصلاةُ، وإلّا صَحَّتْ.
فصل: ويُكْرَه تطْيِينُ المَسْجِدِ بطِين نَجِسٍ، وبناؤُه بلَبِنِ نَجِسٍ، أو تَطبيقُه بطَوابيقَ نَجِسةٍ، فإن فَعَل، وباشَرَ النجاسَةَ، لم تَصِحَ صَلاتُه. فأمّا الآجُرُّ المَعْجُونُ بالنجاسَةِ، فهو نَجِسٌ؛ لأن النّارَ لا تُطَهرُ، لكنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا غُسِل طَهُر ظاهِرُه؛ لأنَّ النّارَ أكَلَتْ أجْزاءَ النجاسَةِ الظّاهِرَةَ، وبَقِيَ الأثر، فطَهُرَ بالغَسْلِ، كالأرْض النَّجِسَةِ، ويَبْقَى الباطِنُ نَجِسًا؛ لأنَّ الماءَ لا يَصِل إليه، فإن صَلَّى عليه بعدَ الغَسْلِ، فهي كالمَسْأَلَةِ قَبْلَها. وكذلك الحُكْمُ في البِساطِ الذى باطِنُه نَجِسٌ وظاهِرُه طاهِرٌ. ومتى انْكَسَرَ مِن الآجُرِّ النجِس قِطعةٌ، فظهَرَ بَعْضُ باطِنِه، فهو نَجِسٌ لا تَصِحُّ الصلاةُ عليه.
فصل: ولا بأسَ بالصلاةِ على الحَصِيرِ والبُسُطِ بن الصُّوفِ والشعَرِ والوَبَرِ، والثيابِ مِن القُطْنِ والكَتَانِ وسائِرِ الطّاهِراتِ، في قولِ عَوامِّ أهلِ العلمِ. فرُوِيَ عن عُمَرَ (1)، أنَّه صَلَّى على عَبْقَرِي (2)، وابنُ عباسٍ على طِنْفِسَةٍ (3)، وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ على حَصِيرٍ، وابن عباسٍ، وعلى، وابنُ مسعودٍ، وأنسٌ على المنْسُوج (4). ورُوِيَ عن جابِرٍ، أنَّه كَرِه الصلاةَ على كلِّ شئٍ مِن الحَيَوانِ، واسْتَحَبَّ الصلاةَ على كل شئٍ مِن نَبات
(1) في م: «ابن عمر» .
(2)
العبقرى: ضرب من البسط.
(3)
الطنفسة: البساط، والنمرقة فوق الرحل.
(4)
في م: المسوح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأرْضِ (1). ونَحْوُه عن مالكٍ، إلَّا أنَّه قال في بِساطِ الصُّوفِ والشَّعَرِ: إذا كان سُجُودُه على الأرْض، لم أرَ بالقِيام عليه بأسًا. والصَّحِيحُ قولُ الجُمْهُورِ، فقد صَلِّى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على حَصِيرٍ في بيْتِ أنس، وعِتْبانَ بنِ مالكٍ. مُتِّفَق عليه (2). وِروَى عنه المُغِيرةُ بنُ شُعْبَةَ، أنَّه كان يُصَلى على الحُصُر والفَرْوَةِ المَدْبُوغةِ (3). وروَى ابنُ ماجَه (4)، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى مُلْتَفا بكساءٍ، يَضَعُ يَدَيْه عليه إذا سَجَد. ولأنَّ ما لم تُكْرَه الصلاةُ فيه، لم تُكْرَه الصلاةُ عليه كالكَتّانِ والخُوصِ.
(1) انظر: ما أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من كره الصلاة على الطنافس وعلى شيء دون الأرض، من كتاب الصلاة. مصنف ابن أبي شيبة 1/ 401.
(2)
حديث عتبان أخرجه البُخَارِيّ، في: باب إذا دخل بيتنا يصلي حيث شاء. . . . إلخ، وباب المساجد في البيوت، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 115، 116. ومسلم، في: باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 455 - 457. والنَّسائيّ، في: باب الجماعة للنافلة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 81، 82. وابن ماجه، في: باب المساجد في الدور، من كتاب المساجد. سنن ابن ماجه 1/ 249. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 44 ، 5/ 449 ، 450.
وحديث أنس يأتي تخريجه في المسألة 548.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة على الحصير، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 153.
(4)
في: باب السجود على الثياب في الحَر والبرد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 329.
وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ.
ــ
وتَصِحُّ الصلاةُ على ظَهْير الحَيَوانِ، إذا أمْكَنَه اسْتِيفاءُ الأرْكانِ عليه، والنَّافِلَةُ في السَّفَرِ. وإن كان الحيوانُ نَجسًا، وعليه بِساط طاهِرٌ، كالحِمارِ، صَحَّتِ الصلاةُ عليه، في أصَحِّ الروايَتَيْن؛ لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على حِمارٍ (1). والثانيةُ، (لا تَصِحُّ) كالأرضِ النجسَةِ إذا بَسَط عليها شيئًا طاهِرًا. وتَصِحُّ على العَجَلَةِ (2) إذا أمْكَنَه ذلك؛ لأَنَّه مَحَل تَسْتَقِرُّ عليه أعْضاؤه، فهي كغيرِها. وقال ابنُ عَقِيل: لا تَصِحُّ؛ لأن ذلك ليس بمُسْتَقرٍّ عليه، فهي كالصلاةِ في الأرْجُوحَةِ.
فصل: ولا تَصِحُّ صَلاةُ المُعَلَّق في الهواءِ، إلَّا أن يكونَ مُضْطرًّا،
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب صلاة التطوع على الحمار، من كتاب تقصير الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 2/ 56. ومسلم، في: باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجهت، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 487. وأبو داود، في: باب التطوع على الراحلة والوتر، من كتاب السفر. سنن أبي داود 1/ 279. والنَّسائيّ، في: باب الصلاة على الحمار، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 47. والإمام مالك، في: باب صلاة النافلة في السفر بالنهار والصلاة على الدابة، من كتاب السفر. الموطأ 1/ 151. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 7، 49 ، 57 ، 83 ، 128 ، 3/ 495.
(2)
العجلة: خُشُبٌ على بَكَرات.