الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَقُولُ: الله أَكْبَرُ. لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا»
ــ
379 - مسألة: (وَيقُولُ: الله أكبَرُ. لا يُجْزِئُه غيرُها)
لا تَنْعَقِدُ الصلاة إلَّا بقَوْلِ: الله أكْبَرُ. وهو قولُ مالكٍ. وكان ابنُ مسعودٍ، والثَّوريُّ، والشافعيُّ يَقُولُون: افْتِتاحُ الصلاةِ التَّكْبِيرُ. وعليه عَوامُّ أهلِ العِلْمِ (1) قديمًا وحديثًا، إلَّا أنَّ الشافعيِّ قال: تَنْعَقِدُ بقَوْلِه: الله الأَكْبَرُ. لأنَّ الألِفَ واللَّامَ لم تُغَيِّره عن بِنْيَتِه ومَعْناه، وإنَّما أفادَت التَّعْرِيفَ. وقال أبو حَنِيفَةَ: تَنْعَقِدُ بكل اسْم لله تعالى على وَجْهِ التَّعْظِيمِ، كقَوْلِه: الله عَظِيمٌ. أو كَبِيرٌ. أو جَلِيلٌ. وسُبْحانَ الله. والحَمْدُ للهِ. ولا إلهَ إلَّا الله. ونَحْوُه قولُ: الحَكَمِ (2)؛ لأنَّه ذِكْرٌ لله على وَجْهِ التَّعْظِيم، أشْبَهَ قولَه: اللهُ أكبَرُ. ولأنَّ الخُطْبَةَ لا يَتَعَيَّنُ في أوَّلِها لَفْظٌ، كذلك هذا. ولنا، قَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«تَحْرِيمهَا التَّكْبِيرُ» . رَواه أبو داودَ (3). وقولُه للمسِيءِ في
(1) في م: «الحديث» .
(2)
في م: «الحاكم» .
(3)
في: باب فرض الوضوء، وباب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر ركعة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 15، 145. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، من أبواب الطهارة، وفي: باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 15، 2/ 37. وابن ماجه، في: باب مفتاح الصلاة الطهور، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 101. والدارمي، في: باب مفتاح الصلاة الطهور، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 175. الإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 123، 129.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَلاِته: «إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فكَبِّرْ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). وفي حديثِ رِفاعَةَ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاة امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطهُورَ مَوَاضِعَهُ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَيَقُولَ: اللهُ أكْبَرُ» . رواه أبو داودَ (2) وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ الصلاةَ بقوْلِه: «اللهُ أكْبَرُ» . لم يُنْقَلْ عنه عُدُولٌ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب وجوب القراءة للإمام والمأموم. . إلخ، وباب حَدَّثَنَا مسدد، من كتاب الأذان، وفي: باب من رد فقال عليك السلام، من كتاب الاستئذان، وفي: باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان، من كتاب الأيمان. صحيح البُخَارِيّ 1/ 192، 193، 200، 201، 8/ 69، 169. ومسلم، في: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 298. كما أخرجه أبو داود، في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 197. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 97. والنَّسائيّ، في: باب فرض التكبيرة الأولى، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 96. وابن ماجه: باب إتمام الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 336. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 437.
(2)
في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 198. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 95، 96. والدارمي، في: باب الذى لا يتم الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 305. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 340.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن ذلك حتَّى فارَقَ الدُّنْيا، وقِياسُهُم يَبْطُلُ بقَوْلِه (1): اللَّهُمَّ اغْفِرْ لى. ولا يَصِحُّ القِياسُ على الخُطْبَةِ؛ لأنَّه لم يَرِدْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيها لَفْظْ بعَينِه في جَميعِ خُطْبَتِه (2)، ولا أمَرَ به، ولأنه يَجُوزُ فيها الكلامُ بخِلافِ الصلاةِ. وما قالَه الشافيُّ عُدُول عن المَنْصُوصِ، فأشبهَ ما لو قال: اللهُ العَظِيمُ. وقَوْلُهم: لم يُغَيِّرْ (3) بِنْيَتَه ولا مَعْناه. مَمْنُوعٌ؛ لأنَّ التَّنكِيرَ (4) مُتَضَمِّنٌ لإضْمارٍ أو تَقْدِير، بخِلافِ التَّعْرِيفِ، فإنَّ مَعْنَى قولِه:«اللهُ أكْبَرُ» . أي: مِن كل شئٍ. ولأنَّ ذلك لم يَرِدْ في كَلام الله تعالى، ولا في كلام رسولِه صلى الله عليه وسلم، ولا في المُتَعارَفِ مِن كلام الفُصَحَاء إلَّا كما ذَكَرْنا، فإطْلاقُ لَفظِ التَّكبِير يَنْصَرِف إليها دُونَ غيرِهُ، [كما أنَّ إِطلاقَ لَفْظِ التَّسْمِيَةِ إنَّما يَنْصَرِفُ إلى قولِه:«بِسْمِ اللهِ» دُونَ غيرِه، وهذا يَدُلُّ على أنَّ غيرَها] (5) لا يُساوِيها.
فصل: والتَّكْبيرُ رُكْنٌ لا تَنْعَقِدُ الصلاةُ إلَّا به، لا يَسْقُطُ في عَمْدٍ ولا سَهْوٍ، وهو قَوْل مالكٍ، والشافعيِّ. وقال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ،
(1) أي بقول المصلى.
(2)
في م: «الخطبة» .
(3)
أي زيادة الألف واللام.
(4)
في الأصل: «الكبير» .
(5)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزُّهْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ: مَن نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الافْتِتاحِ، أجْزَأتْه تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ. ولَنا، قَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«تَحْرِيمُهَا التَّبكْيرُ» . فدَلَّ على أنَّه لا يَدْخُلُ في الصلاةِ بدُونِه.
فصل: ولا يصِحُّ إلَّا مُرَتبًا، فإن نَكَّسَه لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يكُونُ تَكْبِيرًا. ويَجِبُ على المُصَلِّي أن يُسْمِعَه نَفْسَه، إمامًا كان أو غَيرَه، إلَّا أن يكُونَ به عارِضٌ مِن طَرَشٍ، أو ما يَمْنَعُ السَّماعَ، فيَأْتِيَ به بحيث لو كان سَمِيعًا أو لا عارِضَ به سَمعَه؛ لأنَّه ذِكْر مَحَلُّه اللِّسانُ، فلا يكُونُ كامِلًا. بدُونِ الصَّوْتِ، والصَّوْتُ ما يَتَأَتْى سَماعُه، وأقْرَبُ السّامِعِين إليه نَفْسُه، فمتى لم يَسْمَعْه، لم يَعْلَمْ أنَّه أُتَى بالقَوْلِ. والرجلُ والمرأة سَواءٌ فيما ذكَرْنا.
فصل: ويُبَيِّنُ التَّكْبِيرَ، ولا يَمُدُّ في غيرِ مَوضِع المَدِّ، فإن فَعَل بحيث لم يُغَيِّرِ المَعْنَى، مِثْلَ أن يَمُدَّ الهَمْزَةَ الأولَى في اسْمِ الله تعالى، فيَقُولُ: آللهُ. فيَصِيرَ اسْتِفْهامًا، أو يَمدُّ أكْبرُ (1). فيَصِيرَ ألِفًا، فيَبْقَى جَمْعَ كُبَرٍ، وهو الطَّبْلُ، لم يَجُزْ؛ لتَّغَيُّرِ المعْنَى. وإن قال: اللهُ أكْبَرُ وأعْظَمُ. ونَحْوَه، لم يُسْتَحَبَّ. نَصَّ عليه (2). وانْعَقَدَتْ به الصلاةُ.
(1) في الأصل: «كبار» .
(2)
أي: الإمام أَحْمد.