الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَة مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ،
ــ
450 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ أَن يُصَلِّيَ إلى سُتْرَةٍ مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ)
يُستحَبُّ للمُصَلِّي الصلاةُ إلى سُتْرَةٍ، فإن كان في مسجدٍ أو بيتٍ صَلَّى إلى الحائِطِ أو إلى سارِيةِ، وإن كان في فَضاءٍ صَلَّى إلى شئٍ شاخِصٍ بينَ يَدَيْه، إمّا إلى حَرْبَةٍ أو عَصًا، أو يَعْرِضُ البَعِيرَ فيُصَلِّي إليه، لا نَعْلَمُ في اسْتِحْبابِ ذلك خِلَافًا، وسَواءٌ ذلك في الحَضَرِ والسَّفَرِ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانت تُرْكَزُ له الحَرْبَةُ فيُصَلِّي إليها (1)، ويُعْرَضُ البَعِيرُ فيُصَلِّي إليه (2). وفي حديثِ أبي جُحَيْفَةَ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رُكِزَتْ له عَنَزَةٌ (3)، فتَقَدَّمَ فصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بينَ يَدَيْهِ الحِمارُ والكَلْبُ، لا يُمْنَعُ. مُتَّفَقٌ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب سترة الإمام سترة من خلفه، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 133. وأبو داود، في: باب ما يستر المصلى، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 158. والنَّسائيّ، في: باب سترة المصلى، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 49.
(2)
يأتي تخريجه بعد فصلين.
(3)
العنزة: رميح بين العصا والرمح فيه زج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه (1). وعن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا وَضَعَ أحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ، فَلْيُصَلِّ ولَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ ورَاءَ (2) ذَلِكَ» . رَواه مسلمٌ (3).
فصل: وقَدْرُ طُولِها ذِراعٌ أو نَحْوُه. يروَى ذلك عن عَطاءٍ، والثوْرِيِّ، وأصحابِ الرَّأْيِ. وعنه أنَّها قَدْرُ عَظْمِ الذِّراعِ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ. وهذا ظاهِرُه (4) التَّقْرِيبُ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّرَها بمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ (5)، وهي تَخْتَلِفُ، فتارَةً تَكُونُ ذِراعًا، وتارةٌ تكونُ أقَلَّ، فما قارَبَ الذِّراعَ أجْزَأ الاسْتِتارُ به. فأمّا قَدْرُها في الغِلَظِ فلا نَعْلَمُ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب سترة الإمام سترة من خلفه، وباب الصلاة إلى العنزة، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 133. ومسلم، في: باب سترة المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 360. وأبو داود، في: باب ما يستر الإمام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 158. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في إدخال الإصبع الأذن عند الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 312. والنَّسائيّ، في: باب الانتفاع بفضل الوضوء، من كتاب الطهارة، وفي باب الصلاة في الثياب الحمر، من كتاب القبلة. المجتبى 1/ 74، 2/ 57. والدارمي، في: باب الصلاة إلى سترة، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 328. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 243.
(2)
في م: «من وراء» .
(3)
في: باب سترة المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 358. كما أخرجه أبو دواد، في: باب ما يستر المصلى، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 158. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في سترة المصلى، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 129. وابن ماجه، في: باب يستر المصلى، وباب ما يقطع الصلاة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 303، 306. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 161.
(4)
في م: «ظاهر» .
(5)
أخرجه مسلم، في: باب سترة المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 359. والنَّسائيّ، في: باب سترة المصلى، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 48.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له (1) حَدًّا، فقد تكونُ غَلِيظَةٌ، كالحائِطِ، ودَقِيقَةً، كالسَّهْمِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَتِرُ بالعَنَزَةِ. وقال أبو سَعِيدٍ:[كنا نَسْتَتِرُ](2) بالسَّهْمِ والحَجَرِ في الصلاةِ. إلَّا أنَّ أحمدَ قال: ما كان أعْرَضَ فهو أعْجَبُ إليَّ، لِما رُوِيَ عن سَبْرَةَ (3)، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«اسْتَتِرُوا فِي الصلاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ» . رَواه الأثْرَمُ (4)، فقولُه:«وَلَوْ بِسَهْمٍ» . يَدُلُّ على أنَّ غيرَه أوْلَى منه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَدْنُوَ مِن سُتْرَتِه، لِما روَى سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ، يَرْفَعُه، أنَّه قال:«إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لَا يَقْطَعُ الشَّيْطانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» . رَواه أبو داودَ (5). وعن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قال: كان بينَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وبينَ السُّتْرَةِ مَمَرُّ الشَّاةِ. رَواه البخارِيُّ (6). ولأنَّ قُرْبَه مِن السُّتْرَةِ أصْوَنُ لِصلاِته وأبْعَدُ مِن أن يَمُرَّ بينَه
(1) في م: «فيه» .
(2)
في م: «كان يستتر» .
(3)
في الأصل: «سمرة» .
(4)
أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 404.
(5)
في: باب الدنو من السترة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 160. كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب الأمر بالدنو من السترة، من كتاب القبلة. المجتبى 3/ 49. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 2.
(6)
في: باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلى والسترة، من كتاب الصلاة، وفي: باب ما ذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. . . إلخ، من كتاب الاعتصام. صحيح البُخَارِيّ 1/ 133، 9/ 129. كما أخرجه مسلم، في: باب دنو المصلى من السترة، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 364. أبو داود، في: باب الدنو من السترة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 160. . بلفظ: «ممر عنز» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبينَها شئٌ، ويَنْبَغِي أن يكونَ مِقْدارُ ذلك ثَلاثةَ أذْرُع فما دُونَ. قال أحمدُ: إن ابنَ عُمَرَ، قال: صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الكَعْبَةِ، فكان بينَه وبينَ الحائِطِ ثلاثةُ أذْرُعٍ (1). وكان (2) عبدُ اللهِ بنُ مُغفَّل (3) يَجْعَلُ بينَه وبينَ سُترتِه سِتَّةَ أذْرُعٍ. وقال عَطاءٌ: أقَل ما يَكْفِيكَ ثلاثةُ أذْرُعٍ. وهو قولُ الشافعيِّ، لخبَرِ ابن عمرَ. وكلَّما دَنَا فهو أفْضَلُ، لِما ذَكَرْنا مِن الأخْبارِ والمَعْنَى. قال مُهَنّا: سَأَلْتُ أحمدَ عن الرجُلِ يُصَلِّي، كم يَنْبَغِي أن يكونَ بَيْنَه وبينَ القِبْلَةِ؟ قال: يَدْنُو مِن القِبْلَةِ ما اسْتَطاعَ.
فصل: ولا بَأْسَ أن يَسْتَتِرَ ببَعِيرٍ أو حَيَوانٍ، فَعَلَه ابنُ عُمَرَ، وأنسٌ. وقال الشافعيُّ: لا يَسْتَتِرُ بدابَّةٍ. ولَنا، ما روَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلى بَعِيرٍ. رَواه البخاريُّ (4). وفي لَفْظٍ، قال: قُلْتُ: فإذا ذَهَب الرِّكابُ؟ قال: كان يَعْرِضُ الرَّحْلَ، ويُصَلِّي إلى آخِرَتِه. فإن اسْتَتَرَ
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب حَدَّثَنَا إبراهيم بن المنذر، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 134، 135. وأبو داود، في: باب الصلاة في الكعبة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 466، 467. والنَّسائيّ، في: باب مقدار ذلك، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 49. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 113، 138، 6/ 13.
(2)
في الأصل: «قال» .
(3)
أبو سعيد، عبد الله بن مغفل بن عبد منهم المزني، من نقباء الصَّحَابَة، ومن أهل بيعة الرِّضوان، وأحد العشرة الذين بعثهم عمر يفقهون النَّاس، سكن المدينة ثم تحول إلى البصرة. توفى سنة سبع وخمسين. تهذيب الكمال 16/ 173 - 175.
(4)
في: باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل، من كتاب الصلاة. صحيح البُخَارِيّ 1/ 135. كما أخرجه مسلم، في: باب سترة المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 359 - 360. وأبو داود، في: باب الصلاة إلى الراحلة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 159. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الصلاة إلى الراحلة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 147. والدارمي، في: باب الصلاة إلى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإنْسانٍ فلا بَأْسَ؛ لأنَّه يَقُومُ مَقامَ (1) غيرِه (2). وقد رُوِيَ عن حُمَيْدِ بنِ هلالٍ، قال: رَأَى عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رجلًا يُصَلِّي، والنّاسُ يَمُرُّونَ بينَ يَدَيْه، فوَلّاهُ ظَهْرَه، وقال بثَوْبِه هكذا، وبَسَط يَدَيْه هكذا، وقال: صَلِّ، ولا تَعْجَلْ. وعن نافِعٍ قال: كان ابنُ عُمَرَ إذا لم يَجِدْ سَبِيلًا إلى سارِيَةٍ مِن سَوارِي المسجدِ، قال لنافِعٍ: وَلِّنِي ظَهْرَكَ. رَواهُما النَّجّادُ (3). فأمّا الصلاةُ إلى وَجْهِ الإنْسانِ فتُكْرَهُ؛ لأنَّ عُمَرَ (4) أدَّب على ذلك. وعن عائشةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي حِذاءَ وَسَطِ السَّرير، وأنا مُضْطَجِعَةٌ بينَه وبينَ القِبْلَةِ، تكونُ لىَ الحاجَةُ، فأكْرَهُ أن أقُومَ فأسْتَقْبِلَه، فأنْسَلُّ انْسِلالُا. مُتَّفَقٌ عليه (5).
= الراحلة، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 328. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 3، 14.
(1)
في م: «مقامه» .
(2)
سقط من: م.
(3)
انظر ما أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الصلاة إلى الأسطوانة، من كتاب الصلاة (أبواب سترة المصلى). صحيح البُخَارِيّ 1/ 134. وعبد الرَّزّاق، في: باب كم يكون بين الرَّجل وبين سترته، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 15. أما أثر ابن عمر فأخرجه ابن أبي شيبة، في: باب الرَّجل يستر الرَّجل إذا صلى إليه أم لا، من كتاب الصلاة. مصنف ابن أبي شيبة 1/ 279.
(4)
في الأصل: «ابن عمر» .
(5)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الصلاة إلى السرير، وباب استقبال الرَّجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي، وباب من قال لا يقطع الصلاة شيء، من كتاب الصلاة، وفي: باب السرير، من كتاب الاستئذان صحيح البُخَارِيّ 1/ 135، 136، 137، 8/ 76. ومسلم، في: باب الاعتراض بين يدى المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 366. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 125. ويأتي بلفظ آخر في صفحة 643.