الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ الْعَصْرُ، وَهِىَ الْوُسْطى، وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْس. وعَنْهُ، إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَىْء مِثْلَيْهِ. ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرورَةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
ــ
285 - مسألة؛ قال: (ثم العَصْرُ، وهى الوُسْطَى، ووَقْتُها مِن خُرُوجِ وَقتِ الظُّهرِ إلى اصفِرارِ الشَّمْسِ. وعنه، إلى أن يَصِيرَ ظِلُّ كلّ شيء مِثْلَيْه. ثم يَذْهَبُ وقتُ الاخْتِيارِ، ويَبْقَى وقتُ الضَّرُورَةِ إلى غرُوبِ الشَّمْسِ)
الصلاةُ الوُسْطَى صلاةُ العَصْرِ في قوْلِ أكثر أهلِ العلمِ مِن أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم وغيرِهم؛ منهم عليّ، وأبو هُرَيْرَةَ، وأبو سعيد، وأبو أيوبَ، وزيدُ بنُ ثابِتٍ، وابنُ عُمَرَ، وابنُ عباس، رَضِى الله عنهم. وهو قولُ عَبِيَدَةَ السَّلْمانِى (1)، والحسنِ، والضحَّاكِ (2)، وأبي حنيفةَ، وأصْحابِه،
(1) أبو مسلم عبيدة بن عمرو السلماني، أسلم قبل وفاة النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بسنتين ولم يره، وتوفى سنة اثنتين وسبعين، وكان من أعلم النَّاس بالفرائض. طبقات الفقهاء 80، العبر 1/ 79.
(2)
أبو القاسم الضحّاك بن مزاحم الهلالي، روى عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وغيرهم. وقيل لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة، توفي سنة ست ومائة. تهذيب التهذيب 4/ 453، 454.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وابن المنذر. ورُوِى عن ابنِ عُمَرَ، وزيد، وعائشةَ، وعبدِ الله بنِ شَدّادٍ (1)، أنَّها صلاةُ الظُّهْرِ؛ لِما رُوِى عن زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: كان رسولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم يُصَلى الظُّهْرَ بالهاجِرَةِ، ولم يَكُنْ يُصَلى صلاةً أشَدَّ على أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم منها، فنَزَلَتْ:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (2). رَواه أبو داودَ (3). ورَوَتْ عائشةُ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قَرَأ:(حافِظُوا على الصَّلواتِ والصَّلاةِ الوسْطىَ وصَلاةِ العَصْر). رَواه
(1) عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، لقى كبار الصحابة، وقتل سنة إحدى وثمانين. العبر 1/ 94.
(2)
سورة البقرة 238.
(3)
في: باب في وقت صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 98.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو داودَ، والترمذيُّ (1)، وقال: صَحِيحٌ. وقال طاوُسٌ، وعَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ، ومُجاهِدٌ، والشافعي: هي الصُّبحُ. ورُوِى أيضًا عن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباس؛ لقَوْلِه تعالى:{وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} . والقنُوت طُولُ القِيامِ، وهو مخْتصٌّ بالصُّبحِ، ولأنُّها من أثْقَلِ الصلاةِ على المُنافِقِين، فلذلك اخْتَصَّتْ بالوَّصِيَّةِ بالمُحافَظَةِ عليها، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ يَعْلَمون مَا في الْعَتَمَةِ وَالصُّبح لَأتوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» متَّفَقٌ عليه (2). وقال قوم: هي المَغْرِبُ؛ لأنَّ الأولَى الظُّهْرُ، فتَكون المَغْرِبُ الوُسْطَى، لأنَّها الثَّالِثَة مِن الخَمس، ولأنَّها الوُسْطَى في عَدَدِ الرَّكَعاتِ، وخُصَّتْ مِن بينِ الصَّلَواتِ بأنَّها وِتْرٌ، واللهُ وِتر يُجبُّ الوِترَ، ولأنَّها تُصَلَّى في أوَّل وَقْتِها في جَمِيع الأمْصارِ والأعْصارِ، ويُكْرَهُ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في وقت صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 98. والترمذى، في: باب في تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 11/ 105.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الاستهام في الأذان، وباب فضل التهجير إلى الظهر، وباب الصف الأول، من كتاب الأذان، وفى: باب القرعة في المشكلات، من كتاب الشهادات. صحيح البُخاريّ 1/ 160، 167، 3/ 238. مسلم، في: باب تسوية الصفوف وإقامتها من كتاب الصَّلاة، وفى: باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 325، 451، 452. كما أخرجه أبو داود، في: باب في فضل صلاة الجماعة، من كتاب الصَّلاة سنن أبي داود 1/ 131. والنسائي، في: باب الرخصة في أن يقال للعشاء العتمة، من كتاب المواقيت، وفى باب الاستهام على التأذين، من كتاب الأذان. المجتبى 1/ 216، 2/ 9. وابن ماجه، في: باب صلاة العشاء والفجر في جماعة، من كتاب المساجد. سنن ابن ماجه 1/ 261. والدارمى، في: باب أى الصلاتين على المنافقين أثقل، وباب فيمن تخلف عن الصَّلاة، من كتاب الصَّلاة. سنن الدارمي 1/ 291، 292. والإمام مالك في: باب ما جاء في النداء للصلاة، من كتاب النداء، وفي: باب ما جاء في العتمة والصبح، من كتاب الجماعة. الموطأ 1/ 68، 131. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 236، 278، 303، 375، 376، 424، 466، 472، 479، 531، 533.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَأخِيرُها عنه، وكذلك (1) صَلّاها جبْرِيلُ بالنبى صلى الله عليه وسلم في اليَوميْن لوَقْتٍ واحِدٍ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ أمُّتِى بِخَيْرٍ مَا لمْ يُؤخرُوا الْمَغْرِبَ إلَى أنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» (2). وهذا كلُّه يَدُل على تَأكِيدِها وفَضِيلَتِها. وقِيلَ: هي العِشاءُ. لِما ذَكَرْنا في الصُّبحِ، ولِما روَى ابنُ عُمَرَ، قال: مكَثْنا لَيْلةً نَنْتَظِرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخِرَةِ، فخَرَجَ إلينا حينَ (3) ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أو بعدَه، فقال:«إنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أهْل دِين غَيْرُكمْ، وَلوْلا أنْ أشُقَّ عَلَى أمتِى لَصَلَّيْتُ بهِمْ هَذِهِ السَّاعَة» . مُتَّفَقٌ عليه (4). ولَنا، قول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأحزاب:
(1) في م: «ولذلك» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في وقت المغرب، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 99. وابن ماجة، في: باب وقت صلاة المغرب، من كتاب الصَّلاة. سنن ابن ماجه 1/ 22. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 147، 5/ 417، 422.
(3)
في الأصل: «عندما» .
(4)
أخرجه البخارى، في: باب النوم قبل العشاء لمن غلب، من كتاب المواقيت. صحيح البخارى 1/ 149. ومسلم، في: باب وقت العشاء وتأخيرها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 442. كما أخرجه أبو داود، في: باب [في] وقت العشاء الآخرة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 99. والنسائي، في: باب آخر وقت العشاء، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 215.كما روى عن عائشة رضى الله عنها أخرجه البخارى، في الباب الذى سبق ذكره، وفي: باب فضل العشاء، من كتاب المواقيت، وفي: باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس، من كتاب الأذان. صحيح البخارى 1/ 148، 219. ومسلم، في الباب السابق ذكره. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 199، 215، 272.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الوسطى صَلَاةِ الْعَصْرِ» . متفق عليه (1). وعن ابنِ مسعودٍ (2) وسَمرَةَ (3)، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْوُسطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» . قال الترمِذِي: هذا حديث حسن صحيح. وهذا نَصٌّ لا يَجوزُ خلافُه، وما رَوَتْه عائِشَةُ، فيَجُوزُ أن تكونَ «الواوُ» فيه زائدَة،
(1) أخرجه البُخاريّ. في: باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، من كتاب الجهاد، وفي: باب غزوة الخندق، من كتاب المغازى، وفي: باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} في تفسير سورة البقرة، من كتاب التفسير، وفى: باب الدعاء على المشركين، من كتاب الدعوات. صحيح البُخاريّ 4/ 52، 5/ 141، 6/ 37، 8/ 105. ومسلم، في: باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، وباب الدليل لمن قال الصَّلاة الوسطى هي صلاة العصر، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 436، 437.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في وقت صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 97. والترمذي، في: باب حدّثنا هناد حدّثنا عبدة عن سعيد، في تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 11/ 106. والنسائي، في: باب المحافظة على صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. المجتبى 1/ 190. وابن ماجه، في: باب المحافظة على صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. سنن ابن ماجه 1/ 224. والدارمى، قى: باب في الصَّلاة الوسطى، من كتاب الصَّلاة. سنن الدارمي 1/ 0280، الإمام أحمد، في: المسند 1/ 71، 81، 113، 122، 126، 135، 137، 144، 146، 150 - 154.
(2)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في صلاة الوسطى أنَّها العصر، من أبواب المواقيت، وفي: باب حدّثنا محمود بن غيلان، في تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 1/ 214، 11/ 106.
(3)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر، من أبواب المواقيت. عارضة الأحوذى 1/ 294. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 12، 13، 22.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كقَوْلِه: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (1). وقولِه: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (2). وقَوْلُه: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3). فقد قِيلَ: [قانِتين أى](4) مُطِيعين. وقِيل: القُنُوت السُّكوتُ. ولذلك قال زيدُ بنُ أرْقَمَ: كنّا نَتَكَلَّمُ حتى نَزَل قَوْلُه تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} . فأمرنا بالسُّكُوت، ونُهينا عن الكَلام (5).
فصل: وأوُّلُ وَقْتِ العَصْرِ مِن خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، وهو إذا صار ظِل كل شئٍ مِثْله بعدُ القَدْرِ الذي زالتْ عليه الشَّمس، [فبخُرُوح وقتِ الظُّهْرِ يَدْخُلُ](6) وقتُ العَصْرِ، ليس بينهما فصْل. وهو قول الشافعيِّ. وقال أبو حَنِيفَةَ: أوّل وَقْتِها إذا زاد على المِثْلَيْن. لِما تَقَدَّمَ من
(1) سورة الأنعام 75.
(2)
سورة الأحزاب 40.
(3)
سورة البقرة 238.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
أخرجه البخارى، في: باب ما ينهى من الكلام في الصَّلاة، من كتاب العمل في الصَّلاة، وفى: باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} في تفسير سورة البقرة، من كتاب التفسير. صحيح البخارى 2/ 78، 6/ 38. ومسلم، في: باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 383. والترمذي، في: باب ما جاء في نسخ الكلام في الصَّلاة، من أبواب الصَّلاة، وفى: باب حدّثنا أحمد بن منيع، في تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 2/ 195، 11/ 107. وأبو داود، في: باب النهى عن الكلام في الصَّلاة، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 218. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 368.
(6)
في الأصل: «فيخرج وقت الظهر بدخول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحديثِ الذي ذَكَرْناه لأبي حنيفةَ في بَيانِ آخِرِ وقْتِ الظُّهْرِ (1)، ولقَوْلِه تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} (2). وعلى قَوْلِكم تكُونُ وَسَطَ النَّهارِ. وحُكِىَ عن ربيعَةَ، أن وَقْتَ الظُّهْرِ والعَصْرِ إذا زالَتِ الشَّمسُ. وقال إسحاقُ: آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ أوَّلُ وقتِ العَصْرِ، يَشْتَرِكان في قَدْرِ الصَّلاة، فلو أنَّ رَجُلَيْن صَلَّيا معًا، أحَدُهما يُصَلِّى الظُّهرَ والآخرُ يُصَلِّى (3) العَصْرَ، حين صار ظِلُّ كلِّ شئٍ مِثْلَه، لكانا مُصَليَيْن الصَّلاتَيْن في وَقْتِهما. وحُكِىَ عن ابنِ المُبارَكِ، لقَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حديثِ ابن عباس:«وَصَلَّى فِى الْمَرَّةِ الثانية الظُّهْرَ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بالأمْسِ» (4). ولَنا، ما تَقَدَّم من حديثِ جِبْرِيلَ، فأمَّا قوْله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} . فإنَّ الطَّرَف ما تَراخَى عن الوَسَطِ، فلا ينْفى ما قلْنا. وقَولُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لِوقْتِ الْعَصْرِ بالأمس» . أرادَ مُقارَبَةَ الوَقْتِ، يَعْنِى أنَّ ابْتِداءَ صلاةِ العَصْرِ مُتَصِل بآخِر صلاةِ الظهر في اليَوْمِ الثانى، وقد بَيَنَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم في حديث عبد اللهِ بنِ عَمْرٍو:«وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرِ الْعَصْرُ» . رَواه مسلمٌ (5). وفى حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ
(1) حديث: «إنَّما مثلكم ومثل أهل الكتاب. . . .» تقدم في صفحة 132.
(2)
سورة هود 114.
(3)
سقطت من: الأصل.
(4)
تقدم تخريجه في ص 127.
(5)
في: باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 427. كما أخرجه أبو داود، في: باب في المواقيت، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 95. والنسائى، في: باب آخر وقت المغرب، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 208. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 210، 213، 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الصَّلَاةِ أوَّلًا وآخِرًا، وإنَّ أوَّلَ وقْتِ الظُّهرِ حِينَ تَزُولُ الشمس، وَآخِرَ: وقتِهَا يَحْيَى يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ» . رَواه التِّرمِذِيُّ (1). وآخِرُ وَقْتِها اخْتَلَفَتِ الروايَةُ فيه، فرُوِىَ عن أحمدَ، أنَّ آخِرَ وقتِ الاخْتِيارِ إذا صار ظِلُّ كل شئٍ مِثْلَيْه. وهو قولُ مالك، والثَّوْرِي، والشافعيِّ؛ لقوْلِه في حديث ابنِ عباس:«الْوَقتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» . ورُوِى عنه، أنَّ آخِرَه ما لم تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وهى أصَحُّ، حَكاها عنه جَماعَة، منهما الأثْرمُ. وهذا قولُ أبي يُوسُف ومحمدٍ، ونَحْوُه عن الأوْزاعِىِّ؛ لِما روى عبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفرَّ الشَّمْسُ» . رَواه مسلم (2). وفى حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، عن النبى صلى الله عليه وسلم:«وَإنَّ آخِرَ وَقْتِها حِينَ تصْفر الشَّمس» (3). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: اجْمَعَ العلماءُ على أنَّ مَن صَلَّى العَصر والشَّمْسُ بَيْضاءُ نقيَّة، فقد صَلّاها في وَقْتِها. وفى هذا دلِيلٌ على أن مُراعاةَ المِثْلَيْن عندَهم استحبابٌ، ولَعَلَّهما متَقارِبان يُوجَدُ أحَدُهما قَرِيبًا مِن الآخَرِ.
(1) في: باب ما جاء في مواقيت الصَّلاة، من أبواب المواقيت. عارضة الأحوذي 1/ 250. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 332.
(2)
في: باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 427. كما أخرجه أبو داود، في: باب في المواقيت، من كتاب الصَّلاة سنن أبي داود 1/ 95. والنسائي، في: باب آخر وقت المغرب، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 208. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 210، 213، 223.
(3)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في مواقيت الصَّلاة، من باب الصَّلاة. عارضة الأحوذى 1/ 250.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والأوْقاتُ ثلاثةُ أضْرُب؛ وَقْتُ فَضِيلَةٍ، ووقتُ اخْتِيار، ووقتُ ضَرُورَة. وقد ذَكَرْنا وَقْتَ الفَضِيلَةِ. ومعنى وقتِ الاخْتِيارِ، هو الذي يَجُوزُ تأخير الصلاةِ إلى آخِرِه مِن غيرِ عُذرٍ. ووقتُ الضَّرورَةِ، [هو الذي](1) إنّما يُباحُ تَأخِيرُ الصلاةِ إليه مع العُذْرِ. فإن أخَّرَها لغيرِ عُذر أثِمَ، ومتى فَعَلَها فيه فهو مُدْرِك لها أداءً في وَقتِها، سَواءٌ كان لعُذْرٍ أو غيرِه؛ لقَولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمس فَقَدْ أدْرَكَ الْعَصْرَ» . متفق عليه (2). ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وكذلك حُكمُ سائِرِ الصَّلوات إذا أدْرَكَ مِن وَقْتِها رَكْعَةً، وإن أدْرَكَ أقلَّ مِن ذلك، فسيَأتى بَيانُه إن شاء الله. ومتى أخَّرَ العَصْرَ عن وقتِ الاخْتِيارِ، على ما فيه مِن الخِلافِ، أثِمَ إذا كان لغيرِ عُذْرٍ، لِما تَقَدَّم مِن الأخْبارِ،
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، وباب من أدرك من الفجر ركعة، من كتاب المواقيت. صحيح البُخاريّ 1/ 146، 151. ومسلم في: باب من أدرك ركعة من الصَّلاة فقد أدرك تلك الصَّلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 424، 425. كما أخرجه أبو داود، في: باب في وقت صلاة العصر، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 98. والترمذي، في: باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، من أبواب الصَّلاة. عارضة الأحوذي 1/ 301. والنسائي، في: باب من أدرك ركعتين من العصر، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 206. وابن ماجه، في: باب وقت الصَّلاة في العذر والضرورة، من كتاب الصَّلاة. سنن ابن ماجه 1/ 229. والدارمى، في: باب من أدرك ركعة من صلاة فقد أدرك، من كتاب الصَّلاة. سنن الدارمي 1/ 278. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 236، 254، 260، 275، 282، 306، 347، 348، 362، 389، 395، 399، 427، 459، 462، 489، 49، 507، 521، 6/ 78.