الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجِبُ عَلَى النَّائِمِ، وَمَنْ زَال عَقْلُهُ بِسُكْرٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ.
ــ
247 - مسألة؛ قال: (وتَجِبُ على النّائِمِ، ومَن زال عَقْلُه بسُكْرٍ أو إغماءٍ أو شُرْبِ دَواءٍ)
لا نَعْلَمُ خِلافًا في وُجُوبِ الصلاةِ على النّائِمِ ، بمَعْنَى أنَّه يَجِبُ عليه قَضاؤُها إذا اسْتَيقَظ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أوْ نَسِيَهَا، فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَها» . رَواه مسلمٌ (1) بمَعْناه. ولو لم تَجِبْ عليه في حالِ نَوْمِه، لَما وَجَب عليه قَضاؤُها، كالمَجْنُونِ. وكذلك السَّكْرانُ ومَن شَرِب مُحَرَّمًا يُزِيلُ عَقْلَه؛ لأنَّه إذا وَجَب بالنَّوْمِ المُباحِ، فبالمُحَرَّمِ بطَرِيقِ الأوْلَى. وحُكْمُ المُغْمَى عليه حُكْمُ النّائِمِ في وُجُوبِ قَضاء العِباداتِ عليه؛ مِن الصلاةِ والصومِ، يُرْوَى ذلك عن عَمّارٍ، وعِمْرانَ بنِ حُصَينٍ، وسَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ (2). ورُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، وطاوُسٍ، والحسنِ، والزُّهْرِيِّ، قالوا: لا يَقْضِي الصلاةَ. وقال مالكٌ والشافعيُّ: لا يَلْزَمُه قَضاءُ الصلاةِ، إلَّا أن يُفِيقَ في
(1) في: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 477.
(2)
سَمُرة بن جندب بن هلال، الفزاري، أبو سليمان، كان غلامًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة ثمان وقيل سنة تسع وخمسين. الإصابة 3/ 178 ،179.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جُزْءٍ مِن وَقْتِها؛ لأنَّه يُرْوَى أنَّ عائشةَ سألت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الرجلِ يُغْمَى عليه، فيَتْرُكُ الصلاةَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيسَ مِنْ ذَلِكَ قَضْاءٌ، إلَّا أنْ يُغْمَى عَلَيهِ، فَيُفِيقَ فِي وَقْتِهَا، فَيُصَلِّيَهَا» (1). وقال أصحابُ الرَّأْي: إن أُغْمِيَ عليه أكْثَرَ مِن خَمْسِ صَلَواتٍ لم يَقْضِ شَيئًا، وإلَّا قَضَى الجَمِيعَ؛ لأنَّ ذلك يَدْخُلُ في التَّكْرارِ، فأسْقَطَ القَضاءَ، كالجُنُونِ. ولَنا، أنَّ الإِغْماءَ لا يُسْقِطُ فَرْضَ الصيِّامِ، ولا يُؤَثِّرُ في ثُبُوتِ الولايةِ، ولا تَطُولُ مُدَّتُه غالِبًا، أشْبَهَ النَّوْمَ، وحَدِيثُهم يَرْويه الحَكَمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سعدٍ (2)، وقد نَهَى أحمدُ عن حَدِيثِه. وقال البُخارِيُّ: تَرَكُوه. وقِياسُه على المَجْنُونِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه تَطُولُ مُدَّتُه غالِبًا، وتَثْبُتُ عليه الولايَةُ، ويَسْقُطُ عنه الصومُ، ولا يَجُوزُ على الأنبياءِ، عليهم السلام، بخِلافِ الإِغْماءِ، ولأنَّ ما لا يُؤَثِّرُ في إسْقاطِ الخُمْسِ لا يُؤَثِّرُ في إسْقاطِ الزّائِد عليها، كالنَّوْمِ.
(1) أخرجه الدارقطني، في: باب الرجل يغمى عليه وقد جاء وقت الصلاة، هل يقضي أم لا، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 2/ 81. والبيهقي، في: باب المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 1/ 388.
(2)
الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي، أبو عبد الله. قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة. ميزان الاعتدال 1/ 572 - 574.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا شُرْبُ الدَّواءِ المُباحِ الذي يُزِيلُ العَقْلَ، فإن كان لا يَدُومُ كثيرًا، فهو كالإِغْماءِ، وإن تَطاوَلَ، فهو كالجُنُونِ (1). وأمّا ما فيه السُّمُومُ مِن الأدْويَةِ، فإن كان الغالِبُ مِن اسْتِعْمالِه الهَلاكَ أو الجُنُونَ، لم يَجُزْ، وإن كان الغالِبُ منه السَّلامَةَ ويُرْجَى نَفْعُه، أُبِيح شُرْبُه في الظّاهِرِ؛ لدَفْعِ ما هو أخْطَرُ منه، كغيرِه مِن الأدْويَةِ، ويَحْتَمِلُ أن يَحْرُمَ؛ لأنَّ فيه تَعَرُّضًا للهَلاكِ، أشْبَهَ ما لو لم يُرِدْ به التَّداويَ. والأوَّلُ أصَحُّ، فإن قُلنْا: يَحْرُمُ شُرْبُه. فهو كالمُحَرَّماتِ مِن الخَمْرِ ونَحْوه، وإن قُلْنا: يُباحُ. فهو كالمُباحاتِ فيما ذَكَرْنا. واللهُ أَعلمُ.
(1) في م: «كالمجنون» .