الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى الإِمَامِ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ،
ــ
447 - مسألة: (وله أن يَفْتَحَ على الإِمامِ إذا أُرْتِجَ عليه)
في الصلاةِ، وأن يَرُدَّ عليه إذا غَلِط لا بَأْسَ به في الفَرْضِ والنَّفْلِ. رُوِيَ ذلك عن عثمانَ، وعليٍّ، وابنِ عُمَرَ، رَضىَ اللهُ عنهم، وهو قولُ جماعَةٍ مِن التّابِعِينَ. وكَرِهَه ابنُ مسعودٍ، وشُريْحٌ، والثَّوْرِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: تَبْطُلُ به الصلاةُ؛ لِما روَى الحَارِثُ، عن عليٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ» (1). وقال ابنُ عَقِيل: إن كان في النَّفْلِ، جازَ ذلك، وإن كان في الفَرْضِ وأُرْتِجَ عليه في الفاتِحَةِ، فَتَح عليه وإلَّا فلا. ولَنا، ما روَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صلاةً، فقَرَأَ فيها، فلُبِسَ (2) عليه، فلمّا انْصَرَفَ قال لأُبَيٍّ:«أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟» قال: نَعَمْ. قال: «فَمَا مَنَعَكَ؟» . رَواه أبو داودَ (3). قال الخَطّابِيُّ (4): إسْنادُه جَيِّدٌ. وعن ابنِ عباسٍ، قال: تَرَدَّدَ رسولُ اللهِ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب النهي عن التلقين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 208، 209. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 146.
(2)
ليس، بفتح اللام والباء، بمعني التبس واختلط، وبضم اللام، على البناء للمجهول.
(3)
في: باب في الفتح على الإمام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 208.
(4)
في: معالم السنن 1/ 216.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
- صلي الله عليه وسلم - في القِراءَةِ في صلاةِ الصُّبْحِ، فلم يَفْتَحُوا عليه، فلمَّا قَضَى الصلاةَ نَظَر في وُجُوهِ القَوْمِ، فقال:«أمَا شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَكُمْ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ؟» . قالوا: لا. فرَأَى القَوْمُ إنَّما تفَقَّدَه لِيَفْتَحَ عليه (1). ورَوَى مُسَوَّرُ بنُ يَزِيدَ المالِكِيُّ (2)، قال: شَهِدْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الصلاةِ فَتَرَكَ آيةً مِن القرآنِ، فقيلَ: يَا رسولَ اللهِ، آيةَ كذا وكذا تَرَكْتَها. فقال:«فَهَلَّا أَذْكَرْتَنِيهَا؟» . رَواه أبو داودَ (3). ولأنَّه تَنْبِيهٌ في الصلاةِ بما هو مَشْرُوعٌ فيها، أشْبَهَ التَّسْبِيحَ. وحديثُ عليٍّ يَرْوِيه الحارِثُ، قال الشَّعْبِيُّ: كان كذَّابًا. وقال أبو داودَ: لم يَسْمَعْ أبو (4) إسْحاقَ مِن الحارِثِ إلَّا أرْبَعَةَ أحادِيثَ، ليس هذا منها.
فصل: فإن أُرْتِجَ على الإِمَامِ في الفاتِحَةِ، فعلى المَأْمُومِ أن يَفْتَحَ عليه، كما لو نَسِيَ سَجْدَةً لَزِمَهُم تَنْبِيهُه بالتَّسْبِيحِ. فإن عَجَز عن إتْمامِ الفاتحةِ فله أن يَسْتَخْلِفَ مَن يُصَلِّي بهم، وكذلك لو عَجَز في أثْناءِ الصلاةِ عن رُكْن يَمنَعُ الائْتِمامَ، كالرُّكُوعِ، فإنَّه يَسْتَخْلِفُ مَن يُتِمُّ بهم الصلاةَ (4) ، كما لو
(1) عزاه الهيثمى في مجمع الزوائد إلى البَزَّار والطبراني في الكبير والأوسط. مجمع الزوائد 2/ 69.
(2)
هو المسور بن يزيد المالكى الأسدي الكاهلى، نزل الكوفة، له صحبة. انظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد 6/ 32، 33. الإكمال، لابن ماكولا 7/ 225، تهذيب التهذيب 10/ 152.
(3)
في: باب الفتح على الإمام في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 208.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَبَقَه الحَدَثُ، بل الاسْتِخْلافُ هاهُنا أَوْلَى؛ لأنَّ مَن سَبَقَه الحَدَثُ قد بَطَلَتْ صلاتُه، وهذا صلاتُه صَحِيحَةٌ. وإذا لم يَقْدِرْ على إتْمامِ الفاتحةِ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَأْتِي بما يُحْسِنُ، ويَسْقُطُ عنه ما عَجَز عنه، وتَصِحُّ صلاتُه؛ لأنَّ القِراءَةَ رُكْنٌ مِن أرْكانِ الصلاةِ، فإذا عَجَز عنه في أثْناءِ الصلاةِ سَقَط، كالقِيامِ، فأمّا المَأمُومُ؛ فإن كان أُمِّيًّا، صَحَّتْ صلاتُه أَيضًا، وإن كان قارئًا نَوَى مُفارَقَتَه، وأتَمَّ (1) وَحْدَه، ولا يَصِحُّ له إتْمامُ الصلاةِ خَلْفَه؛ لأنَّ هذا قد صار في حُكْمِ الأُمِّيِّ. قال شيخُنا (2): والصَّحِيحُ أنَّه إذا لم يَقدِرْ على قِراءَةِ الفاتِحةِ تَفْسُدُ صلاتُه؛ لأنَّه قادِرٌ على الصلاةِ بقراءَتِها فلم تَصِحَّ صلاتُه؛ لعُمُومِ قولِه عليه السلام: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» (3). ولا يَصِحُّ قِياسُ هذا على الأمِّيِّ؛ لأن الأُمِّيَّ لو قَدَر على تَعَلُّمِها قبل خُرُوجِ الوَقْتِ، لم تَصِحَّ صلاتُه بدُونِها، وهذا يُمْكِنُه أن يَخْرجَ فيَسْأَلَ عمَّا وَقَف فيه ويُصَلِّيَ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على أرْكانِ الأفْعالِ؛ لأنَّ خُرُوجَه مِن الصلاةِ لا يُزِيلُ عَجْزَه عنها، بخِلافِ هذا.
(1) في م: «وصلى» .
(2)
في: المغني 2/ 315.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 440.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُكْرَهُ أن يَفْتَحَ مَن هو في الصلاةِ على مَن هو في صلاةٍ أُخْرَى، أو على مَن ليس في صلاةٍ؛ لأنَّ ذلك يَشْغَلُه عن صلاِته، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» (1). فإن فَعَل لم تَبْطُلْ صلاتُه؛ لأنَّه قُرآنٌ، إنَّما قَصَد قِراءَتَه دُونَ خِطاب الآدَمِيِّ لغيرِه (2)، أشْبَهَ ما لو رَدَّ على إمامِه. وقال ابنُ عَقِيل، في المُصلِّي إذا رَدَّ على مَن ليس في الصلاةِ: إن كان في النَّفْلِ فلا بَأْسَ، وإن كان في الفَرْضِ، [لم يَجُزْ. وهل تَبْطُلُ](3)؟ يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. فأمّا غيرُ المُصَلِّي فلا بَأْسَ أن يَفْتَحَ على المُصَلِّي. وقد روَى النَّجّادُ بإسْنادِه، قال (4): كُنْتُ قاعِدًا بمَكَّةَ، فإذا رجلٌ عندَ المَقامِ يُصَلِّي، وإذا رَجُلٌ قاعِدٌ خَلْفَه يُلَقِّنُه، فإذا هو عثمانُ (5)، رضي الله عنه (6).
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، وباب لا يرد السلام في الصلاة، من كتاب العمل في الصلاة، وفي: باب هجرة الحبشة، من كتاب مناقب الْأَنصار. صحيح البُخَارِيّ 5/ 64. ومسلم، في: باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان إباحته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 2/ 78، 83. وأبو داود، في: باب رد السلام في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 211. وابن ماجه، في: باب المصلي يسلم عليه كيف يرد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 325. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 376، 409.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «فهل تبطل صلاته» .
(4)
القلائل هو عبيدة بن ربيعة.
(5)
في م: «عمر» .
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من رخص في الفتح على الإمام، من كتاب الصلاة. مصنف ابن أبي شيبة 2/ 77.