الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ، لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ مُرَتَّبًا، قَلَّتْ أوْ كَثُرَتْ،
ــ
في وَقتِ الأُولى، فإنَّه يُجَوِّزُ تقْديم الثانية رُخْصَةً، ويَحْتاجُ إلى نِيَّةِ التَّقْدِيم، وتَرْكِ التَّفْرِيقِ، بخِلافِ الأُولَى إذا أخَّرَها إلى الثانيةِ، فلا يَصِحُّ قِياسُ الثانيةِ على الأُولَى. والأصْلُ أن لا تَجِبَ صلاةٌ إلا بإدْراكِ وَقْتِها فأمَّا إن أدْرَكَ وَقْتَ الفَجْرِ لم تَجِبْ عليه العِشَاءُ، ولا تَجِبُ العَصْرُ بإدْراكِ وَقْتِ المَغْرِبِ، لأنَّه لم يُدْرِكْ وَقْتَها، ولا تُجْمَعُ معها في حالٍ، ولا نَعْلَمُ في ذلك خِلافًا.
299 - مسألة: (ومَن فاتَتْه صلاةٌ، لَزِمَه قَضاؤُها على الفَوْرِ مُرَتَّبًا؛ قَلَّتْ أو كَثُرَتْ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَن فاتَتْه صلاةٌ، لَزِمَه قَضاؤُها على الفوْرِ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أوْ نَسِيَهَا، فَلْيُصَلِّهَا إذَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكَرَهَا». مُتَّفَقٌ عليه (1). وإن فاتَتْه صَلَواتٌ، لَزِمَه قَضاؤُهُنَّ مُرَتَّباتٍ. نَصَّ عليه أحمدُ، في مَواضِعَ. ورُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ ما يَدُلُّ على وُجُوبِ التَّرتِيبِ. ونَحْوُه عن الزُّهْرِىِّ، والنَّخَعِىِّ ومالكٍ، واللَّيْثِ (2)، وأبى حنيفة، وإسحاقَ. وقال الشافعيُّ: لا يَجِبُ، لأنَّه قَضاءٌ لفَرِيضَةٍ فاتَتْه، فلا يَجبُ فيه التَّرْتيبُ، كالصِّيامِ (3). ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاتَتْه أرْبَعُ صَلَواتٍ، فقَضاهُنَّ مُرَتَّبات. رواه الإمامُ أحمدُ، والتِّرمِذِيُّ،
(1) أخرجه البخارى، في: باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، من كتاب المواقيت. صحيح البخارى 1/ 154، 155. ومسلم، في: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 471، 477. كما أخرجه أبو داود، في: باب من نام عن صلاة أو نسيها، من كتاب الصلاة. سنن أبو داود 1/ 103. والترمذى، في: باب ما جاء في النوم عن الصلاة، وباب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 288 - 290. والنسائى، في: باب في من نسى صلاة، وباب في من نام عن صلاة، وباب إعادة من نام عن الصلاة لوقتها من الغد، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 236 - 239. وابن ماجة، في: باب من نام عن الصلاة أو نسيها، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجة 1/ 227، 228. والدارمى، في: باب من نام عن صلاة أو نسيها، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 280. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 267، 269، 282.
(2)
سقطت من: م.
(3)
في م: «كالقيام» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنَّسائِى (1). وقال: «صَلُّوا كما رأيتُمُونِى أُصَلِّى» (2). وعن أبى جُمُعَةَ حَبِيبِ بنِ سِباعٍ، وله صُحبَةٌ، قال: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عامَ الأحزابِ صَلى المَغْرِب، فلَما فَرَغ قال:«هلْ عَلِمَ أحَد مِنْكُم أنِّىِ صلَّيْت الْعصرَ» ؟ قالُوا: يا رسولَ الله، ما صَلَّيْتَها. فأمَرَ المُؤذِّن، فأقام الصلاةَ، فصَلَّى العصرَ، ثم أعادَ المَغْرِبَ. رَواه الإمامُ أحمدُ (3). ولأنهما صَلاتان مؤقتتان، فوجَبَ الترتِيبُ بَيْنَهما كالمجْمُوعتين. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَجبُ الترتِيبُ فيها وإن كثُرتْ. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يَجِبُ التَّرتِيبُ في أكْثَرَ مِن صلاةِ يَوْم وليْلَةٍ؛ لأن اعتِباره فيما زاد يَشُقُّ، ويُفْضِى -إلى الدخُولِ في التَكْرارِ، فسَقط، كالتَّرتيبِ في قَضاءِ رمضانَ. ولَنا، أنَّها صلوات واجِبات، تُفعل [في وَقْتٍ](4) يَتَّسِعُ لها، فوَجَبَ فيها التَّرَتِيبُ كالخمس، وإفْضاؤُه إلى التَّكْرارِ لا يَمنَعُ وُجُوبَه، كتَرْتِيبِ الرُّكُوعَ على السجودِ.
(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيهن بيدأ، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 291، والنسائي، في: باب كيف يقضى الفائت من الصلاة، من كتاب المواقيت، وفى: باب الأذان للفائت الصلوات، وباب الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد؛ من كتاب الأذان. المجتبي 1/ 240.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة. . . . إلخ، من كتاب الأذان، وفي: باب رحمة الناس والبهائم، من كتاب الأدب، وفى: باب ما جاء في إجارة خبر الواحد الصدوق. . . . إلخ، من كتاب الآحاد. صحيح البخارى 1/ 162، 163، 8/ 11، 9/ 107. والدامي، في: باب من أحق بالإمامة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 286. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 53.
(3)
في: المسند 4/ 106.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وهذا التَّرْتِيبُ شَرط لصِحةِ الصلاةِ، فلو أخَلَّ به، لم تَصحَّ صلاتُه؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَيْن والمَعنَى، ولأنَّه ترتِيبٌ في الصلاةِ، فكان شَرطًا، كالرُّكُوعَ والسجُودِ.
فصل: فإن ذَكَر أن عليه صلاةً، وهو في أخْرَى، والوَقْتُ متسِعٌ، أتمَّها، وقَضَى الفائِتَةَ، ثم أعادَ الصلاةَ التى كان فيها، إمامًا كان أو مَأمُومًا أو مُنْفَردًا. هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِى وأبي بكرٍ. وهو قولُ ابنِ عُمَرَ، ومالكٍ، والليْثِ، وإسحاقَ، في المَأمُومِ. وهو الذى نَقَلَه الجَماعَةُ عن أحمدَ في المَأمُومِ. ونُقِل عنه في المأمُومِ (1)، أنَّه يَقْطَعُ الصلاةَ. ونُقِل عنه في المُنْفَردِ روايَتان؛ إحداهما، يَقْطَعُ الصلاةَ ويَقْضى الفائتةَ. وهو قولُ النخَعى، والزُّهْري، ويَحيى الأنْصارِى. والثانية، إنّه يتِمُّ الصلاةَ. وإن كان إمامًا، فقال القاضى: يَقْطَعُ الصلاةَ إذا كان الوَقْتُ واسِعًا، ويَسْتَأنِفُ المَأمُومُون. نقَلَها عنه حَرب. ولم يَذْكُرِ القاضى غيرَ هذه الروايَةِ، فصار في الجَمِيع رِوايَتان، إحداهما، يَقْطَعُها ويَقْضى الفائِتَةَ. [والأخْرَى، يُتِمُّها ويَقْضى الفائتَةَ](2)، ويُعيدُ التى كان
(1) في م: «الإمام» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها. والدَّلِيلُ على وُجُوبِ الإعادَةِ، ما روَى ابنُ عُمَرَ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ نسِىَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرها إلا وَهُوَ مَعَ الْإمَامِ، فَإذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاِتهِ فَلْيُعِدِ الصَلَاةَ الَّتِى نَسِىَ، ثُمَّ لْيُعِدِ الصَّلَاةَ الَّتِى صَلاها مَعَ الإمَامِ» . رَواه أبو يَعلَى المَوْصِلِى بإسْنادٍ حسن (1). ولحديث أبى جُمُعَةَ الذى ذَكرناه. قال شبخُنا (2): والأوْلَى أنَّه لا يَقْطَعُ الصلاةَ لقَوْلِ الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوأ أَعمَلَكُم} (3). ولحديثِ ابن عُمَرَ. قال أبو بكر: لا يَخْتَلِفُ كلامُ أحمدَ في المَأمُومِ، أنَّه يَمضِى، واخْتَلَف قَوْلُه في المُنْفَرِدِ، والذى أقُولُ (4): إنَّه يمضِى.
فصل: فإن مَضَى الإمامُ في صَلاِته بعدَ ذِكْرِه، فهل تَصحُّ صلاةُ المَأمُومِين؟ يَنْبَنِى على ائتمامِ الْمُفْتَرِضِ بالمُتَنَفلِ. وإنِ انْصَرَف، فالمَنْصُوصُ أنَّهم يَسْتَأنِفُون الصلاةَ. قال شيخُنا (2): ويَتَخرج أن يَبْنُوا كما لو سَبَقَه الحَدَثُ، وكلُّ مَوْضِع قُلْنا: يَمْضِى في صَلاتِه. فإنَّه مُسْتَحَبٌّ غيرُ واجِبٍ، لأنَّها صلاة لا يُعتَدُّ بها، فلم يَلْزمه إتْمامُها، كالتَّطوعِ.
(1) لم نجد في مسند أبي يعلى الموصلي. واقتصر الهيثمى على عزوه إلى الطبرانى في الأوسط. انظر: مجمع الزوائد 1/ 324.
والحديث أخرجه البيهقى مرفوعا، في: باب الرجل يذكر صلاة وهو في أخرى، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 221. وأخرجه موقوفا على ابن عمر، الإمام مالك، في: باب العمل في جامع الصلاة، من كتاب قصر الصلاة في السفر. الموطأ 1/ 168. والدارقطني، في: باب الرجل يذكر صلاة وهو في أخرى، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطنى 1/ 421.
(2)
في: المغني 2/ 239.
(3)
سورة محمد 33.
(4)
من كلام أبي بكر.