الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِى، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ في الْمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ، وَتَأْخِيُرهَا أفْضَلُ مَا لَمْ يَشُقَّ،
ــ
صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«وَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» . رَواه مسلمٌ وأبو داودَ (1). والأوْلَى أن لا تُؤَخَّرَ عن ثُلُثِ اللَّيْلِ، لأنَّ ثُلُثَ اللَّيْلِ يَجْمَعُ الرِّواياتِ، والزِّياداتُ تَعارَضَتْ فيها الأخْبارُ، وإن أخَّرَها جاز؛ لِما ذَكَرْنا.
290 - مسألة: (ثم يَذْهَبُ وَقْتُ الاخْتِيارِ، ويَبْقَى وقتُ الضَّرُورَةِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثانى، وهر البَياضُ المُعْتَرِضُ في المَشْرِقِ، ولا ظُلْمَةَ بعدَه، وتأْخِيرُها أفْضَلُ ما لم يَشُقَّ)
متى ذَهب نِصْفُ اللَّيْلِ أو ثُلُثُه، على الخِلافِ فيه، خَرَج وَقْتُ الاخْتِيارِ، وما بعدَه وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثاني، والحُكْمُ فيه حُكمُ الضَّرُورَةِ في وقتِ العَصْرِ، على ما بَيَّنَا. وتَأخِيرُها أفْضَلُ إلى آخِرِ وَقْتِها إذا لم يَشُقَّ. وهو اخْتِيارُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 147.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتَّابِعِين. كذلك قال التِّرْمِذِيُّ (1). وحُكِىَ عن الشافعيِّ أنَّ الأفْضَلَ تَقدِيمُها؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «الْوَقْتُ الْأوَّلُ رِضْوَانُ اللهِ، والْوَقْتُ الآخِرُ عَفْو اللهِ» . رَواه التِّرْمَذِيُّ (2). وعن القاسِمِ بنِ غَنَّامٍ، عن أُمَّهاتِه، عن أُمِّ فَرْوَةَ، أنَّها سَمِعَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسألَه رجلٌ عن أفْضَل الأعْمالِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» . رَواه أبو داودَ (3). ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكنْ يُؤخِّرُها، وإنَّما أخَّرَها لَيْلَةٌ واحِدَةٌ. ولَنا، قولُ أبى بَرْزَةَ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَحِبُّ أن يُؤْخِّرَ مِن العِشاءِ التي تَدْعُونَها العَتَمَةَ (4). وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لَأمَرْتُهُمْ أنْ يُؤْخِّرُوا الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ
(1) في: باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 338.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 152.
(3)
في: باب المحافظة على وقت الصلوات، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 100، 101 كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 281.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 134.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْ نِصْفِهِ». رواه التِّرْمِذِيُّ (1)، وقال: حديثٌ صحيحٌ. وعن جابِرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: كان رسولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم يُؤخِّرُ عِشاءَ الآخِرَةِ. رَواه مسلمٌ (2). وأحادِيثُهم ضَعِيفَةٌ. أمّا خَبَرُ: «أوَّلُ الْوَقْتِ رضْوَانُ اللهِ» (3)، فيَرْوِيه عبدُ (4) اللهِ العُمَرِيُّ، وهو ضَعِيفٌ، وحديثُ أُمِّ فَرْوَةَ رُواتُه مَجاهِيلُ، وقال فيه التِّرمِذِيُّ أيضًا (5): لا يُرْوَى إلَّا مِن حديثِ العُمَرِيِّ، وليس بالقَوِيُّ في الحدثِ. قال أحمدُ: لا أعْرِفُ ثَبَت في أوْقاتِ الصلاةِ: أوَّلُها كذا، وأوْسَطُها كذا، وآخِرُها كذا. ولو ثَبَت كان الأخْذُ بأحادِيثِنا أوْلَى؛ لأنَّها خاصَّةٌ، وأخْبارَهم عامَّةٌ. وإنَّما يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُها للمُنْفَرِدِ ولجَماعَةٍ راضِين بالتَّأخِيرِ، فأمّا مع المَشَقُّةِ بالمَأمُومِين أو بَعْضِهم فلا يُسْتَحَبُّ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايَةِ الأثْرَم؛ قال: قُلْتُ لأبى عبدِ اللهِ: كم قَدْرُ تَأْخِيرِ العِشاء؟ فقال: يُؤخِّرُها بعدَ أن لا يشُقَّ على المَأمُومِين. وقد تَرَك النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأمْرَ بتَأخِيرِها كَراهِيَةَ المَشَقَّةِ، ورُوِىَ
(1) في: باب ما جاء في تأخير العشاء الآخرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 278 كما أخرجه النسائي، في باب ما يستحب من تأخير العشاء، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 214. وابن ماجة، في باب وقت صلاة العشاء، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجة 1/ 226. والإمام أحمد، في المسند 2/ 345، انظر: باب السواك، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 11. وباب ما جاء في السواك، من أبواب الطهارة، من سنن الترمذى. عارضة الأحوذى 1/ 40.
(2)
في: باب وقت العشاء وتأخيرها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 445.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 152.
(4)
في الأصول: «عبيد» . وهو عبد الله بن عمر بن حفص أبو عبد الرحمن المصرى، من آل عمر بن الخطاب، مختلف في توثيقه. توفي بالمدينة في خلافة: هارون الرشيد سنة إحدى وسبعين ومائة. تهذيب التهذيب 5/ 326 - 328.
(5)
انظر: عارضة الأحوذى 1/ 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه: «مَنْ شَقَّ عَلَى أُمَّتِى شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ» (1). وروَى جابِرٌ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّى العِشاءَ أحيانًا وأحيانًا؛ إذا رآهم اجْتَمَعُوا عَجَّل، وإذا رآهم أبْطَئُوا أخَّر (2). وهذا يَدُلُّ على مُراعاةِ حالِ المَأمُومِين. وقد روَى النُّعْمانُ بنُ بَشِيرٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّيها لسُقوطِ القَمَرِ لثالِثَةٍ (3).
(1) لم نجده بهذا اللفظ، وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنَ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِىَ مِنَ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا، فَرَفَقَ بِهْمْ فَارْفُقَ بِهِ» . أخرجه مسلم، في: باب فضيلة الإمام العادل، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1458. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 62، 93، 257، 258، 760.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 134.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 155.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعن أبى مسعودٍ، قال: رَأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى هذه الصلاةَ حينَ يَسْوَدُّ الأُفُقُ (1). فيُسْتَحَبُّ الاقْتِداءُ بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم إحْدَى هاتَيْن الحالَتَيْن، ولا يَشُقُّ على المَأْمُومِين؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَأمُرُ بالتَّخْفِيفِ رِفْقًا بالمَأمُومِين. واللهُ أعلمُ.
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ هذه الصلاةِ العَتَمَةَ، وكان ابنُ عُمَر إذا سَمِعِ رجلًا يقُول: العَتَمَةُ. صاح وغَضِب، وقال: إنَّما هي العِشَاءُ (2). ورُوىَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، ألَا إنَّها الْعِشَاءُ، وَهُمْ يُعْتِمُونَ (3) بِالإبِلِ» . رَواه مسلمٌ (4). وإن سَمّاها جاز؛ لقَوْلِ مُعاذٍ: بَقَيْنا (5) رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صلاةِ العَتَمَةِ. رَواه أبو داودَ (6). وفى المُتَّفَقِ عليه (7)، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» .
(1) تقدم تخريجه في صفحة 55.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب اسم العشاء الآخرة، من كتاب الصلاة. المصنف 1/ 665.
(3)
يعتمون بالإبل: يؤخرون حلابها إلى وقت العتمة.
(4)
في: باب وقت العشاء وتأخيرها؛ من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 445.كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة العتمة، من كتاب الأدب. سنن أبي داود 2/ 592. والنسائي في: باب الكراهية في أن قال للعشاء العتمة، من كتاب المواقيت، المجتبي 1/ 216، 217. وابن ماجة، في: باب النهي أن يقال صلاة العتمة، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجة 1/ 230. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 10، 19، 49، 144.
(5)
في م: «لقينا» . وبقينا عل وزن رمينا، أى انتظرناه. انظر: عون المعبود 1/ 161.
(6)
في: باب وقت العشاء الآخرة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 99.
(7)
تقدم تخريجه في صفحة 143.