الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى جَالِسًا يُومِئُ إيمَاءً، فَإنْ صَلَّى قَائمًا جَازَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالأرْضِ.
ــ
318 - مسألة: (فإن عَدِم بكلِّ حالٍ صَلَّى جالِسًا يُومِئُ إيماءً، وإن صَلَّى قائِمًا جاز. وعنه، أنَّه يُصَلِّي قائِمًا ويَسْجُدُ بالأرْضِ)
لا تَسْقُطُ الصلاةُ عن العُرْيانِ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه؛ لأنَّه شَرْطٌ عَجَز عنه فلم تَسْقُطِ الصلاةُ بعَجْزِه عنه، كالاسْتِقْبالِ، ويُصَلِّي جالِسًا، يُومِئُ بالرُّكُوعِ والسُّجُودِ. وهو قَوْلُ أبي حنيفةَ. وقال مالكٌ، والشافعيُّ، وابن المُنْذِرِ: يُصَلِّي قائِمًا كغيرِ العُرْيانِ، لقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:«صَلِّ قَائِمًا، فَإنْ لَمْ تَستطِعْ فَقَاعِدًا» . رَواه البُخارِيُّ (1). ولأنَّه قادِرٌ على القِيامِ
(1) في: باب إذا لم يطق قاعد صلى على جنب، عن كتاب التقصير. صحيح البُخَارِيّ 2/ 59، 60. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، عن كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 218. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 166. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة المريض، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 386. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 426.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن غيرِ ضَرَرٍ، فلم يَجُزْ له تَرْكُه، كالقادِرِ على السَّتْرِ. ولَنا، ما رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ قَوْمًا انْكسَرَتْ بهم مَراكِبُهم، فخرَجُوا عُراةً، قال: يُصَلُّون جُلُوسًا، يُومِئُون إيماءً برُؤُوسِهم. ولم يُنْقَلْ خِلافُه، ولأنَّ السَّترَ آكدُ مِن القِيامِ لأمْرَيْن؛ أحَدُهما، أنَّه لا يَسْقُطُ مع القدْرَةِ بحالٍ، والقِيامُ يَسْقُطُ في النَّافِلَةِ. والثاني، أنَّ السَّتْرَ لا يَخْتَصُّ الصلاةَ، بخِلافِ القِيامِ، فإذا لم يَكُنْ بُدٌّ مِن تركِ (1) أحَدِهما، فتَرْكُ الأخَفِّ أوْلَى. فإن قِيل: فلا يَحْصُلُ السَّتْرُ كلُّه مع فَواتِ ثلاثةِ أرْكانٍ، القِيامِ، والرُّكُوعِ، والسُّجُودِ. فالجَوابُ، أنّا إذا قُلْنا: العَوْرَةُ الفَرْجان. فقد حَصَل سَتْرُهما، وإن قُلْنا: هما بَعْضُ العَوْرَةِ. فهما آكَدُها وُجُوبًا، وأفْحَشُها في النَّظَرِ، فكان سَتْرُهما أوْلَى. ولا تَجِبُ عليه إعادَة؛ لأنَّه صَلَّى كما أُمِر، أشْبَهَ ما لو صَلَّى إلى غيرِ القِبْلَةِ عندَ العَجْزِ. فإن صَلَّى قائِمًا جاز، لِما ذَكَرْنا. وقد رُوِيَ عنه، أنَّه يُصَلِّي جالِسًا ويَسْجُدُ بالأرْضِ؛ لأنَّ السُّجُودَ آكَدُ مِن القِيامِ، لكَوْنِه مَقْصُودًا في نَفْسِه، ولا يَسْقُطُ فيما يَسْقُطُ فيه القِيامُ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو النَّفْلُ. والأوْلَى الإِيماءُ بالسُّجُودِ؛ لأنَّ القِيامَ سَقَط عنهم لحِفْظِ العَوْرَةِ، وهي في حالِ السُّجُودِ أفْحَشُ، فكان سُقُوطُه أوْلَى. وإن صَلَّى قائِمًا، ورَكع وسَجَد بالأرْضِ، جاز في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأيِ؛ لأنَّه لابُدَّ مِن تَرْكِ أحَدِ الواجِبَيْن، فأيَّهما تَرَك فقد أتَى بالآخَرِ. وعلى أيِّ حالٍ صَلَّى فإنَّه يَتَضامُّ ولا يَتَجافَى، قِيل لأبي عبدِ الله: يَتَضامُّون أم يَتَرَبَّعُون؟ قال: بل يَتَضامُّون. وقد قيل: إنهم يَتَرَبَّعُون في حالِ القيامَ، كصلاةِ النّافِلَةِ قاعِدًا. والأوَّلُ أوْلَى.
فصل: فإذا وَجَد العُرْيانُ جِلْدًا طاهِرًا، أو وَرَقًا يُمْكِنُ خَصْفُه عليه، أو حَشِيشًا يُمْكِنُ رَبْطُه عليه، فيَسْتُرُ، لَزِمَه؛ لأنِّه قادِرٌ على سَتْرِ عَوْرَتِه بطاهِرٍ لا يَضُرُّه، وقد سَتَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَيْ مُصْعَبِ بن عُمَيْرٍ بالإذْخِرِ لمّا لم يَجدْ سُتْرَةً وإن وَجَد طِينًا يَطْلِي به جَسَدَه، لم يَلْزَمْه؛ لأنَّه يَتَناثر إذا جَفَّ، وفيه مَشَقَّةٌ، ولا يُغَيِّبُ الخِلْقَةَ، وقال ابنُ عَقِيلٍ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلْزَمُه؛ لأنَّه يَسْتُرُ، وما تَناثَرَ سَقَط حُكْمُه، واسْتَتَرَ بما بَقِيَ. وهو قولُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ. وإن وَجَد ماءً، لم يَلْزَمْه النُّزُولُ فيه وإن كان كَدِرًا؛ لأنَّ عليه فيه مَشَقَّة وضَرَرًا، [ولا يَحْصُل به السَّتْرُ](1). وإن وَجَد حُفْرَةً لم يلْزَمْه النُّزُولُ فيها؛ لأَنَّها لا تَلْصَقُ بجَسَدِه، فهي كالجِدارِ. وإن وَجَد سُتْرَةً تُضِرُّ به، كبارِيَّةٍ (2) ونَحْوِها، لم يَلْزَمْه الاسْتِتارُ بها، لِما فيها مِن الضَّرَرِ والمَنْع مِن إكْمالِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ.
(1) في م: «لا يحتمل» .
(2)
البارية: الحصير المنسوج.