الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يَجُوزُ التَنَفُّلُ لِلْمَاشِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
كالقَصْرِ والجَمْعِ. وإن عَجَز عن ذلك، سَقَط بغيرِ خِلافٍ.
فصل: وقبْلَةُ هذا المصلى حيث كانت وِجْهته، فإن عَدَل عنها إلى جِهَةِ الكعْبَةِ، جاز؛ لأَنها الأصْلُ، وإنَّما سَقَط للعُذْرِ، وإن عَدل إلى غيرِها عَمْدًا، فَسَدَتْ صَلَاتُه؛ لأنه تَرَك قِبْلَتَه عَمْدًا. وإن كان مغْلُوبًا، أو نائِمًا، أو ظَنا منه أنَّها جِهَةُ سَيْرِه، فهو كل صَلاتِه، ويَرْجِعُ إلى جِهَةِ سَيْرِه إذا أمْكنَه. فإن تَمادَى به ذلك بعدَ زَوالِ عُذْرِه، فسدَتْ صَلَاتُه؛ لترْكِه الاستِقْبالَ عمْدًا. ولا فَرْقَ بينَ جَمِيعِ التَّطَوعاتِ في هذا؛ النَّوافِلِ المُطْلَقَةِ، والسنن الرواتِب، والوِتْرِ، وسُجُودِ التلاوَةِ، وقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ على بَعِيرِه. مُتَّفَق عليه (1).
346 - مسألة: (وهل يَجُوزُ للماشِي؟ على رِوايَتَيْن)
إحْداهما، لا يَجُوزُ. وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقيِّ، ومَذْهَبُ أبِي حنيفةَ؛ لعُمُوم قَوْلِه تعالى:{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَولُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} . والنَّصُّ إنما وَرَد
(1) انظر تخريج حديث ابن عمر المتقدم في صفحة 322.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الرّاكِبِ، ولا يَصِحُّ قياس الماشِي عليه؛ لأنه يَحْتاجُ إلي عمَل كَثِيرٍ، ومَشْى مُتَتابع يُنافِي الصلاةَ، فلم يصِح الإلْحاقُ. والثانية، يَجُوزُ ذلك للماشِي. نَقَلَها عنه المُثَنَّى بنُ جامِع (1)، واخْتارَه القاضي. فعلى هذا يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ لافْتِتاحِ الصلاةِ، ثم يَنْحَرِفُ إلى جِهَةِ سَيْرِه، ويَقْرأ وهو ماشٍ، ويَرْكَعُ ثم يَسْجُد بالأرض. وهذا قول عَطاء، والشافعي؛ لأن الرّكُوعَ والسُّجُودَ مُمْكِن مِن غيرِ انْقِطاعِه عن جِهَةِ (2) سيْرِه، فلَزِمَه، كالواقِفِ. وقال الآمدى: يُومِئُ بالركُوعِ والسجُودِ، كالراكِبِ، قِياسًا عليه. ووَجْهُ هذه الرواية أن الصلاةَ أبِيحَتْ للراكِبِ كَيْلا يَنْقَطِعَ عن القافِلَةِ في السفَرِ، وهو مَوْجُودٌ في الماشِي، ولأنها إحْدَى حالتيِ السفَرِ، أشبَهَ الراكِبَ.
(1) في تش: «حامد» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا دَخَل المصَلى بَلدًا ناويًا الإقامَةَ (1) فيه، لم يصَلِّ بعدَ دخوله إليه إلَّا صلاةَ المُقِيمِ. وإن كان مُجْتازًا غيرَ ناوٍ للإقامَةِ، أو نَوَى الإقامَةَ مُدةً لا يَلْزمُه فيها إتْمامُ الصلاةِ، اسْتَدامَ (2) الصلاةَ ما دامَ سائِرا، فإذا نزل فيه، صَلى إلى القِبْلَةِ، وبَنَى على ما مَضَى مِن صَلَاتِه، كالخائِفِ إذا أمِن في أثْناءِ صَلاتِه. ولو ابْتَدَأها (3)، وهو نازِل إلى القِبْلَةِ، ثم أراد الركوبَ، أتمَّ صَلاتَه، ثم يَرْكَبُ. وقِيل: يَرْكَبُ في الصلاة، ويتمُّها إلى جِهةِ سَيْرِه، كالآمِنِ إذا خاف في صَلاتِه، والأولُ أوْلَى. والفَرْقُ بينَهما أنَّ حالَةَ الخَوْفِ حالَةُ ضَرُورَةٍ، أبِيحَ فيها ما يَحْتاجُ إليه مِن العَمَلِ، وهذه رُخْصَة مِن غيرِ ضَرورَةٍ (4)، فلا يُباحُ فيها غير ما نُقِل، ولم يَرِدْ بإباحَةِ الرُّكُوبِ الذى يَحْتاجُ إلى عَمَل وتَوَجُّهٍ إلى غيرِ جِهَةِ القِبْلَةِ ولا جِهَةِ سَيْرِهِ سُنَّة، فيَبْقَى على الأصْلِ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1) في م: «للإقامة» .
(2)
في الأصل: «واستدام» .
(3)
في الأصل: «ابتدأ» .
(4)
في الأصل: «ضرر» .