الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، أوْ قَضَى فَوَائِتَ، أَذَّنَ وَأقَامَ لِلْأُولَى، ثُمَّ أقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا.
ــ
276 - مسألة: (ومَن جَمَع بينَ صَلَاتَيْن، أو قَضَى فَوائِتَ، أذَّنَ وأقام للأُولَى، ثُمُّ أقَامَ لكلِّ صلاةٍ بعدَها)
متى جَمَع بينَ صَلاتَيْن، أذَّنَ وأقام للأُولَى، ثُمَّ أقَامَ للثانِيَةِ، سَواءٌ كان الجَمْعُ في وَقْتِ الأُولَى أو الثانيةِ؛ لما روَى جابِرٌ، أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم جَمَع بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ بعَرَفَةَ، وبينَ المَغْرِبِ والعِشاءِ بمُزْدَلِفَةَ، بأذانٍ وإقامَتَيْن. رَواه مسلمٌ (1). وعن ابنِ عُمَرَ، قال: جَمَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينَ المَغْرِبِ والعِشاء بجَمْعٍ، كلُّ واحِدَةٍ
(1) في: باب حجة النبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 860، 891. كما أخرجه أبو داود، في: باب صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 442. والنسائى، في: باب الأذان لمن جمع بين الصلاتين بعد ذهاب وقت الأولى منهما، من كتاب الأذان. المجتبى 2/ 14. وابن ماجه، في: باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1026. والدارامى، في: باب في سنة الحج، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 48
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منهما بإقامَةٍ. رَواه البُخارىُّ (1). إلَاّ أنَّه إذا جَمَع في وَقتِ الأُولَى، كان الأذانُ لها آكَدَ؛ لأنَّها مَفْعُولَةٌ في وَقْتِها، أشْبَهَ ما لو لم يَجْمَعْ، وإن كان في وَقْتِ الثانيةِ، فلم يُؤَذِّنْ، أو جَمَع بَيْنَهما بإقامَةٍ واحِدَةٍ، فلا بَأْسَ؛ لِما روَى ابنُ عُمَرَ، قال: جَمَع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينَ المَغْرِبِ والعِشاءِ بجَمْعٍ، صَلَّى المَغْرِبَ ثلاثًا والعِشاءَ رَكْعَتَيْن، بإقامَةٍ واحِدَةٍ. رَواه مسلمٌ (2). ولأنَّ الأُولَى مَفْعُولَةٌ في غيرِ وَقْتِها، فهى كالفَائِتَةِ، والثَّانِيَةَ مَسْبُوقَةٌ بصلاةٍ، فلم يُشْرَعْ لها الأذان، كالثانيةِ مِن الفَوائِتِ. وقال مالِكٌ: يُؤذِّنُ للأُولَى والثّانِيَةِ، ويُقِيمُ؛ لأنَّ الثانيةَ منهما صلاةٌ يُشْرَعُ لها الأذانُ لو لم تُجْمَعْ، فكذلك إذا جُمِعَتْ (3)، وهو مُخالِفٌ لِما ذَكَرْنا مِن الأحاديثِ الصَّحِيحَةِ.
(1) في: باب من جمع بينها ولم يتطوع، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 201. كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بجمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 448. والنسائى، في: باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة، من كتاب مناسك الحج. المجتبى 5/ 209.
(2)
في: باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 937.كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بجمع من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 448. والترمذى، في: باب ما جاء في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 123. والنسائى، في: باب الإقامة لمن جمع بين الصلاتين، من كتاب الأذان، وفى: باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة، عن كتاب المناسك. المجتبى 2/ 14، 15، 5/ 210. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 18، 33، 34، 56، 59، 62، 78، 152.
(3)
في الأصل: «اجتمعت مع أخرى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا قَضاءُ الفَوائِتِ، فإن كانتِ الفائِتَةُ واحِدَةً أذَّنَ لها وأقام؛ لِما روَى عَمْرُو بنُ أمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ، قال: كُنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في بعضِ أسْفارِه، فنام عن الصُّبْحِ حتى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فاستَيْقَظَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«تَنَحُّوا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ» . قال: ثم أمَرَ بِلالًا، فأذَّنَ، ثم تَوَضَّئُوا وصَلَّوْا رَكْعَتَىِ الفَجْرِ، ثم أمر بِلالًا فأقام الصلاةَ، فصَلَّى بهم صلاةَ الصُّبْحِ. رَواه أبو داودَ (1). وإن كَثُرَتِ الفَوائِتُ أذَّنَ وأقام للأُولَى، ثم أقام لكلِّ صلاةٍ بعدَها؛ لِما روَى أبو عُبَيْدَةَ، عن أبيه عبدِ الله بِنِ مسعودٍ، أنَّ المُشْيركِين شَغَلُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أرْبَعِ صَلَواتٍ يَوْمَ الخَنْدَقِ، حتى ذَهَب مِن اللَّيْلِ ما شاء الله، فأمَرَ بِلَالًا، فأذَّنَ ثم أقام، فصَلَّى الظهْرَ، ثم أقام، فَصَلَّى العَصْر، ثم أقام، فصَلَّى المَغْرِبَ، ثم أقام، فصَلَّى العِشاءَ. رَواه الإِمامُ أحمدُ، والنَّسائِىُّ، والتِّرْمِذِىُّ (2)، وقال: حديثُ عبدِ اللهِ ليس بإسْنادِه بَأْسٍ، إلَّا أنَّ أبا عُبَيْدَةَ لم يَسْمَع مِن عبيد اللهِ. وإن لم يُؤذِّنْ فلا بَأْسَ، وهذا في الجماعةِ. فإن كان وَحْدَه، كان اسْتِحْبابُ ذلك أدْنَى في حَقِّه؛ لأنَّ الأذانَ والإقامَةَ للإعْلامِ، ولا حاجَةَ إلى الإعْلامِ
(1) في: باب من نام عن صلاة أو نسيها، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود 1/ 103.
(2)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيهنّ يبدأ، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 291. والنسائى، في: باب الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد، وإقامة لكل واحدة منها، من كتاب الأذان. المجتبى 3/ 15. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 375.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هاهُنا، وقد رُوِىَ عن أحمدَ في مَن فاتَتْه صَلَواتٌ فقَضاها، فأذَّن وأقام مَرَّةً واحِدَةً، فسَهلَ في ذلك، ورَآه حَسَنًا. ورُوِىَ ذلك عن الشافعىِّ، وله قَوْلان آخَران؛ أحَدُهما، أنَّه يُقِيمُ ولا يُؤَذِّنُ. وهو قولُ مالكٍ؛ لِما روَى، أبو سعيدٍ، قال: حُبِسْنا يَوْمَ الخَنْدَقِ عن الصلاةِ، حتى كان بعدَ المَغْرِبِ بهَوىٍّ (1) مِن اللَّيْلِ. قال: فدَعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلالًا، فأمَرَه فأقام الظهْرَ، فصَلّاها، ثم أمَرَه فأقام العَصْرَ، فصَلّاها (2). ولأنَّ الأذانَ للإعْلام بالوَقْتِ، وقد فات. والقَوْل الثانى للشافعىِّ: إن رُجِىَ اجْتِماعُ النّاسِ أذَّنَ، وإلَّا فلا؛ لأنَّه لا حاجَةَ إليه. وقال أبو حَنِيفَةَ: يُؤذِّنُ لكلِّ صلاةٍ ويُقِيمُ؛ لأنَّ ما سُنَّ للصلاةِ في أدائِها سُنَّ في قَضائِها، كسائِرِ المَسْنُوناتِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لحديثِ ابنِ مسعودٍ، وهو مُتَضَمِّنٌ للزِّيادَةِ، والزِّيادَةُ مِن الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وما قال أبو حنيفةَ مُخالِفٌ لحديثِ ابنِ مسعودٍ وأبى سعيدٍ، ولأنَّ الثّانِيَةَ مِن الفَوائِتِ صلاةٌ قد أُذِّنَ لِما قبلَها، أشْبَهَتِ الثّانِيَةَ مِن المَجْمُوعَتَيْن، وقِياسُهم يَنْتَقِضُ بهذا. والله أعلمُ.
فصل: ومَن دَخَل مسجدًا قد صُلِّىَ فيه، فإن شاء أذَّنَ وأقام. نَصَّ عليه؛ لأنَّه رُوِى عن أنَسٍ، أنَّه دَخَل مسجدًا قد صَلَّوْا فيه، فأمَرَ رجلًا
(1) الهوى من الليل: ساعة.
(2)
أخرجه النسائى، في: باب الأذان للفائت من الصلوات، من كتاب الأذان. المجتبى 2/ 15. والدارمى، في: باب الحبس عن الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى 1/ 358. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 25، 49، 67، 68.