الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَتَى وَجَدَ عَلَيْهِ نَجَاسَةً، لَا يَعْلَمُ هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ أوْ لَا؟ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإنْ عَلِمَ أنهَا كَانَتْ فِي الصلَاةِ، لَكِنْ جَهِلَهَا أوْ نَسِيَهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
بمُسْتَتْبع لها. قال القاضي: هذا إذا كان الشَّدُّ في مَوْضِع طاهِر، فإن كان في مَوْضِع نَجِس، فَسَدَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه حامِلٌ لِما هو مُلاقٍ للنجاسَةِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنه لا يَقْدِرُ على استِتْباعِ المُلاقِي للنجاسَةِ، أشْبَهَ ما لو أمسكَ غُصْنًا مِن شَجَرَةٍ [عليها نَجاسَةٌ](1)، أو سَفِينَة عَظيمَة فيها نَجاسَةٌ.
337 - مسألة: (ومتى وَجَد عليه نَجاسَةً، لَا يَعْلَمُ هل كانت في الصلاةِ أولا؛ فصَلاتُه صَحِيحَةٌ)
لأنَّ الأصْلَ عَدَمُها في الصلاةِ (وإن عَلِم أنها كانت في الصلاةِ، لكنَّه جَهلَها أو نَسِيَها، فعلى رِوايَتَيْن) متى صلَّى وعليه نجاسَة لا يعَلَمُ بها، حتَّى فَرَغ مِن صَلاِته، ففيها رِوايتان؛ إحْداهما،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تَفْسُدُ صَلاتُه. اخْتارَها شيخُنا (1). وهذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وعَطاءٍ، وسعيد بنِ المُسَيبِ، ومُجاهِدٍ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. والثانية، يُعِيدُ. وهو قولُ أبي قلابَةَ، والشافعي، لأنها طهارة مُشْتَرَطَةً للصلاةِ، فلم تَسْقُطْ بالجهلِ، كطَهارَةِ الحَدَثِ. وقال رَبِيعَةُ، ومالِك: يعيدُ ما دام في الوَقتِ. ووَجْهُ الأولَى، ما روَى أبو سعيد، قال: بَيْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلى بأصْحابِه، إذ خلَع نَعْلَيْه، فوَضَعَهما عن يَسارِه، فخلَعَ النَّاسُ نِعالَهم، فلَمَّا قَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاتَه قال: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إلْقَائِكمْ
(1) في: المغني 2/ 466.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِعَالَكُمْ»؟ قالوا: رَأيْناك (1) ألقَيْتَ نَعْلَيْكَ (2)، فألْقَيْنا نِعالَنا. قال:«إنَّ جِبْرِيلَ أتانِي، فأخْبَرَنى أن فِيهِمَا قَذَرًا» . رَواه أبو داودَ (3). ولو كانت الطهارةُ شرطًا، مع عدَمِ العِلْمِ بها، لَزِمَه اسْتئنافُ الصلاةِ، ويُفارِقُ طهارةَ الحَدَثِ؛ لأنها آكَد؛ لكَوْنِها لا يُعْفى عن يَسِيرها. فأمَّا إن كان قد عَلِم بالنجاسَةِ ثم أُنْسِيَها، فقال القاضي: حَكَى أصحابُنا في المَسألتَيْن روايَتَيْن. وذَكَر هو في مسألةِ (4) النسْيانِ أن الصلاةَ باطِلَةٌ؛ لأنَّه مَنْسُوبٌ إلى التفْرِيطِ، بخِلافِ الجاهِلِ. وقال الآمِدِيُّ: يُعِيدُ إذا كان قد تَوانَى، رِوايَة واحِدَة. قال شيخُنا (5): والصَّحِيحُ التسْوِيَةُ بينَهما؛ لأنَّ ما عُذِر فيه بالجَهْلِ عُذِر فيه بالنسْيانِ، بل النسْيانُ أوْلَى لوُرُودِ النصِّ بالعَفْوِ عنه
(1) في م: «إنَّا رأيناك» .
(2)
في م: «نعالك» .
(3)
في: باب الصلاة في النعل، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 151. كما أخرجه الدَّارميّ، في: باب الصلاة في النعلين، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 320. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 92.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في: المغني 2/ 466.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن عَلِم بالنَّجاسةِ في أثْناءِ الصلاةِ، فإن قُلْنا: لا يُعْذَرُ بالجَهْلِ والنِّسْيان. فصَلاته باطِلَةٌ. وإن قُلْنَا: يُعْذَرُ. فهي صَحِيحَةٌ. ثم إن أمْكَنَه إزالَةُ النجاسَةِ مِن غير زَمَن طَوِيل، ولا عَمَل كِثير، أزالَها، وبَنَى، كما خَلع النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَعْلَيْه. وإنِ احْتاجَ إلى أحَدِ هَذَيْن، بَطَلَتْ صَلَاتُه؛ لإفضائِه إلى أحَدِ أمْرَيْن؛ إمَّا اسْتِصْحابِ النَّجاسَةِ في الصلاةِ زَمنًا طَوِيلًا، أو أن يَعْمَلَ فيها عَمَلًا كَثِيرًا، فصار كالعُرْيانِ يَجِدُ السُّترَةَ بَعِيدَةً منه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا سقَطَتْ عليه نجاسَةٌ، ثم زالَتْ عنه، أو أزالَها في الحالِ، لم تَبْطُلْ صلاتُه؛ لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ أبي سعيدٍ، ولأن النجاسَةَ يُعْفَى عن يَسِيرها، فعُفِيَ عن يَسِيرِ زَمَنِها، ككَشْفِ العَوْرَةِ. وهذا مَذهَبُ الشافعيِّ.