الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَهِىَ الْوِترُ، وَوَقتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّمْس إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأحْمَرِ،
ــ
قال: العَصْرُ، وهذه صلاةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التى كُنَّا نُصَلِّيها معه. مُتفَق عليه (1). وروَى الترمِذِى (2)، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قالْ:«الْوَقْتُ الْأولُ مِنَ الصلَاةِ رِضْوَانُ اللهِ، وَالْوَقْتُ الْآخِرُ عَفْوُ الله» . وحديثُ رافِع لا يَصِحُّ. قاله الترمِذِى. وقال الدّارَقطنى (3): يَرْوِيه عبدُ الواحِدِ بنُ نافِع، وليس بالقَوِى، ولا يَصح عن رافِعٍ ولا عن غيرِه مِن الصحابَةِ، والصحيح عنهم تعجِيلُ صلاةِ العَصْرِ والتبكيرُ بها. قال ابنُ المُنْذِرِ: الأخْبارُ الثّابِتَةُ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تدل على أنَّ أفْضَلَ الأمْرَيْن تَعْجِيلُ العَصْرِ في أولِ وَقتِها.
287 - مسألة: (ثم المَغْرِبُ وهى الوتر، ووَقتُها مِن مَغِيبِ الشَّمْس إلى مغيبِ الشَّفَقِ الأحْمَرِ)
لا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في دُخُولِ وَقْتِ المَغْرِبِ بغروبِ الشمس، والأحادِيثُ تَدُل عليه، وآخِرُه إذا غاب
(1) أخرجه البخارى، في: باب وقت العصر، من كتاب المواقيت. صحيح البُخاريّ 1/ 144، 145. ومسلم، في: باب استحباب التبكير بالعصر، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 434.كما أخرجه النسائى، في: باب تعجيل العصر، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 203.
(2)
في: باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، من أبواب الصَّلاة، عارضة الأحوذي 1/ 282.
(3)
في: باب ذكر بيان المواقيت واختلاف الروايات في ذلك، من كتاب الصَّلاة. سنن الدارقطني 1/ 251، 252
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشفَقُ. وهو قولُ الثورِى، وإسحاق، وأبي ثَوْر، وأصحابِ الرَّأىِ. وقال مالكٌ، والأوْزاعِى، والشافعى في أحَدِ قَوْلَيْه: ليس لها إلَّا وَقت واحِد؛ لأن جِبْرِيلَ عليه السلام، صَلّاها بالنبى صلى الله عليه وسلم في اليَومَيْن لوَقتٍ واحِدٍ، في بَيانِ مَواقِيتِ الصلاةِ (1). وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ أمتِى بِخَيْر مَا لَمْ يُؤخِّرُوا الْمغرِبَ إلَى أنْ تشتَبِكَ النجُومُ» (2). وعن طاوُس: لا تَفُوتُ المَغْرِبُ والعِشاءُ حتَّى الفَجْرِ. وعن عَطاء: لا تَفُوتُ المَغْرِبُ والعِشاءُ حتَّى النَّهارِ. ولَنا، حديث بُرَيْدَةَ، وفيه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى المَغْربَ في اليَوم الثانى حينَ غاب الشفَقُ. وروَى أبو موسى، أن النبى صلى الله عليه وسلم أخرَ المَغْربَ في اليَومِ الثانى حتَّى كان عندَ سُقوطِ الشفَقِ. رَواهما مسلمٌ (3). وعن عبدِ الله بنِ عَمْرٍو، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«وَقتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفقُ» . رَواه مسلمٌ (4). وهذه نُصُوصٌ صَحِيحَةٌ، لا يَجُوزُ مُخالفَتُها بشئ مُحْتَمل، ولأنَّ ما قبل مَغِيبِ الشَّفقِ وقتٌ لاستِدامَتِها، فكان وَقتاً لابتدائِها، كأوَّلِ وقتها. وأحادِيثُهم مَحْمُولَة على الاسْتِحْبابِ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 128
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 144.
(3)
حديث بريدة تقدم في صفحة 128.
وحديث أبى موسى أخرجه مسلم، في: باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 429. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في مواقيت الصَّلاة، من أبواب الصَّلاة. عارضة الأحوذي 1/ 252. والنسائي، في: أول وقت المغرب، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 207. وابن ماجه، في: أبواب مواقيت الصَّلاة، من كتاب الصَّلاة. سنن ابن ماجه 1/ 219. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 349.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 148.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والاخْتِيارِ، وتَأكِيدِ فِعْلِها في أوَّلِ وَقْتِها، جَمْعًا بَيْنَها وبينَ أحادِثِنَا، ولو تَعارَضت وَجَب حَمْلُ أحادِيثِهم على أنَّها مَنْسُوخَةٌ؛ لأنَّهَا في أوَّلِ فَرْضِ الصلاةِ بمَكَّةَ، وأحادِيثُنا بعدَها بالمَدِينَةِ، فتَكُونُ ناسِخَةً لِما قَبْلَها مِمّا يُخالِفُها. واللهُ أعلمُ.
فصل: والشَّفَقُ الحُمْرَةُ. هذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، والزُّهْرِيِّ، ومالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، ويعقوبَ، ومحمدٍ. وعن أنَسٍ وأبى هُرَيْرَةَ، ما يَدُلُّ على أنَّ الشَّفَقَ البَياضُ. ورُوِىَ ذلك عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والأوْزاعِىِّ، وأبى حنيفةَ. وهو اخْتِيارُ ابنِ المُنْذِرِ، ورُوىَ عن ابن عباسٍ أيضًا، لأنَّ بخُرُوجِ وَقْتِها يَدْخُلُ وقتُ العِشاءِ (1)، الآخِرَةِ. وأوَّلُ وقتِ العِشاءِ إذا غاب البَياضُ، لأنَّ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيرٍ قال: أنا أعْلَمُ النَّاسِ بوَقْتِ هذه الصلاةِ، كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّها لسُقُوطِ القمَرِ لثالِثَةٍ (2). رَواه
(1) في م: «عشاء» .
(2)
أي ليلة ثالثة من الشهر. عون المعبود 1/ 161.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ (1). ورُوِىَ عن أبى مسعودٍ (2)، قال: رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيها حينَ يَسْوَدُّ الأُفُقُ (3). ولَنا، ما رُوِىَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ الشَّفَقِ» . رَواه أبو داودَ (4). ورُوِىَ: «ثوْرُ الشَّفَقِ» (5). وفَوْرُ الشَّفَقِ: فَوَرانُه وسُطُوعُه. وثَوْرُه: ثَوَرانُ حُمْرَتِه. وروَى ابنُ عُمَرَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ، فَإذَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَبَتِ الْعِشَاءُ» . رَواه الدّارَقُطْنِىُّ (6). وما رَوَوْه ليس فيه بَيانُ أنَّه أوَّلُ الوَقْتِ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُؤخِّرُ الصلاةَ عن أوَّلِ الوقتِ قَلِيلًا، ولهذا رُوِىَ عنه صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال لبِلالٍ:«اجْعَلْ بَيْنَ أذَانِكَ وإقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفرُغُ الْآكِلُ مِنْ أكْلِهِ، وَالْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إِذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ» (7).
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في وقت العشاء الآخرة: من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 99. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 270، 272، 274. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 276. والنسائي، في: باب الشفق، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 212. والدارمى، في: باب وقت العشاء، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 275.
(2)
في الأصل: «ابن مسعود» .
وهو أبو مسعود الأنصاري البدرى، عقبة بن عمرو بن ثعلبة، توفى سنة إحدى أو اثنين وأربعين. أسد الغابة 6/ 286، 287.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 94.
(4)
في: باب في المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 95.
(5)
أخرجه مسلم، في: باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 427. والنسائي، في: باب آخر وقت المغرب، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 208. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 213.
(6)
في: باب صفة المغرب والصبح، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 269.
(7)
أخرجه الترمذى، عن جابر بن عبد الله، في: باب ما جاء في الترسل في الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 312. والإمام أحمد، عن أبي بن كعب، في: المسند 5/ 143.