الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللهِ. لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ.
وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحمَدُ فِي صَلَاةِ الجِنَازَةِ.
ــ
428 - مسألة: (فإن لم يَقلْ: ورَحْمَةُ اللهِ. لم يُجْزِئْه. وقال القاضي: يُجْزِئُه. ونَصَّ عليه أحمدُ في صلاةِ الجِنازَةِ)
وجُمْلَةُ ذلك، أن الأفْضَلَ أن يقولَ: السَّلامُ عليكم ورَحْمَةُ اللهِ. لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ. وقد روَى وائِلُ بنُ حُجْرٍ، قال: صَلَّيْتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكانَ يُسَلِّمُ عن يَمِينِه:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ» . وعن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شِمالِه: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ» . رَواه أبو داودَ (1). فإن قال كذلك، فحَسَنٌ، والأوَّلُ أحْسَنُ؛ لكَثْرَةِ رُواتِه، وصِحَّةِ طُرُقِه. فإن قال: السَّلامُ عليكم. حَسْبُ، فقال القاضي: يُجْزِئُه في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ، ونَصَّ عليه في صلاةِ الجِنازَةِ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (2). وهذا تَسْلِيمٌ (3). وعن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه كان يُسَلِّمُ عن يَمِينِه، وعن يَسارِه: السَّلامُ عليكم، السَّلامُ عليكم. رَواه سعيدٌ (4). ولأنَّ ذِكْرَ الرَّحْمَةِ تَكْرِير للثَّناءِ، فلم يَجِبْ، كقولِه:«وبَرَكَاتُه» . وقال ابنُ عَقِيلٍ: الأصَحُّ أنَّه لا يُجْزِئُه؛ لأنَّ الصَّحيحَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه كان يقول:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» . ولأنَّه سَلامٌ في الصلاةِ وَرَد مَقْرُونًا بالرَّحْمَةِ، فلم يَجُزْ بدُونِها، كالسَّلامِ (5) على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التَّشَهُّدِ.
(1) في: باب في السلام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 229.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 407.
(3)
في م: «التسليم» .
(4)
أخرجه البيهقي، في: باب الاختيار في أن يسلم تسليمتين، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 178.
(5)
في م: «كالتسليم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن نَكَّسَ السَّلامَ، فقال: عليكمُ السَّلامُ. لم يُجْزِئْه. وقال القاضي: يُجْزِئُه في وَجْهٍ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لحُصُولِ المَعْنَى منه، وليس هو قُرْآنًا فيُعْتَبَرَ له النَّظْمُ. ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَه مُرَتَبًا، وأمَرَ به كذلك، ولأنَّه ذِكْرٌ يُؤْتَى به في أحَدِ طَرَفيِ الصلاةِ، فلم يَجُزْ مُنَكَّسًا، كالتِّكْبِيرِ.
فصل: فإن قال: سَلامٌ عليكم. مُنَكَرًا مُنَوَّنًا، ففيه وَجْهان؛ أحَدُّهما، يُجْزِئُه. وهو مذهبُ (1) الشافعيِّ؛ لأن السَّلامَ الذى وَرَد في القُرْآنِ أكْثَرُه بغيرِ ألِفٍ ولامٍ، كقَوْلِه:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} (2). ولأنَّا أجَزْنا التشَهُّدَ بتَشَهُّدِ ابنِ عباسٍ (3) وأبي موسى (4)، وفيهما:«سَلامٌ عَلَيْكَ» (5). والتَّسْلِيمَتان واحِدٌ. والآخَرُ، لا يُجْزِئُه، لأنَّه يُغَيِّرُ صِيغَةَ السَّلامِ الوارِدِ، ويُخِلُّ بحَرْفٍ يَقْتَضِي الاسْتغْراقَ، فلم يَجُزْ، لو أثْبَتَ اللَّامَ في التَّكْبِيرِ. وقال الآمِدِيُّ: لا فَرْقَ بينَ أن يُنَوِّنَ التَّسْلِيمَ أولا يُنَوِّنَه؛ لأنَّ حَذْفَ التَّنْوِينِ لا يُخِل بالمَعْنَى؛ بدَلِيلِ ما لو وَقَف عليه.
(1) في م: «قول» .
(2)
سورة الرعد 24.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 538.
(4)
أخرجه مسلم، في: باب التشهد في الصلاة، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 303، 304. وأبو داود، في: باب التشهد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 223. والنَّسائيّ، في: باب نوع آخر من التشهد، من كتاب السهو. المجتبى 2/ 192، 193. وابن ماجه، في: باب ما جاء في التشهد، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 291، 292.
(5)
في الأصل: «عليكم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويُسَنُّ أن يَلْتَفِتَ عن يَمِيِنه في التَّسْلِيمَةِ الأُولَى، وعن يَسارِه في الثانيةِ، كما وَرَدَتِ السُّنَّةُ في حديثِ ابنِ مسعودٍ، وجابرٍ (1)، وغيرِهما. قال الإمامُ أحمدُ: ثَبَت عندَنا مِن غيرِ وَجْهٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُسَلِّمُ عن يَمِيِنه وعن يَسارِه حتَّى يُرَى بَياضُ خَدَّيْه. ويكُونُ. التِفاتُه في الثانيةِ أكْثَرَ؛ لِما رُوِيَ عن عَمّارٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه كان يُسَلِّمُ عن يَمِينِه حتَّى يُرَى بَياضُ خدِّه الأيْمَنِ، وإذا سَلَّمَ عن يَسارِه حتَّى (2) يُرَى بَياضُ خَدِّه الأيْمَنِ والأيْسَرِ. رَواه يَحْيَى بنُ محمدٍ بنِ صاعِدٍ بإسْنادِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَبْتَدِئُ بقَوْلِه: السَّلامُ عليكم. إلى القِبْلَةِ، ثم يَلْتَفِتُ في يَمِينِه ويَسارِه في قَوْلِه: ورَحْمَةُ اللهِ. لقَوْلِ عائشةَ: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ تِلْقاءَ وَجْهِه (3). مَعْناه: ابْتِداؤُه بالتَّسْلِيمِ. جَمْعًا بينَ الأحاِديثِ.
(1) تقدم تخريجهما في صفحة 563.
(2)
سقط من: م.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 562.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: رُوِيَ عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّ التَّسْلِيمَةَ الأُولَى أرْفَعُ مِن الثانيةِ، اخْتارَ هذا أبو بكرٍ الخَلّالُ، وأبو حَفْصٍ العُكبَرِيُّ. وحَمَل أحمدُ حديثَ عائشةَ، أنَّه كان يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً واحِدَةً، على أنَّه كان يَجْهَرُ بواحِدَةٍ، فتُسْمَعُ منه. ذلك؛ لأنَّ الجَهْرَ في غيرِ القِراءَةِ إنَّما كان للإِعْلامِ بالاْنتِقالِ مِن رُكْنٍ إلى غيرِه، وقد حَصَل بالجَهْر بالأُولَى. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ الجَهْرَ بالثّانِيةِ وإخْفاءَ الأُولَى؛ لِئَلَّا يُسابِقَه المَأْمُومُ في السَّلام. ويُسْتَحَبُّ حَذْف السّلامِ، لقَوْلِ أبي هُرَيْرَةَ: حَذْفُ السَّلامِ سُنَّةٌ. ورُوِي مَرْفُوعًا. رَواه التِّرمِذِيُّ (1)، وقال: حديثٌ صحِيحٌ. قال أبو عبدِ اللهِ: هو أن لا يُطَوِّلَ به صَوْتَه. وقال ابنُ المُبارَكِ: مَعْناه: لا يَمُدُّ مَدًّا. قال إبْراهِيمُ النَّخَعِيُّ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، والسَّلامُ جَزْمٌ.
(1) في: باب ما جاء أن حذف السلام سنة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 91. كما أخرجه أبو داود، في: باب حذف السلام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 230. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 532.