الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ بَلَغَ صَبِىٌّ، أو أسْلَمَ كَافِرٌ، أو أفَاقَ مَجْنُونٌ، أوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، لَزِمَهُمُ الصَّبْحُ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهُمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَإنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَزِمَهُمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ.
ــ
298 - مسألة: «وَإِنْ بَلَغ صَبِيٌّ، أو أسْلَمَ كافرٌ، أو أفاق مَجْنُونٌ، أو طَهُرَتْ حائِضٌ، قَبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بقَدْرِ تَكبِيرَةٍ، لَزِمَهم الصُّبْحُ، وإن كان قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهم الظُّهْرُ والعَصْرُ، وإن كان قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، لَزِمَهم المَغْرِبُ والعِشاءُ) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه متى أدْرَكَ أحَدُ هؤلاء جُزْءًا مِن آخِر وقتِ الصلاةِ، لَزِمَه قَضاؤُها، لأنَّها وَجَبَتْ عليه، فلَزِمَه القَضاءُ كما لو أدْرَكَ وقْتًا يَتَّسِع لها. وهذا مذهب الشافعيِّ، ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. قال شيخُنا
(1): وأقَلُّ ذلك تَكْبِيرَةُ الإحْرامِ، لأنَّها أقَلُّ ما يَتَلَبَّسُ بالصلاةِ بها. وقد أطْلَقَ أصحابُنا القَوْلَ فيه. وقال القاضي: إن أدْرَكَ رَكْعَةً، كان مُدْرِكًا لها، وإن أدْرَكَ أقَلَّ مِن ركعةٍ، كان مُدْرِكًا لها في ظاهِرِ
(1) انظر: المغنى 2/ 47.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَلامِه (1). فإن أدْرَكَ جُزْءًا مِن آخِرِ وَقْتِ العَصْرِ قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أو جُزْءًا مِن آخِرِ اللَّيْلِ قبل طُلُوعِ الفَجْرِ، لَزِمَتْه الظُّهْرُ والعَصْرُ في الأُولَى، والمَغْرِبُ والعِشاءُ في الآخِرَةِ. رُوِىَ هذا في الحائِضِ عن عبدِ الرحمن بنِ عَوْفٍ، وابنِ عباسٍ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، والزُّهْرِيُّ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وإسحاقَ. قال الإمامُ أحمدُ: عامَّةُ التَّابِعِين، إلَّا الحسنَ وَحْدَه قال: لا تَجِبُ إلَّا الصلاةُ التي طَهُرَتْ في وَقْتِها وَحْدَها. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ وأصحاب الرَّأىِ؛ لأنَّ وقتَ الأُولَى خَرَج في حالِ العُذْرِ، أشْبَهَ ما لو لم يُدْرِكْ شيئًا مِن وقتِ الثانية. وحُكِىَ عن مالكٍ أنَّه إن أدْرَك قَدْرَ خَمْسِ رَكَعاتٍ مِن وقتِ الثانيةِ، وَجَبَتِ الأُولَى، لأنَّ قَدْرَ الرَّكْعَةِ الأُولى مِن الخمْسِ وقتٌ للصلاةِ الأولَى في حالِ العُذْرِ، فوَجَبَتْ بإدراكِه؛ كما لو أدْرَك ذلك مِن وَقْتِها المُخْتارِ، بخِلافِ ما لو أدْرَك دُون ذلك. ولَنا، ما روَى الأثرَمُ، وابنُ المُنْذِرِ، وغيرُهما، بالإسْنادِ عن عبدِ الرحمن بنِ عَوْفٍ وابنِ عباسٍ، أنَّهمَا قالا، في الحائِضِ تَطْهُرُ قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ برَكْعَةٍ: تُصَلِّى المَغرِبَ والعِشاءَ، فإذا طَهُرَتْ قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، صَلَّتِ الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا (2). ولأنَّ وَقْتَ الثانيةِ وقتٌ للأُولَى حالَ العُذْرِ، فإذا أدْرَكَه المَعْذُورُ لَزِمَه فَرْضُها، كما يَلْزَمُه فَرْضُ
(1) أي الإمام أحمد.
(2)
أخرجه عنهما البيهقى، في: باب قضاء الظهر والعصر بإدراك وقت العصر. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 1/ 387.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثانيةِ. والقَدْرُ الَّذي يَتَعَلَّقُ به الوُجُوبُ قَدْرُ تَكبِيرَةِ الإحْرامِ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وقال الشافعيُّ: قَدْرُ رَكْعَةٍ، لأنَّه الَّذي رُوِىَ عن عبدِ الرحمنِ وابنِ عباسٍ في الحائِضِ، ولأنَّه إدْراك تَعَلَّقَ به إدْراكُ الصلاةِ، فلم يَحْصُلْ بأقَلَّ مِن رَكْعَةٍ، كإدْراكِ الجُمُعَةِ. وقد ذكَرْنا قولَ مالكٍ. ولَنا، أنَّ ما دُونَ الرَّكْعَةِ تَجِبُ به الثانيةُ، فوَجَبَتْ به الأُولَى، كالرَّكْعَةِ والخَمْسِ عندَ مالكٍ، ولأَنَّه إدْراكٌ فاسْتَوَى فيه القليلُ والكثيرُ، كإدْراكِ المُسافِرِ صلاةَ المُقِيمِ، فأمَّا الجُمُعَةُ فإنَّما اعْتُبِرَتِ الرَّكْعَةُ فيها بكمالِها؛ لأنَّ الجَماعَةَ شَرْطٌ لصِحَّتِها، فاعْتُبِرَ إدْراكُ ركعةٍ لِئَلَّا يَفُوتَه الشَّرْطُ في مُعْظَمِها، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا.
فصل: فإن أدْرَكَ مِن وَقْتِ الأولَى مِن صَلَاتىِ الجَمْعَ قَدْرًا تَجِبُ به، ثم طَرَأ عليه العُذْرُ، ثم زال العُذْرُ بعدَ خُرُوجِ وَقْتِهما، وَجَبَتِ الأُولَى، وهل يَجِبُ قَضاءُ الثانيةِ؟ على رِوايَتَيْن؛ إحْداهما، يجِبُ ويَلْزَمُ قَضاؤُها؛ لأَنَّها إحْدَى صَلَاتِىِ الجَمْع، فوَجَبَتْ بإدْراكِ جُزْءٍ مِن وَقْتِ الأُخْرَى، كالأُولَى. والثانيةُ، لا يَجِبُ. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ، لأنَّه لم يُدْرِكْ جُزْءًا مِن وَقْتِها، ولا مِن وقتِ تَبَعِها، فلم يَجِبْ كما لو لم يُدْرِكْ مِن وَقْتِ الأُولَى شيئًا، وفارَقَ مُدْرِكَ وقتِ الثانيةِ، فإنه أدْرَكَ وَقْتَ تَبَع الأُولَى؛ لأنَّ الأُولَى تُفْعَلُ في وقتِ الثانية مَتْبُوعَةً مَقْصُودَةً، ولأنَّ مَن لا يُجَوِّزُ الجَمْعَ في وَقْتِ الأُولَى، ليس وَقْتُ الأُولَى عندَه وقتًا للثانيةِ بحالٍ، ومَن جَوُّز الجَمْعَ