الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ بَعْضُ أصْحَابنَا: حُكْمُ الْمَجْزَرَةِ، وَالْمَزْبَلَةِ، وَقَارِعَةِ الطرِيقِ، وَأَسْطِحَتِها كَذَلِكَ.
ــ
341 - مسألة: (وقال بَعْضُ أصحابِنا: حُكْمُ المَجْزَرَةِ، والمَزْبَلَةِ، وقارِعَةِ الطريقِ وأسْطِحَتِها، كذلك)
لِما روَى ابنُ عُمَرَ، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«سَبْعُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيها، الصلَاةُ؛ ظَهْرُ بَيْتِ الله، وَالْمَقْبَرَةُ، وَالْمَزْبَلَةُ، وَالمَجْزَرَةُ، وَالْحَمَّامُ، وعَطنُ (1) الإبِلِ، وَمَحَجَّةُ الطريقِ» . رَواه ابن ماجَه (2). وقالوا (3): الحُكْمُ في هذه المَواضِع الثلاثة كالحُكْمِ في الأرْبعةِ. ولأن هذه المَواضِعَ مَظَانُّ
(1) في الأصل: «أعطان» .
(2)
في: باب المواضع التى تكره فيها الصلاة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 246. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في كراهية ما يصلي إليه وفيه، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 144.
(3)
أي الأصحاب. وفي م: «وقال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للنَّجاساتِ، فعُلق الحُكْمُ عليها وإن لم تُوجَدِ الحَقِيقَة، كما انتقَضتَ (1) الطهارة بالنوْمِ، ووَجَب الغُسْلُ بالْتِقاءِ الخِتانَيْن. قال شيخُنا (2): والصحِيحُ جَواز الصلاةِ فيها. وهو قول أكثر أهل العلمِ، ويَحْتَمِلُه اخْتِيارُ الخِرَقِيّ؛ لأنّه لم يَذْكرْها، لعُمُومَ قَولِه صلى الله عليه وسلم:«جُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِدًا» . مُتَّفَق عليه (3). واسْتثنِيَ منه المَقْبَرَةُ، والحَمَّامُ، ومَعاطِنُ الإبِلِ، بأحادِيثَ صَحِيحَةٍ، ففيما عَدا ذلك يَبْقَى على العُمُومِ. وحديث ابنِ عُمَرَ يَرْويه العُمَرِي، وزَيْدُ بنُ جَبِيرَةَ (4)؛ وقد تكلِّمَ فيهما مِن قِبَلِ حِفْظِهما، فلا يُتْرَكُ به الحديثُ الصحِيحُ. وأكثر أصحابنا على القَوْلِ الأولِ. ومَعنَى مَحَجَّةِ الطرِيقِ، الجادةُ المَسْلُوكَةُ في السفر. وقارِعَة
(1) في تش: «نقضت» .
(2)
في: المغني 2/ 473.
(3)
تقدم تخريجه في 1/ 34.
(4)
زيد بن جبيرة، المدنِيُّ، قال البُخَارِيّ: منكر الحديث، وقال ابن عبد البر: أجمعوا علي أنَّه ضعيف. تهذيب التهذيب 1/ 401.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّريقِ، التى تَقْرَعُها الأقْدامُ، مِثْلَ الأسْواقِ والمشارِعِ (1). ولا بَأسَ بالصلاةِ فيما عَلا منها يَمنةً ويَسْرَةً، وكذلك الصلاةُ في الطرِيقِ التى يقِل سالِكُها، كطَرِيقِ الأبياتِ اليَسِيرَةِ. فإن بني مَسْجد في طَرِيق، وكان الطرِيقُ ضَيقًا بحيث يَسْتَضِرُّ المارةُ ببِنائه، لم يَجُزْ بِناؤُه، ولا الصَّلاةُ فيه، وإن كان واسِعًا لا يُضِرُّ بالمارةِ، جاز. وهل يُشترَطُ إذْنُ الإمامِ؟ على رِوايَتَيْن. ذَكَرَه القاضي. والمَجزَرَةُ: التى يَذبَحُ فيها النَّاسُ، المُعَدةُ لذلك، ولا فَرْقَ في هذه المَواضِع بينَ الطاهِرِ والنجِس، ولا في المَعاطِنِ بينَ أن يكُونَ فيها إبلٌ في ذاك الوَقتِ أولا، فأما المواضِعُ التى تبِيتُ فيها الإبِلُ في مَسِيرِها، أو تُناخُ فها لِعلْفِها أو وُرُودِها، فلا تُمْنَعُ الصلاةُ فيها. قال الأثرَمُ: سُئِل أبو عبدِ الله عِن الصلاةِ في مَوْضِع فيه أبعارُ الإبِلِ، فرخَّصَ فيه، ثم قال: إذا لم تَكُنْ مِن مَعاطِنِ الإبِلِ، التى نُهِيَ عن الصلاةِ فيها، التى تَأوِي إليها.
(1) جمع مَشرَعة، وهي مورد الماء الذى يُستقى منه بلا رِشاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأما أسْطِحَةُ هذه المَواضِع، فقال القاضي، وابنُ عَقِيل: حُكْمُها حُكْمُ السفْلِ؛ لأنَّ الهواءَ تابعٌ للقَرار، ولذلك لو حَلف لا يَدْخُلُ دارًا، فدَخَلَ سَطْحَها، حَنِث. والصَّحِيحُ، إن شاء الله، قَصْرُ النهْي على ما تَناوَلَه النَّص، وأنَّ الحُكْمَ لا يُعَدى إلى غيرِه. ذَكَرَه شيخُنا (1)؛ لأن الحُكْمَ إن كان تَعَبُّدًا، لم يُقَسْ عليه، وإن عُلل فإنَّما يُعَلل بمظنةِ النجاسَةِ، ولا يُتَخيلُ (2) هذا في أسْطِحَتِها. فأما إن بَنَى على طَرِيقٍ ساباطًا أو جَناحًا وكان ذلك مُباحًا له، مِثْلَ أن يكون في دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ بإذْنِ أَهْلِه، أو مُسْتَحَقًّا له، فلاْ بَأسَ بالصلاةِ عليه. وإن كان على طَرِيقٍ نافِذٍ فالمُصَلى فيه كالمُصَلَّى في المَوْضِع المَغْصُوبِ. وإن كان الساباطُ
(1) في: المغني 2/ 474.
(2)
في تش: «يتحلل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على نَهْرٍ، تَجْرِي فيه السُّفُنُ، فهو كالسَاباطِ على الطَّرِيقِ. وهذا فيما إذا كان السطْحُ حادِثًا على مَوْضِع النهْيِ، فإن كان المَسْجِدُ سابِقًا، فحَدَثَ تحته طَرِيق، أو عَطَنٌ، أو غيرُهما مِن مَواضَع النهْيِ، أو حَدَثَتِ المقْبَرَةُ حَوْلَه، لم تُمْنَع الصلاةُ فيه، بغيرِ خِلاف؛ لأنه لم (1) يتْبَعْ ما حَدَث بعدَه (2). وذَكَر القاضي فيما إذا حَدَث تحتَ المَسْجِدِ طَرِيق وَجْهًا في كَراهَةِ (1) الصلاةِ فيه. والأولُ أوْلَى. فأما إن بُنِىَ مَسْجِدٌ في مقبَرَةٍ بينَ القُبُورِ، فحُكمُه حُكْمُها؛ لأنَّه لا يَخْرُجُ بذلك عن أن يكُونَ في المَقْبَرَةِ، وقد روَى قَتادَةُ أنَّ أنَسًا مَرّ على مَقْبَرة، وهم يبْنُونَ فيها مَسْجِدًا، فقال: كان يُكْرَهُ أن يُبْنَى مسجدٌ في وَسَطِ القبُورِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «عنده» .